زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)
الحوار المتمدن-العدد: 8480 - 2025 / 9 / 29 - 16:42
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تدور هذه المرة حول الحكمة في التعامل مع القوة و وجوب احترامها.
احترام القوة يُعد من حكمة العقل، وليس من الجبن أو الجهل.
لأن العقل الحكيم - في تقديري - يُدرك جيداً بأن القوة ، حين تكون واقعية ، وفاعلة مؤثرة ، لا يمكن تجاهلها ، أو تحديها بلا وعي ، أو التصدي لها دون استعداد مماثل .. ويعي بوضوح بأن الصدام المباشر مع القوة (علمية - حضارية - اقتصادية ) قد يكون انتحاراً فكرياً أو هلاكاً وجودياً ، لا رجعة منه ، ولا إمكانية وجود فرصة للندم عليه ..
لهذا أنا أرى ، من الواجب على العقل الحصيف ، ألا ينكر وجود القوة ، بل التعامل معها بذكاء و حنكة :
إما بالتحالف معها، أو بتحييدها، أو بتجنب الصدام معها حتى يحين الوقت المناسب..
وحتى إن لم يأت هذا الوقت - فلابأس ان نتقبل الواقع وقوانين مجراه الموضوعية - لانه بالتأكيد سيكون حالا افضل ، من الفناء تماماً ، أمام جبروت القوة ..
لكن في المقابل ، القول بإحترام القوة ، لا يعني الخضوع لها، بل يعني فهم حدودها وتأثيرها ، واختيار المواقف بناءً على تقدير عقلاني للنتائج.
وقديماً قيل :
"العاقل من عرف قدره ولم يتعد طوره"، و " إحذر من إذا قال فعل..
وهذا القول يشير بوضوح ـ إلى أنّ العقل الراجح ، لا يجب عليه أن يتهور في مواجهة من يفوقه قوة و علماً وحضارة ، بل عليه - بالدرجة الاولى ان يقر بجهله وحدوده ، و أن يتعلم منه ـ أن يفكر ، أن يزن الأمور بحكمة ,,, وإلا ستكون العواقب و خيمة .. و ربماً أكثر.
بعبارة أخيرة :
أنا أوقن جيداً ، بأن احترام القوة وفهمها ، هو نوع من الإدراك الواقعي ، لحيثيات الواقع الموضوعي ، وموقف حكيم نابع عن قوة فهم وجدارة،
وليس طبعا ناتجاً من الضعف والجبن ، أو الخنوع و الخذلان.. كما يطيب لبسطاء الفهم ان يروه دائماً .
وتقديرات المخاطر بموضوعية ، هي المزيّة الأهم التي تميز الانسان العاقل عن المتهور. .
والعقل الذي يرفض الاعتراف بحدوده ، يُشبه من يقفز في الظلام متوهماً بأهداب النور المتخيل له.. أما الحكيم، فهو من يُنير الظلام ببالدرس و الفهم ، لا بالاندفاع أو الحماسة العمياء .. وهو من يُدرك تماماً ، أن بعض المعارك تُخاض بالفكر والعلم والحكمة لا بلاعنف أو ارهاب السيف.
ولقد صدقَ المُتنبّي حين قال :
الرّأيُ قَبلَ شَجاعةِ الشّجْعانِ.. هُوَ أوّلٌ وَهيَ المَحَلُّ الثّاني
فإذا همَا اجْتَمَعَا لنَفْسٍ حُرّةٍ .. بَلَغَتْ مِنَ العَلْياءِ كلّ مكانِ
zakariakurdi
#زكريا_كردي (هاشتاغ)
Zakaria_Kurdi#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟