زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)
الحوار المتمدن-العدد: 8548 - 2025 / 12 / 6 - 22:29
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هل بدأت " حضارة ما بعد الإنسان" .؟!
-----------------======------
- أنْ تضغط على زر آلة القهوة كي تصنع لك في وقت محدد ، فنجان الاسبريسو المفضل لديك، فهذا هو "تعليم الآلة" ، أي نمط وفعل آلي محدد مسبقاً ( زر يضغط → نتيجة ثابتة).
- اما أنْ تراك الآلة مقبلاً نحوها ، فتدرك من تلقاء نفسها، أنك بحاجة لفنجان من القهوة، ثم تصنع لك مباشرة الفنجان المحبب لديك ، فهذا هو " الذكاء الأصطناعي "، أي تجاوز نمط ما سبق ، وذلك في قراءة السياق والحال ومن ثم الاستجابة له ( رؤيتك مُقبلاً → استنتاج حاجتك للقهوة). ..
- أمّا ان تقرر الآلة بذاتها ، وبناءاً على نبرة صوتك و قراءة حالك ومؤشرات جسدك ، أن القهوة باتت مناسبة أو ليست مناسبة لك الآن ، فهذا هو " الذكاء الاصطناعي التوليدي " أي خلق استجابة جديدة تماماً ، غير مبرمجة مسبقاً ، تمت بناءً على تحليل تراكمي معقد لمؤشراتك الجسدية والعاطفية (نبرة الصوت، الحالة، الإيماءات).
الجديد هو أن هذا الذكاء صار واقعا الآن ، وسيتطور وينتشر أكثر في العام القادم 2026 .
فهل انت مدرك عزيزي الإنسان لأهميّة ذلك ، وخطورة ما يحصل في العالم .. ؟ّ!
- طبعاً ، المقصود بالأهمية هنا ، يكمن في أن الذكاء الاصطناعي التوليدي، لم يعد يكتفي بالتنفيذ أو التنبؤ ، بل بات يخلق " قرارا جديدا " لم يكن موجوداً أصلاً في قاعدة بياناته ، وهذا يفتح الباب أمام أنظمة قادرة على التفاعل معنا بطرق أكثر إنسانية ومرونة . . ..
- لكن هذا التطور الخطير المتوقع أنتشاره أكثر فأكثر ، يعني أننا سنرى قريبا جداً تطبيقات له ، تتجاوز مجرد المساعدة التقنية إلى "شراكة معرفية وعاطفية" مع الإنسان ، سواء في التعليم ، الطب ، أو حتى الفن والإبداع..
وهو ما يضع العالم الإنساني أمام تحديات أخلاقية وفلسفية وأسئلة مستقبلية مصيرية جادة :
- من سيملك القرار النهائي؟! الآلة أم الإنسان؟!
- كيف نضمن أن هذه القرارات لا تُستخدم للسيطرة أو التلاعب أو ..؟!
- هل سيصبح الذكاء الاصطناعي شريكاً في تشكيل ذوقنا ووعينا الجمعي؟!
قصارى القول : في تقديري الشخصي الأولي غير الجازم
هذه النقلة العلمية المذهلة والخطيرة، ليست مجرد نقلة تقنية فقط ، بل نقلة حساسة للغاية، تمس وتتدخل في "بنية الوعي والسلطة "، حيث أنّ الآلة دخلت واقعيا - ولأول مرة في تاريخ وجودنا - و تستوطن في مساحة هامة للغاية ، كانت - حتى أمد قريب - حكراً على الكائن الكربوهيدراتي المسمى " الإنسان" :
ألا وهي مساحة " الحكم على ما هو مناسب أو غير مناسب لنا. ما يجب أو لا يجب .
أعتقد لقد آن الاوان لعقلاء الفكر والفلاسفة ان يتساءلوا :
إلى أين نحن ماضون يا ترى ؟.
zakariakurdi
#زكريا_كردي (هاشتاغ)
Zakaria_Kurdi#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟