زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)
الحوار المتمدن-العدد: 8548 - 2025 / 12 / 6 - 00:03
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
" الناس على دين ملوكهم"
--------------------------
هو مثلٌ شائعٌ للغاية ، و يعني أن شعوب الدول بعامة ، غالبًا ما تتبع ثقافة وعادات و عقائد أو مذاهب و مبادئ قادتهم أو قاهريهم من الحكام .
وهو الأمر الذي أشار له علم النفس الاجتماعي ، ونوّه إلى تأثير السلطة أو القيادة القاهرة على تصرفات واعتقادات الشعب المقهور ، هو أمر بيّنٌ ، لا مراء فيه ..
أما عن قصة هذا المثل في الحقيقة ، فهي تعود إلى العصور القديمة، حيث كان الملوك والأمراء و الحكام يتمتعون بسلطة مطلقة ، و تأثير بالغ و كبير على شعوبهم الموالية لهم عن عماء ـ وتبعية منقطعة النظير .
و عليه فقد كان الحاكم إذا ما تبنى دينًا أو مذهباً معينًا ، أو تبع عادات جديدة أو مال إلى تقاليد خاصة ، فإنه غالبًا ما يسعى إلى نشر وتكريس هذه القيم المستحدثة بين الناس، بأساليب عديدة ..
سواء كان ذلك من خلال سياسات حكومية، تعليمات دينية، أو حتى عبر الاحتفالات والمناسبات. وتكون سهول المهمة بقدر جهل وولاء الناس أو طاعة وخوف العامة ..
والمثال التاريخي الواضح على ذلك ، كان في تحول الإمبراطور قسطنطين إلى المسيحية في القرن الرابع الميلادي، والذي أدى إلى انتشار المسيحية بشكل واسع في الإمبراطورية الرومانية ذات الرعية الوثنية آنذاك .
ولو أردنا مثلا معاصرا لهذا المأثور القديم ، يكفي أن ننظر الى التحولات الاجتماعية الفكرية في الدولة السعودية ..
وهناك أكثر من مثال، يجري الآن اعداده في اكثر من منطقة في العالم ، سيبرز لنا قريباً أكثر فأكثر ، المعنى الجلي لهذا المأثور الرائع ،
وسيظهر للعيان سرعة تكيّف الجمهور ، و كيفية تأثير السلطة الحاكمة على سلوكيات وأفكار ومعتقدات المجتمع المحكوم بنزعاته الى حب البقاء والرغبة في العيش ، بلا أية ذاكرة وعي أو إكتراث بما تغير ..
وأخيرا :
هذا المثل يرفع بلا شك - كثيرا من العتب و الملامة التاريخية عن كاهل تلك الشعوب المقهورة بالراعي والحاكم أو القاهر الجديد .
كما انه - وأقصد المثل - لا يخصُّ أمةً بعينها ، بل يعبر عن عموم الشعوب التي يتفشى بها القسر والجهل و بلاء العاطفة أو وباء التقديس والولاء الأعمى ..
وهو ما رآه رهين المحبسين يوماً ، حين تأوه بحكمته قائلاً :
الدهر كالدهر والأيام واحدة ... والناس كالناس والدنيا لمن غلبا
zakariakurdi
#زكريا_كردي (هاشتاغ)
Zakaria_Kurdi#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟