أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طبله - من وهم التمثيل إلى ضرورة القطيعة















المزيد.....

من وهم التمثيل إلى ضرورة القطيعة


علي طبله
مهندس معماري، بروفيسور، كاتب وأديب

(Ali Tabla)


الحوار المتمدن-العدد: 8569 - 2025 / 12 / 27 - 00:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




تمهيد لا بدّ منه

حين نكتب نقدًا علنيًا من داخل الحزب، فنحن لا نمارس ترف الاختلاف، بل نؤدي واجبًا سياسيًا وأخلاقيًا. الرد على مقالة الرفيق الدكتور ماجد الياسري المنشورة في طريق الشعب ليس خلافًا شخصيًا، ولا تنافسًا على تفسير النتائج، بل اشتباكًا ضروريًا مع منهج كامل في قراءة التجربة الانتخابية بعد 2003، ومع افتراضات لم يعد الزمن يسمح بتركها بلا مساءلة.

نبدأ من نقطة جوهرية غالبًا ما يُتحاشى التصريح بها:
الشيوعيون محبّون للحياة، لا عشّاق موت ولا هواة سجون ولا مهووسي خيبات.
القول بذلك ليس دفاعًا نفسيًا، بل تأسيسًا نظريًا. لأن الشيوعي الذي يقدّس الخسارة، أو يتعايش معها بوصفها قدرًا أخلاقيًا، يفقد شرط الإبداع السياسي. نحن ندرس، نشكّك، ننتقد، وننقض—حتى نصل إلى يقين عملي واحد: التجديد ليس خيارًا، بل حتمية.

أولًا: في المسار لا في النتيجة

تتعامل مقالة «حصاد 2025» مع الانتخابات بوصفها محطة تقييم، بينما المشكلة الحقيقية ليست في المحطة بل في المسار الممتد منذ 2003.
فمنذ ذلك التاريخ لم تتشكل فقط سلطة سياسية جديدة، بل تشكّل نمط إنتاج سياسي–اقتصادي ريعي أعاد بناء المجتمع على أسس زبائنية، وفتّت البنى الطبقية التقليدية، وأنتج ما يمكن تسميته بـ الطبقة المشوّهة: لا عمال بالمعنى الماركسي، ولا برجوازية وطنية، بل خليط واسع من موظفين ريعيين، وعمال خدمات غير منتظمين، ومهمشين خارج الإنتاج، يعيشون جميعًا على هامش دورة إنتاج حقيقية.

هنا يجب أن نكون واضحين بلا مواربة:
لا توجد في العراق اليوم طبقة عاملة مكتملة الشروط.
وهذا ليس نفيًا لوجود عمّال، بل نفي لوجود طبقة واعية بموقعها في الإنتاج، منظَّمة، قادرة على الفعل الجماعي المستقل. إنكار هذه الحقيقة هو أول أشكال التضليل الذاتي.

ثانيًا: نفي الطبقة العاملة ليس تشاؤمًا، بل شرط سياسة
في اقتصاد ريعي استهلاكي، حيث:
الإنتاج الصناعي شبه غائب،
الزراعة مهمَّشة ومفككة،
وسوق العمل محكوم بالوظيفة الحكومية والوساطة،

لا يمكن الحديث عن طبقة عاملة بالمعنى التاريخي–الماركسي، بل عن قوى عمل مبعثرة، يجري استيعابها أو تحييدها عبر الرواتب والمخصصات والاستهلاك.

وحين نخاطب هذه الكتل بخطاب يفترض وجود طبقة عاملة جاهزة للتمثيل السياسي، فإننا نمارس إسقاطًا نظريًا لا قراءة للواقع. وهذا الخلل ينعكس مباشرة على الاستراتيجية الانتخابية: نذهب إلى صندوق الاقتراع وكأننا نمثل قوة اجتماعية متماسكة، بينما نحن في الحقيقة نخاطب مجتمعًا مُعاد تشكيله نفسيًا واجتماعيًا على قاعدة الريع والخوف وتفادي المخاطر.

ثالثًا: ما كان مقدّرًا لنا … ولماذا؟

من هنا نصل إلى الاستنتاج الذي يجب قوله بوضوح، لا همسًا:
ما كان مقدّرًا لنا أن نفوز به، في أحسن الأحوال، هو مقعد أو مقعدين.
وهذا ليس تقليلًا من الجهد، ولا إنكارًا للإخلاص، بل توصيفًا لميزان قوى لا يرحم الأمنيات.

الأخطر من محدودية النتيجة هو الثمن السياسي:
الدخول—موضوعيًا—تحت سقف قيادة بديلة داخل العملية السياسية، قيادة تمتلك المال، والنفوذ، والإعلام، وتفرض شروط اللعبة وحدودها. في مثل هذا السياق، يتحول المقعد البرلماني من أداة صراع إلى قيد سياسي، يفرض خطابًا مقبولًا، ويُجرّم الخروج على الإجماع السائد باسم “الواقعية”.

رابعًا: الانتخابات أداة … لا مركز الكون

في اللينينية، البرلمان ليس مركز السياسة، بل ساحة ثانوية تُستخدم حين تخدم مهمة أكبر.
ما حدث في مسارنا هو العكس: تحولت الانتخابات إلى مركز الفعل، والحملة إلى ذروة النشاط، والتنظيم الاجتماعي إلى هامش مؤجل.

بهذا التحول، لم نعد نسأل:
هل تخدم المشاركة بناء قوة اجتماعية؟
بل: كيف نُحسّن نتائج المشاركة؟

وهذا انقلاب في المنهج، لا مجرد خطأ تكتيكي.

خامسًا: شروط الدخول … لا تبرير الدخول

الرد على «حصاد 2025» لا يكتمل من دون طرح السؤال الذي غاب عنها: بأي شروط ندخل الانتخابات؟

الدخول، منفردين أو متحالفين، لا يكون مشروعًا سياسيًا إلا إذا سبقته:
قاعدة اجتماعية حقيقية في مواقع العمل والخدمات،
برنامج اقتصادي–اجتماعي محدد، لا أخلاقيات عامة،
قدرة على تسمية الخصوم الطبقيين وآليات الهيمنة بالوقائع والأسماء.

من دون ذلك، تصبح المشاركة طقسًا حزبيًا لا أداة تغيير.

سادسًا: التحالف … مع من ولماذا؟

التحالف ليس قيمة بحد ذاته، ولا يصبح “تقدميًا” لأنه جبهوي في الاسم.
المعيار الوحيد المقبول هو: خدمة مصالح العمال والفلاحين بوصفهم قوى محتملة، لا جماهير انتخابية.

أي تحالف:
بلا برنامج مكتوب،
بلا آليات إدارة واضحة،
وبلا تحديد لمن يقود ومن يلتزم،

هو تحالف يُنتج تبعية، مهما حسنت النيات.
اللينينية لا تبحث عن أوسع تحالف، بل عن أدق تحالف يخدم مهمة محددة.

سابعًا: متى يكون الامتناع موقفًا سياسيًا؟

في ظروف معينة، يصبح تجنّب الدخول إلى الانتخابات موقفًا سياسيًا مشروعًا، لا هروبًا.
حين:
تغيب الشروط الطبقية والتنظيمية،
تتحول المشاركة إلى غطاء لتجميل نظام ريعي،
ويصبح المقعد ثمنه تمييع الخطاب والبرنامج،

فإن الامتناع المعلَّل، المصحوب ببناء قوة اجتماعية بديلة، يكون أكثر راديكالية من مشاركة شكلية.

ثامنًا: العوامل النفسية–الاجتماعية المغيّبة

المجتمع الذي نخاطبه اليوم ليس مجتمع 1960 ولا حتى 1990.
إنه مجتمع:
تعلّم تفادي الخسارة قبل البحث عن التغيير،
طوّر لا مبالاة دفاعية،
واستبدل السياسة بالنجاة الفردية.

هذه البنية النفسية–الاجتماعية لا تُخترق بخطاب هادئ فقط، بل ببرنامج يربط بين:
العيش، والعمل، والأمان، والكرامة.
من دون هذا الربط، يبقى خطابنا صحيحًا نظريًا، ضعيف الأثر عمليًا.

خاتمة: القطيعة بوصفها شرط التجديد

الرد على «حصاد 2025» لا يهدف إلى تحسين تقييم انتخابي، بل إلى فتح قطيعة واعية مع مسار أثبت حدوده.
لسنا مطالبين بتجميل الخسارة، ولا بتبرير المشاركة، بل بـ إعادة تعريف السياسة الشيوعية في دولة ريعية، بلا طبقة عاملة مكتملة، وبلا إنتاج.

اللِّينينية هنا ليست شعارًا، بل حكمًا صارمًا:
السياسة تُقاس بقدرتها على تغيير ميزان القوى، لا بعدد المقاعد.

ومن دون هذه القسوة النظرية، سنبقى نكتب “حصادًا” بعد كل دورة،
ونتساءل—بدهشة مصطنعة—لماذا بقي المخزن فارغًا.



#علي_طبله (هاشتاغ)       Ali_Tabla#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوية بين الأصالة والدونية
- الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح ...
- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ...
- إعادة قراءة تشكيكية نقدية تجديدية للوثائق التأسيسية الثلاث ف ...
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ...
- الوثيقة الثالثة: تشخيصُ السيادة والدين والطبقة في عراق ما بع ...
- الوثيقة الثانية: تشخيصُ الأزمة ومساراتُ العمل
- تشخيصُ الأزمة ومساراتُ العمل
- ماذا يريد الشيوعيون؟
- الوثيقة المركزية لإعادة التأسيس الشيوعي في العراق - يا شيوعي ...
- لماذا خسر الحزب؟ وما الذي يجب فعله الآن؟
- العودة إلى الطبقة: في إعادة تأسيس الحركة الشيوعية العراقية د ...
- أوقفوا الإبادة فورًا: الشعب الفلسطيني يقرر
- الاعتراف الغربي بدولة فلسطين و”مشروع ترامب للسلام”: تحليل ما ...
- التراث في الفكر العربي الحديث: قراءة ماركسية نقدية
- من هو عدونا؟ سؤال طبقي لا طائفي
- قراءة ماركسية تجديدية في صناعة الكراهية وتغييب الوطنية
- الطبقة العاملة العراقية – تحديات الوجود وأفق التغيير
- هيمنة الرأسمالية المالية في العراق
- الانتخابات والتحالفات في العراق – من الاحتلال إلى اللا-دولة


المزيد.....




- الصومال ردا على اعتراف إسرائيل بـ-صومالي لاند-: -لن نقبل أبد ...
- إصابة ثلاث نساء بجروح في عمليات طعن في مترو باريس وتوقيف مشت ...
- فنزويلا تُفرج عن 99 محتجزًا شاركوا في احتجاجات ضد إعادة انتخ ...
- إسرائيل تعترف بأرض الصومال.. وعاصفة رفض عربية تهدد التوازن ف ...
- كأس الأمم الأفريقية: التعادل السلبي يحسم مباراة زامبيا وجزر ...
- تركيا تعلن نجاح أول اختبار لطقم توجيه مجنح محلي الصنع
- إنقاذ نحو 400 مهاجر قبالة سواحل جزيرة يونانية
- 2025 في غزة.. شهداء ومجاعة ونزوح وانتظار الانفراجة
- عائلة أميركية تقاضي شركتي طيران بعد إصابتها ببقّ الفراش على ...
- محاولة تسميم بقرة في المغرب.. محاكمة مواطن بالسجن لمدة سنة م ...


المزيد.....

- الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح ... / علي طبله
- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طبله - من وهم التمثيل إلى ضرورة القطيعة