أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ندى مصطفى رستم - ظلال في فنجان














المزيد.....

ظلال في فنجان


ندى مصطفى رستم

الحوار المتمدن-العدد: 8568 - 2025 / 12 / 26 - 09:49
المحور: الادب والفن
    


في مساء خريفي هادئ، جاءت صديقتي إلى منزلي، وكان الاضطراب يتسلل من عينيها قبل أن تتكلم. استقبلتها بابتسامة وصمت، ثم قدمت لها فنجان قهوة علّه يهدهد ذلك التوتر المتشابك في ملامحها.
نظرت إلى الفنجان بقلق، وهمست: "أخاف أن أشرب... ليس من القهوة، بل مما قد يكشفه قاع الفنجان. لدي عادة سيئة، أقلب الفنجان بعد آخر رشفة، وأبدأ بالدوران والتأمل في الطين الساكن."
سألتها بدهشة: "وهل قرأ لكِ أحد الفنجان؟"
أجابت: "جارتي... تلك التي تسكن إلى يسار شقتي. قرأتني وكأنها تعيش معي. وصفتني، ووصفت مَن في قلبي بدقة مرعبة. شعرت كأنها تراقبني من ثقب في الجدار."
حاولت التخفيف عنها، ضحكتُ وقلت: "لا تأخذي الأمر بجدية، مجرد خرافات. اشربي قهوتك بسلام."
جلسنا أمام النافذة الكبيرة. كان الخريف الأوروبي يُلقي بظلاله الصفراء على الشارع. ومع نسيمه العذب، بدا وجهها متعبًا كأنها لم تنَم منذ زمن.
بدأت أروي لها قصة من خيالي، ادعيت أنها لي، فقط لأُخرجها من أفكارها.
قلت: "أنا عاشقة. لا أحد يعلم. حتى أنا لا أجرؤ على مواجهة نفسي. أحب شخصًا لا يمكن أن يكون لي."
تغيرت ملامحها. قالت: "أكملي... كأنكِ تحكين حكايتي."
ابتسمت: "لي جارتي، طلبت أن تقرأ فنجاني. أخذته بثقة وبدأت تصف رجلاً كأنه خرج من أعماقي. لم أقل لها شيئًا، لكن قلبي كان يصرخ: نعم، إنه هو."
سكتُّ قليلاً، ثم لمحتُ دموعًا تترقرق في عيني صديقتي. همست: "هذه قصتي... هو أغضبني منذ أسبوعين، دون سبب. تركني أتخبط وحدي."
أمسكت بيدها وقلت: "كنت أمزح... القصة ليست حقيقية."
هزت رأسها، وأجابت: "لكنها حقيقية. سأكملها لكِ."
وبدأت تحكي...
"أنا عاشقة له. حاولت أن أضع حواجز من البداية، وكان يفهمني. كنا ندرك أن علاقتنا محفوفة بالمستحيل. لكننا نسينا كل شيء، وانغمسنا في بعضنا. الناس بدأت تتحدث، تهمس، تفسر. أصبحنا عبئًا على عقولهم الصغيرة.
كلما ازداد الكلام، ازداد وجعنا. حاولنا إعادة ترتيب العلاقة، لكنني سمحت له بالتوغل أكثر. لم أردعه، ونسيت أنني أدخله مستنقعًا لا يرحم. وعندما حاولت تنبيهه، انفجر غضبًا... وقال كلمات كسرتني. غادر دون أن يلتفت."
صمتت الغرفة، وانهار الكلام. سألتني فجأة: "هل الحب مؤلم إلى هذا الحد؟"
لم أجد جوابًا، فقط نظرت إليها. همستُ: "ربما لم أعرف الحب أبدًا."
ضمّتني وقالت: "سيزورك الحب، لكن لا تسمحي لأحد أن يقرأ فنجانك... فقد يتناثر الحب قبل أن يكتمل
من خلف الجدار
أنا الجارة التي تهمسون عنها. لا أضع منظارًا، لكنني أرى. الأصوات تُعلمني، والسكون يهمس لي.
هي تظن أنني قرأت فنجانها... لكن الحقيقة؟ كنت أقرأ وجهها، ملامحها، ارتجاف يدها، وصمتها الممتلئ.
حين وصفتُ من تُحب، لم أكن أتخيل. كنت أراها تنظر إلى اسمه بين سطور الصمت. لم أكن أعبث... فقط حاولت أن أقول لها ما كانت تخشى الاعتراف به.
أنا مررت بهذه القصة، منذ سنوات... فنجان لم يُقلب، وقلب لم يُنسَ.
في مساء آخر، سمعت طرقًا خفيفًا على بابي. فتحت، فوجدتها واقفة، وفنجان في يدها... غير مقلوب.
قالت: "أريدك أن تقرئي ما لم يُكتب."
نظرتُ إلى عينيها، ثم إلى الفنجان، وابتسمت: "لن أقرأه... القهوة لم تعد تُجيد الحكايات."
فهمت. جلست بهدوء، وضعت الفنجان أمامي، وقالت: "إذن، احفظيه كما هو... شاهدة على ما كان، لا على ما سيكون."
جلست هناك، تراقب الظلال في قاع الفنجان، كأنها تبحث عن قلبها... أو ربما عن قلبي أنا.



#ندى_مصطفى_رستم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سبع سنوات يا أمي…
- سوريا، بلد الاختصاصات القاتلة!
- صرخة في العدم / حين تُقتل النساء مرّتين
- ولادة من الهامش
- سجينة مزحة!...
- صندوق اسراري...!
- صندوق اسراري..!
- القلب مسكنك
- متْ قاعد
- نص بحاجة للعنوان!
- للسوريين اشتياقهم
- اليوم العالمي للاجيئن
- هي والأغبياء
- متحف لأظافر طاهره!
- متحف الأظافر!
- رحيل بلا دموع
- دعني!
- إلى مصور!
- كابوس
- كاميرا


المزيد.....




- وفاة محمد بكري، الممثل والمخرج الفلسطيني المثير للجدل
- استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة
- جدل حول إزالة مقبرة أمير الشعراء وسط مخاوف على تراث القاهرة ...
- بدون زينة ولا موسيقى.. السويداء تحيي عيد الميلاد في جو من ال ...
- شانلي أورفا التركية على خريطة فنون الطهي العالمية بحلول 2029 ...
- ريهام عبد الغفور.. صورة الفنانة المصرية تحدث جدلا ونقابة الم ...
- زلزال -طريق الملح- يضرب دور النشر في لندن ويعيد النظر إلى أد ...
- الكوميدي هشام ماجد: أنا ضد البطل الأوحد وهذا دور والدتي في ح ...
- فنان هندي يصنع تمثالًا لبابا نويل باستخدام 1.5 طنًا من التفا ...
- مكتبة الحكمة في بغداد.. جوهرة ثقافية في قبو بشارع المتنبي


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ندى مصطفى رستم - ظلال في فنجان