أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ندى مصطفى رستم - صندوق اسراري...!















المزيد.....

صندوق اسراري...!


ندى مصطفى رستم

الحوار المتمدن-العدد: 7958 - 2024 / 4 / 25 - 08:20
المحور: الادب والفن
    


ما أجمل أن يكون لك شخص
أمين وصادق ولا يبوح بحكاياتك فتفرغ ما بجعبتك من أوجاع وتروي المواقف التي صادفتك دون حرج فهو يمتاز بصفة المستمع الجيد، وملامحه دوما مبتسمة ويتملكني شعور بالأمان . لدي صور كثيرة من طفولتي، أتذكر إحدى الصور أنني كنت دوما أنتظره أمام الباب وأرتمي على صدره وأمسك رقبته وأبدأ بالكلام وندخل إلى البيت ونظرات أمي تلاحقنا تشير لي أن أتركه لكي يرتاح ، أبتسم وأنا متجاهلة إيماءاتها وأقول له تعال بسرعة ندخل الغرفة التي بها المسجل لكي أحكي لك حكاية، اليوم كان حريصا على أن يسجل أصواتنا وكنا مازلنا لا ننطق بشكل جيد، لتبقى ذكرى لنا ويقول: هل أنت جاهزة ندوشتي؟
أبتسم له وأبدأ بالكلام وبين الكلمة والكلمة أُذكّره، هل فتحت المسجل !!؟ وأحيانا لا يوجد أحداث جديدة، فألجأ إلى خيالي المحمل بقصص غريبة عجيبة فيقول مندهشا: كل هذا حدث اليوم!!؟نعم بصراحة أطيل بالكلام لكي لا ينشغل بأحد، إلا أنا فقط! أخي علي أصغر مني يدخل الى الغرفة أحيانا ويحاول أن يلفت نظره و يبدأ بالكلام ألتفت وأمسك ذقنه وأقول أخي صغير لا يتقن الكلام ، أنا سأشرح لك . ومع الزمن أصبحت بعمر الثامنة اختفى من البيت فسألت: أين صندوق أسراري؟ فقالوا: الغول حجزه بأعلى الجبل! سبق حدثتكم أن هناك غولا لا يرحم، كنت أعد الأيام على أمل أن التقي بأبي لأن الحكايات كثرت وأسأل نفسي كم من الوقت يلزمني لكي أحكي كل القصص ، وبعد مدة من الزمن أخيراً سمح لنا الغول بزيارته وللأسف تغيرت ملامحه بدا لي نحيلا جدا أنظر إليه باندهاش، لم أصبر تجاوزت الشرطي وارتميت بحضنه وإذ بعظامه أصبحت بارزة أتلمسها بحذر وعيناي محدقة به رأسي يؤلمني من التساولات كثيرة لماذا أنت هنا !؟؟ كيف أخذوك مني دون أن أعلم !!؟؟ ماذا فعلوا بك لكي تبرز عظامك هكذا!؟؟؟ هل أنت حبيب الروح ؟!!! لماذا غبت عني!!؟ و....و....و وإذ بصوت خشن له أذرع طويلة امتدت نحوي ونزعتني من حضنه قائلا: اجلسي هناك ولا تقتربي منه . فكنت مصدومة لأنها المرة الأولى يتجرأ أحد على إبعادي عنه ألا يعلم ماذا أكون له!!!؟ . إلا أن إصراري بالاقتراب ولمسه مرة اخرى وبلمح البصر ركعت أمام قدميه وأنا أنظر مذهولة غاب الكلام عني للحظات ويده تداعب شعري فقال تكلمي يا أميرتي التفتّ للوراء وإذ صاحب الذراع الطويل قد غادر الغرفة لبرهة وبدأت أحكي كعادتي ولكن دموعي لا تتوقف وأحاول جاهدة ان أضحك لكي لا يحزن، فقال: حبيبة القلب يافتاتي الجميلة أنت قوية ولا تقلقي وكلما ضاق بك الحال ماعليكي إلا أن تغمضي عينيكي وتتحدثي بما يزعجك ويفرحك وسوف يصل كلامك لي عبر النافذة فزنزانتي بها نافدة صغيرة فقط لحكاياتك سألته أمتأكد أن كل الحكايات ستصلك؟!! وهل سترسل لي جوابا !؟ فقال لي سأكون معك وأدعمك دون أن يراني أحد لأنك جزء من روحي ولكن أطلب منك ياصغيرتي ألا تكوني عنيدة استمعي لأمك لأنها الوحيدة ستشرح لك كيف أريد ابنتي أن تكون وفعلا طوال غيابه كنت أدخل غرفتي وأغمض عيني كما أوصاني وأبدأ بالحديث عما يزعجني ومن ثم أقول ما الذي يفرحني ولكن أحزاني كلما طال غيابه تكبر يوم عن يوم إلى أن تحرر من قيود الغول وأصبح أمامي ألمسه وأعانقه دون خوف من المكان المعتم الممتلئ بالعساكر المخيفة وكلما سمحت لنا الفرصة نتمشى على الطريق الزراعي وأقول له: هل حقا وصلت رسالتي لك بالتاريخ واليوم؟ يبتسم كعادته يقول ذكريني لأن حكاياتك كثيرة وأنا كبرت يا ابنتي ذاكرتي ضعفت. أقول له لا عليك سأحكي لك ماذا حدث في ذاك اليوم وكل يوم، وعندما نتعب يعانقني ويقول علينا أن نعود قبل ما تغضب أمك، كنت سعيدة جدا لأنه كان أكبر سند وأرقى أب وأروع صديق فأصحابي يبدو عليهم الاستغراب عندما أحدثهم عن علاقتي القوية مع والدي أرى بعيونهم أنهم غير مصدقين كنت أقول لهم يمكنني أن أشارككم به ولكن أنا الوحيدة المتربعة بقلبه وبصراحة سجنه لم يكسرني بل بالعكس، كنت أفتحر أنه صاحب مبدأ فهو الأقوى وقوته تنعكس علينا كلنا وخاصة أنا .
وفي عام 2014صدر قراره دون نقاش يجب أن أغادر البلاد خوفا من ابن الغول الذي لا يرحم كأبيه، غيّب الكثير من أبناء شعبي منهم بالسجون أو يالقبور أو أو تركوا بلاد قسرا مثلي فقط لأننا نادينا بالحرية والعيش بكرامة وسلام
ويوم 3.5.2014 نفذت أمره وأنا كلي أمل بالعودة وكان تواصلنا عبر وسائل الإنترنت فهو الوحيد يعطيني الأمل والعزيمة بالبقاء وعادتي لن تتغير أفضفض له همومي وهموم أولاد بلدي بصراحة عندما أكون معه أشعر بأنني مازلت ندى الصغيرة وأستعيد معه كلمات والدتي، عندما تكون غاضبة مني إحدى عباراتها: ندى انتبهي لا تنسي نفسك لم تعودي طفلة أصبحت أم !!! أقول لها حقا كبرت !!! لا أظن عندما يكون معي والدي أعود ندى بعمر خمس سنوات أرجوك يا أمي فوالدي مختلف عن الآباء وأنا لا أخشاه أتحدث إليه بكل المواضيع دون ارتباك وهو الوحيد في العالم يفهمني وسعيد بحكاياتي لا تقلقي هو سعيد بي وأدرك كلامك ياأمي فأنت حريصة على راحته وخاصة أثناء زيارته بالسجن المدة قصيرة أقل من ستين دقيقة ، أذكر بإحدى الزيارات كان يقول لك أرجوك يانجاة: دعي إبنتنا تتحدث على راحتها ولما سمعت جملته ابتسمت ابتسامة تحمل إشارة إحذروا جميعا انا فقط يسمح لي بالتحدث على راحتي ليعلم الجميع. وعندما التقي بالاصدقاء بالمدرسة او بالحارة أحكي لهم عن والدي وأقول كلما يضيق بي الحال الجأ إليه فهو صديق وفيّ يمنح الثقة و يمكنني أن ان أطرح عليه أي موضوع دون أن أخجل منه كانوا لا يصدقون وعندما كبرنا تأكدوا من كلامي عندما جاءوا لزيارته بالبيت وفضفضوا أوجاعهم مطالبين مساعدته وفعلا وجد لهم الحلول لكي يستمروا بالحياة بسلام وكان يؤكد علينا إيكم جميعا ارحصوا على الصدق لان حبل الكذب قصير ويرميكم للهلاك .
وبتاريخ 13.7.2015 وصلت الى أولادي وأصبحت بعيدة جدا عنه فغصة البعد مؤلمةوتاريخ والعودة غير معلومة للاسف رغم كل هذا عندما أتواصل معه لا أحب أن أكبر رغم أنني أصبحت جدة الآن.
كانت أمي تصفه بالسهل الممتنع، كم هو أب عظيم لدرجة أنه كان حريصا أن يتركني على راحتي قائلا : عندما تحتاجينني يا ندى ولديك رغبة بالتواصل لا تترددي من أجمل ما حصل أنني كنت أخفي بعض الأشياء ولكن لن يطول إخفاءها بلاشعور أسرد له ماكان خفيا عنه يبدأ يضحك قائلا: أكملي أيتها الشقية..........! ونختم كلامنا بعبارات خاصة به( حوشات شمات قبلات ياروح الروح)
كل عام وانت كنزي ، وسندي وقدوتي، بالحياة، دمت
ابنتك ندى.



#ندى_مصطفى_رستم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صندوق اسراري..!
- القلب مسكنك
- متْ قاعد
- نص بحاجة للعنوان!
- للسوريين اشتياقهم
- اليوم العالمي للاجيئن
- هي والأغبياء
- متحف لأظافر طاهره!
- متحف الأظافر!
- رحيل بلا دموع
- دعني!
- إلى مصور!
- كابوس
- كاميرا
- هوية مفقودة!
- لن ألومك!
- تساؤلات /3/ اهمية التقويم
- عداوة الكورد تجارة خاسرة!
- تساؤلات -2-
- علبة بين الحقيقة والحلم،،،


المزيد.....




- الإعلان الأول حصري.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 159 على قصة عش ...
- أكشاك بيع الصحف زيّنت الشوارع لعقود وقد تختفي أمام الصحافة ا ...
- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...
- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ندى مصطفى رستم - صندوق اسراري...!