أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ندى مصطفى رستم - سوريا، بلد الاختصاصات القاتلة!














المزيد.....

سوريا، بلد الاختصاصات القاتلة!


ندى مصطفى رستم

الحوار المتمدن-العدد: 8419 - 2025 / 7 / 30 - 08:41
المحور: الادب والفن
    


عذرًا يا وطني، لا أريد أن أكون مدافعًا عن اللوم والخذلان، لكن الواقع أجبر قلمي أن يرسم هذه الصورة المروعة.
سوريا اليوم ليست وطنًا، بل ملعبًا لكل "الاختصاصات القاتلة". هناك من ينافسك على الإبداع في اختصاصك، إنهم الغرباء، سهلٌ دخولهم بلا رقابة، ولكل منهم حكاية وكتلة عقد لا يمكن توصيفها. رغم أن بروفيسورات العالم عجزوا عن فهمهم، ودولهم وجدوا الحل بإرسالهم إلى وطنك.
يا أيها السوري، لا تستغرب، أيها المواطن، هذا الواقع؛ حيث كل شيء معدّ ليصبح اختصاصًا لك! سأشرح لك لتكون على بيّنة، فكل ما يهمني هو مصلحتك، ولا تدع الغريب يفوز عليك، حرصًا على سمعة بلدك.
انتبه جيدًا لما سأقوله لك:
في هذا المكان المُسمّى "سوريا"، لا تحتاج إلى دورات تدريبية أو معاهد أو جامعات لتتقن أي "اختصاص" هنا، كل شيء متاح وبأبسط الشروط مما تتخيّل. لكن قبل أن تخوض التجربة، هناك شرط رئيسي: عليك إلغاء إنسانيتك! فقط حينها تكون مؤهلًا لتبدأ،
إذا أردت أن تصبح مجرمًا؟
اجلس بهدوء أمام مشهد الدم، تلمّظ شفتيك، درّب نفسك على تقمّص دراكولا، وتعلّم كيف تقتل بصمت... المشهد متوفّر، الضحية مجانية، والدماء أرخص من الماء،
وإن أردت أن تكون طائفيًا؟
يكفي أن تتغذى على منشورات "قومك"، وتملأ نفسك بالسمّ الزعاف من منشورات الآخرين، لا يلزمك عقل، فقط استخدم غريزة الولاء الأعمى… والبقية تأتي تباعًا.
أما إذا طمحتَ أن تكون وطنيًا؟
فهنا الطامة الكبرى! لا مكان لك، فالوطنية السورية في طريقها نحو العدم. الصفحات السورية تفوح منها رائحة الغابة… غابة تسكنها الحيوانات والقرود. هنا بدأت البشرية... أو ربما انتهت.
أما أن تكون سياسيًا مرتزقًا؟
فأنت أمام فرصة العمر، ابحث عن مموّل – وما أكثرهم! – أتقن الكذب، وقل ما تشاء، سواء آمنت به أم لا. الكاذبون سيصفقون لك… ولن يحاسبك أحد، لأنك ببساطة تتقن اللعبة.
وإذا أحببت الجراحة العامة؟
لا تقلق، السوق مفتوح: جثث، أطراف، أعضاء… اختر ما يناسبك وامضِ إلى زاويتك الآمنة. فقط لا تثرثر كثيرًا، فهذا زمن من يسرق الأعضاء لا من ينقذ الأرواح.
الجنس؟
ربما أقدم الاختصاصات على الإطلاق! سوقه مزدهر، بضائعه من كل الأحجام والأعمار، والأنكى أنه مجاني. احرص على "حيواناتك" لترعى خارجًا، ولا تترك أثرًا يدلّ عليك! اختر ما تشاء… فقط لا تسأل عن الأخلاق، فهي مشطوبة من المنهاج.
أما إذا أردت أن تكون ديمقراطيًا؟
فالطريق يبدأ من منشورات "مجففة أخلاقيًا"، مليئة بالجهل، بالبرود، بالأمية، وبالثرثرة الفارغة. لكن لا تنسَ: أنت هنا لتتعلم… لا لتفهم.
وإذا أردت أن تكون حلاقًا؟
فالأبواب مشرعة: الشعر، اللحية، العانة، الجسد… كلها تخصصات معترف بها في هذا العصر المشوّه. المهم أن تمتلك إبداعًا باستخدام أدوات الحلاقة في التشويه، وإياك أن تجمّل! لا تهتم بشيخٍ طاعن في السن، أو بطفلٍ باكٍ على جثة أمه، أو بقَص شارب القتيل الذي ربما مضى على يد أصدقائك. لا تهتم، فمهنتك تقتضي أن تدير ظهرك لأيٍّ كان! لا تسمع صوت الضحية، لأنها أبشع من الموت بالنسبة لك، وأنت تقص شارب رجل الدين!
وإن رغبتَ بمجال الدين؟
ابصق على ذاتك، لأنك ستبصق على الجميع لاحقًا... باسم الله.
أما أن تكون قسًّا أو خوريًا؟
لا مكان لك هنا، السوق محجوز لطوائفنا فقط.
هل تحلم بأن تصبح "قرَباطيًا"؟
صفّق لهذه الطائفة، ثم اقلب ظهر المجن وصفّق للأخرى… المهم أن تتقن النفاق، وتلبس كل قناع حسب الحاجة.
أما مهنة المحاماة؟
لا داعي أن تدرس سنوات وتضيع من عمرك. فقط أتقن فنّ تضييع الوقت، والرقص بين الطوائف. لا تبقَ في مكان واحد كثيرًا… تنقّل كالحرباء. فالقانون لعبة، والعدالة نكتة.
وهنا، حيث تختلط "الاختصاصات"، تنتعش تجارة المخدرات، بل أصبحت مشروع إبادة مخطّط له.
التاجر ليس عبقريًا، بل صعلوكٌ يروّج السمّ بثمن حفلة رخيصة أو صفقة مشبوهة. والأمر الأشد فجيعة هو استغلال الأطفال، الذين يُجبرون على شمّ الصمغ والبترول، ويُدمَّر مستقبلهم بلا وعي أو حماية. المهرّب ليس بطلًا ولا عبقريًا، بل مخلوق من الفوضى والفساد. مهرّب البشر، الدواء، السلاح، وحتى الضمائر… يدمّر حياة الآخرين دون رحمة. هؤلاء الصعاليك لا يسعون للخير، بل لتجارة الموت بكل أشكالها. يبيعون السماء واليابسة، ويخدّرون الشعب ليظلّ أسيرًا تحت أقدامهم.
وبالختام... هنا، في سوريا، حيث تموت القيم وتُقتل الإنسانية، يصبح كل شيء "اختصاصًا"، والنجاح هو فقط لمن يتخلى عن إنسانيته.
ولن يتغير هذا الواقع، إلا حين تستيقظ العقول، ويُرفض هذا النهب المتكرر للحياة والكرامة...



#ندى_مصطفى_رستم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صرخة في العدم / حين تُقتل النساء مرّتين
- ولادة من الهامش
- سجينة مزحة!...
- صندوق اسراري...!
- صندوق اسراري..!
- القلب مسكنك
- متْ قاعد
- نص بحاجة للعنوان!
- للسوريين اشتياقهم
- اليوم العالمي للاجيئن
- هي والأغبياء
- متحف لأظافر طاهره!
- متحف الأظافر!
- رحيل بلا دموع
- دعني!
- إلى مصور!
- كابوس
- كاميرا
- هوية مفقودة!
- لن ألومك!


المزيد.....




- الترجمة الأدبية.. جسر غزة الإنساني إلى العالم
- الممثل الإقليمي للفاو يوضح أن إيصال المساعدات إلى غزة يتطلب ...
- الممثل الإقليمي للفاو: لا يمكن إيصال المساعدات لغزة دون ممرا ...
- عائلة الفنان كامل حسين تحيي ذكراه الثامنة في مرسمه
- في فيلم -عبر الجدران-.. الفقراء الذين لا يستحقون الستر
- -غرق السلمون- للسورية واحة الراهب عبرة روائية لبناء الوطن
- وفاة الفنان المصري لطفي لبيب عن عمر 77 عاما
- لجنة الشهداء ترفض قائمة السفراء: أسماء بعثية ومحسوبية تهدد ن ...
- رحيل الممثل المصري لطفي لبيب عن عمر ناهز 78 عاما
- تحوّلات مذهلة لفنان حيّرت مستخدمي الإنترنت.. وCNN تكشف ما ور ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ندى مصطفى رستم - سوريا، بلد الاختصاصات القاتلة!