أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ندى مصطفى رستم - سبع سنوات يا أمي…














المزيد.....

سبع سنوات يا أمي…


ندى مصطفى رستم

الحوار المتمدن-العدد: 8555 - 2025 / 12 / 13 - 01:24
المحور: الادب والفن
    


سبع سنوات تمرّ ولا يهدأ في القلب صوتكِ، ولا يخفت نورك، ولا يتوقف حنيننا إليك.
كلما أردتُ أن أكتب عنكِ، ترتجف الكلمات، كأنها تخجل من الوقوف أمام امرأة مثلك… امرأة حملت العالم وحدها، وواجهت الغياب بصمتٍ، وربّت قلوبنا قبل أجسادنا. أمي… كنتِ امرأة مختلفة في زمنٍ لم ينصف النساء.
جئتِ من بيئة سورية بسيطة، فيها البنت تُهَمّش والولد يُرفع، لكنك كسرتِ كلّ تلك القيود بذكائك وهدوئك وجرأتك الصادقة. كنتِ الابنة البكر ذات العينين العسليتين، صاحبة الشعر الأحمر الجميل، والقلب الذي أحب والدي بصمتٍ نقيّ في زمن كان فيه الحبّ عيبًا. حاولتي اخفاء حبّه، على أمل اللقاء الذي كان مستحيلا الا بمرسوم عقد زواج فعلا تحقق حلمكما ولكن الطاغية حكم عليه بالبعد وانتظرته بصبر وكبرياء امرأة خُلقت من الوفاء، وصمدتِ أمام قسوة الحياة حين غيّبه ثلاثةً وعشرين عامًا وثمانية أشهر. وقفتِ وحدكِ مع ثلاثة أطفال، بينما انفضّ الجميع من حولك، ولكنك لم تنكسري، لم ترفعي الراية يومًا، بل أثبتّ للعالم أن المرأة قد تكون أمةً بأكملها إن أرادت.كنتِ تملئين غياب أبي بذكره…
تستمدّين منه القوة، إلينا أنه معنا، لا صورة معلّقة على جدار.
سبع سنوات تمرّ ولا يهدأ في القلب صوتكِ، ولا يخفت نورك، ولا يتوقف حنيننا إليك.
كلما أردتُ أن أكتب عنكِ، ترتجف الكلمات، كأنها تخجل من الوقوف أمام امرأة مثلك… امرأة حملت العالم وحدها، وواجهت الغياب بصمتٍ، وربّت قلوبنا قبل أجسادنا.
تستمدّين منه القوة، وتمنحينا من اسمه الأمان.
كبرنا على قصصك عنه، حتى خُيّل إلينا أنه معنا، لا صورة معلّقة على جدار.
أما أنا… ابنتك المشاغبة التي أرهقتك أكثر من إخوتي، فقد كنتِ تضحكين بصمتٍ على شقاوتي، وكنتُ أفهم غضبك من نظرة، وأفهم حبك العميق من تلك الابتسامة التي تحاولين إخفاءها ولا تنجح.
وكلما أغضبتك، هربتُ إلى غرفة أبي، أحدث صورته المعلّقة قبلك، أشرح له ما فعلت، وأطلب منه أن يلين قلبك نحوي… وكأن الصورة كانت جسرًا بيني وبين عفوك.وحين كُسرت قيوده وعاد أبي بعد عقود السجن الطويلة، كنا نلمسه لنصدّق أنه بيننا حقًا… وسألناه السؤال الذي حملناه سنينًا:
"هل كانت أمي تتواصل معك كما كانت تقول؟"
لأننا صدّقناها… كيف لا نصدقها وهي التي لم تكذب يومًا؟واليوم، بعد رحيلك بسبع سنوات…
انقلبت الأدوار كما ينقلب الزمن.
غاب أبي يومًا فتحدثتِ عنه عمرًا،
وغبتِ أنتِ، فأصبح هو من يحيي اسمك في كل حديث، ويروي حكايتكما كأن الوداع لم يفرّق بينكما، وكأن الموت لا يقدر على أن يغلق بابًا فُتح بالحب.
أمي…
تمضي الأعوام، لكن حضورك لا يغادرنا.
سبع سنوات وأنتِ جزء من كل لحظة، كل ذكرى، كل حوار.
سبع سنوات وما زالت صورتك في قلبي أبهى من أي حياة مضت.
كنتِ ترددين لأبي دائمًا:
"أتمنى أن أموت قبلك، فقلبي لا يحتمل رحيلك مرة أخرى."
وكأنك كنتِ تعلمين أن التعب أنهك روحك، وأن الحب الذي حملته لا يسكن إلا في صدرٍ واحد.
رحلتِ، نعم…
لكن نورك باقٍ، وذكرك حيّ، وحبك يفيض علينا في كل يوم.
سلامٌ لروحك يا أمي…
لحنانك الذي لا يموت…
ولوفائك الذي علّمنا أن بعض النساء لا يغادرن الحياة… بل يغادرن الجسد فقط.



#ندى_مصطفى_رستم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا، بلد الاختصاصات القاتلة!
- صرخة في العدم / حين تُقتل النساء مرّتين
- ولادة من الهامش
- سجينة مزحة!...
- صندوق اسراري...!
- صندوق اسراري..!
- القلب مسكنك
- متْ قاعد
- نص بحاجة للعنوان!
- للسوريين اشتياقهم
- اليوم العالمي للاجيئن
- هي والأغبياء
- متحف لأظافر طاهره!
- متحف الأظافر!
- رحيل بلا دموع
- دعني!
- إلى مصور!
- كابوس
- كاميرا
- هوية مفقودة!


المزيد.....




- 2025 بين الخوف والإثارة.. أبرز أفلام الرعب لهذا العام
- -سيتضح كل شيء في الوقت المناسب-.. هل تيموثي شالاميه هو مغني ...
- أهلًا بكم في المسرحية الإعلامية الكبرى
- الأفلام الفائزة بجوائز الدورة الـ5 من مهرجان -البحر الأحمر ا ...
- مهرجان -البحر الأحمر السينمائي- يكرم أنتوني هوبكنز وإدريس إل ...
- الفيلم الكوري -مجنونة جدا-.. لعنة منتصف الليل تكشف الحقائق ا ...
- صورة لغوريلا مرحة تفوز بمسابقة التصوير الكوميدي للحياة البري ...
- حفل ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي.. حضور عالمي وتصاميم ...
- -رسالة اللاغفران-.. جحيم المثقف العربي وتكسير أصنام الثقافة ...
- مصر: مبادرة حكومية لعلاج كبار الفنانين على نفقة الدولة


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ندى مصطفى رستم - سبع سنوات يا أمي…