نبيل محمد سمارة
(Nabil Samara)
الحوار المتمدن-العدد: 8565 - 2025 / 12 / 23 - 16:21
المحور:
الصحافة والاعلام
ليست كل رصاصة تطلق عشوائياً بريئة من السياسة، ولا كل دم يسفك بعيداً عن الشرق الأوسط خارج حسابات إسرائيل. حادثة بوندي في أستراليا، وما رافقها من تضخيم إعلامي وتسريبات موجهة، تفتح باباً مشروعاً للتساؤل: من المستفيد الحقيقي من بث صورة “اليهودي المهدد” في أقاصي العالم؟ .
حتى اللحظة، لم تقدم السلطات الأسترالية دليلاً قاطعاً على وقوف جهات أجنبية وراء حادثة إطلاق النار، ولم تثبت التحقيقات وجود شبكة منظمة أو بعد أيديولوجي عابر للحدود. ومع ذلك، سارعت الآلة الإعلامية القريبة من إسرائيل إلى توظيف الحادثة بوصفها دليلاً جديداً على “تصاعد معاداة السامية”، وكأن الخلاصة سبقت التحقيق.
إسرائيل، التي اعتادت تحويل الخوف إلى وقود سياسي، لا ترى في مثل هذه الحوادث مأساة إنسانية بقدر ما تراها فرصة استراتيجية. فكل حادث غامض، وكل دم يراق خارج حدودها، يتحول إلى رسالة واحدة: أنتم غير آمنين… إسرائيل هي الملاذ. هكذا تدار السياسة حين تفشل الأخلاق، وهكذا يعاد إنتاج الهجرة القسرية بثوب الضحية.
اللافت أن الشكوك لا تطرح فقط في الشارع العربي أو في وسائل إعلام ناقدة، بل تتسلل حتى إلى داخل إسرائيل نفسها. أصوات إسرائيلية بدأت تتساءل: إلى أي حد يمكن اللعب بورقة الخوف؟ وهل تحولت معاناة اليهود في العالم إلى مادة استثمار سياسي بارد، بلا اكتراث للحقيقة أو العدالة؟
اتهام إسرائيل بصناعة الأزمات ليس جديداً، وسجلها في توظيف الأحداث الأمنية—بل وافتعال بعضها—حافل في ذاكرة المنطقة. من هنا، فإن التشكيك في الرواية الجاهزة حول حادثة بوندي ليس مؤامرة، بل حق مشروع، وواجب أخلاقي، في مواجهة دولة احترفت قلب الجريمة إلى دعاية.
في بوندي، كما في غيرها، قد لا تكون الحقيقة قد كشفت بعد، لكن المؤكد أن إسرائيل كانت أول من استثمر الخوف، وأسرع من لوح بالدم، وأعلى من صرخ: نحن الضحية.
وحين تتطابق الصدفة دائماً مع المصلحة، يصبح الشك أقرب إلى الوعي… لا إلى الوهم.
#نبيل_محمد_سمارة (هاشتاغ)
Nabil_Samara#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟