نبيل محمد سمارة
(Nabil Samara)
الحوار المتمدن-العدد: 8495 - 2025 / 10 / 14 - 19:44
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
ما شهدناه في شرم الشيخ لم يكن قمة سلام كما أرادوا تسميتها، بل كان مشهداً مؤلماً يختصر حال الازدواجية السياسية التي باتت سمة هذا العصر. قيل إنها "قمة السلام"، لكنها في الحقيقة كانت قمة الإذلال، حيث وقف ترامب بابتسامة استعلاء، واصطفت أمامه الوفود والرؤساء، واحداً تلو الآخر، ليصافحوه وكأنهم أمام "منقذ البشرية" لا أمام رجل يعيد صياغة الإهانة بأسلوب دبلوماسي جديد.
كانت نظراته، وطريقة مصافحته، بل حتى سحب اليد المتكرر أثناء السلام، تحمل رسالة واضحة: "أنا المتحكم وأنتم المطيعون." ومع ذلك، لم نر من وقف ليعيد كرامة الموقف، أو
حتى ليرفض ذلك المشهد المسرحي المهين.
ثم نأتي إلى جوهر ما يسمى "اتفاق السلام" الذي تم الترويج له وكأنه انتصار دبلوماسي تاريخي. من يسمع خطابات الاحتفال سيظن أن السلام عمّ أرض فلسطين بأكملها، وأن الاحتلال أصبح من الماضي. لكن الحقيقة أكثر مرارة: الاتفاق اقتصر على غزة فقط، بينما بقيت رام الله ونابلس والضفة الغربية خارج أي التزام أو ضمانة.
فأي سلام هذا الذي يجزئ الأرض ويُقصي الإنسان؟
وأي منطق يقبل أن يسمى اتفاقاً للسلام وهو لا يشمل كل فلسطين؟
إنها ازدواجية صارخة في الخطاب والسياسة:
يتحدثون عن العدالة بينما يرسخون للظلم،
ويرفعون شعار السلام بينما يباركون استمرار القهر،
ويحتفلون بالتصالح في مكانٍ بينما يزرعون النار في مكانٍ آخر.
لقد أصبح "السلام" في قاموس بعض القادة شعاراً لتبرير الاستسلام، ووسيلة لتجميل الخضوع.
أما الشعوب، فتدرك أن السلام الحقيقي لا يُمنح، بل يُصنع بالإرادة والكرامة، وأن من يتنازل عن جزء من الحق اليوم، سيخسر ما تبقى منه غداً.
قمة شرم الشيخ لم تكن قمة للسلام، بل كانت مرآةً تعكس واقعاً مؤلماً؛ واقعٌ تقاس فيه المواقف بالمصالح لا بالمبادئ، وتدار فيه القضايا الكبرى على طاولة من الازدواجية والخداع.
#نبيل_محمد_سمارة (هاشتاغ)
Nabil_Samara#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟