أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صلاح الدين ياسين - أرنولد توينبي: كيف تنشأ الحضارات ولماذا تسقط؟














المزيد.....

أرنولد توينبي: كيف تنشأ الحضارات ولماذا تسقط؟


صلاح الدين ياسين
باحث

(Salaheddine Yassine)


الحوار المتمدن-العدد: 8563 - 2025 / 12 / 21 - 16:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


وُلد أرنولد جوزف توينبي عام 1889 في لندن، وتوفي عام 1975. عمل أستاذًا للتاريخ في جامعة لندن، وكان مستشارًا في الشؤون الدولية. إن شهرته التي اكتسبها جاءت أساسًا من عمله الضخم "دراسة التاريخ" (A Study of History)، الذي صدر في 12 مجلدًا بين عامي 1934 و1961، وحاول فيه أن يدرس مصير الحضارات الكبرى في التاريخ البشري.
أولًا: الحضارة كوحدة تاريخية مستقلة
يرى توينبي أن "الحضارة"، وليس الدولة أو الأمة، هي الوحدة الأساسية في فهم التاريخ البشري. ويشير إلى أن الحضارة هي كيان ثقافي واسع يضم مجموعة من الشعوب والمجتمعات التي تشترك في قيم ومؤسسات وأنماط حياة متشابهة. وفي تقديره، فإن العالم شهد حوالي 21 حضارة كبرى منها الحضارة الإسلامية، والمسيحية الغربية، والهندية، والصينية، والإغريقية، وغيرها. يقول توينبي إن هذه الحضارات تختلف عن بعضها، لكنها تمر جميعها بمراحل متشابهة: الولادة، والنمو، والانحدار، ثم الزوال.
ثانيًا: نظرية التحدي والاستجابة
يرى توينبي أن نشوء الحضارات لا يحدث صدفة، ولا يُفسَّر فقط بالموارد أو الظروف الجغرافية. إن الحضارات تُولَد حين تواجه "تحديًا كبيرًا" مثل كارثة طبيعية، أو غزو خارجي، وتتمكن من الاستجابة له بطريقة خلاقة ومبتكرة. وهكذا، فإن التحديات تغذي الإبداع الحضاري عند الشعوب، ولكن بشرط وجود "أقلية مبدعة" تقود هذا الجهد الحضاري.
وكمثال على ذلك، يرى توينبي أن الحضارة المصرية القديمة نشأت وتطورت بفضل استجابتها المبتكرة لتحدي نهر النيل وفيضاناته الدورية، حيث طورت أنظمة زراعة وري معقدة. وبالمثل، يرى أن الحضارة الفينيقية نمت في بيئة ساحلية ضيقة، مما دفعها للاستجابة عبر تطوير الملاحة والتجارة البحرية.
ثالثا: الانحدار والسقوط
بحسب توينبي، لا تسقط الحضارات بفعل الحروب أو الغزوات وحدها، بل من الداخل، عندما تتحول هذه الأقلية المبدعة إلى "أقلية مهيمنة"، أي حين تسعى للحفاظ على امتيازاتها بدلًا من قيادة الإبداع. وفي النهاية، تنهار الحضارة، ولكن لا تختفي تمامًا، بل قد تترك إرثًا تتلقفه حضارة لاحقة.
وتتسم مراحل التراجع بـفقدان الوحدة الداخلية، حيث تبدأ المجتمعات في التفكك، وتزداد النزاعات الداخلية بين طبقات وفئات المجتمع. وفي هذا السياق، يشير توينبي إلى ظهور طبقات أو شعوب داخل الحضارة تشعر بالغربة والتهميش ("البروليتاريا الداخلية")، بالإضافة إلى القبائل أو الأمم المحيطة بالحضارة والتي تتأثر بها ولكن لا تندمج فيها بالكامل ("البروليتاريا الخارجية").
رابعا: انتقادات
واجهت نظرية توينبي حول الصعود والسقوط الحضاري بعض الانتقادات من قبيل:
- الميل إلى التعميم المفرط، والتقليل من أهمية الخصوصيات السياسية والاقتصادية لكل حضارة.
- يحمل توينبي نظرة دورية للتاريخ (صعود ثم سقوط)، وهي رؤية قديمة تشبه فلسفة ابن خلدون، لكنها لا تفسر الظواهر الحديثة بدقة.



#صلاح_الدين_ياسين (هاشتاغ)       Salaheddine_Yassine#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إريك فروم: لماذا يهرب الإنسان من حريته؟
- السفسطائية: فلسفة الإقناع بدلًا من الحقيقة
- الأبيقورية: هل يمكن أن تكون الفلسفة طريقًا للطمأنينة؟
- الفلسفة الرواقية: كيف تعيش حياة هادئة وسط الصعوبات والمآسي؟
- عبد الله العروي: لماذا فشل العرب في الانتقال إلى الحداثة؟
- فريدريك نيتشه: عندما تصبح الفلسفة صرخة في وجه القطيع
- كتاب -صعود وسقوط القوى العظمى-: هل تواجه أمريكا مصير الإمبرا ...
- من الإنسان العاقل إلى الإنسان الإله: رحلة العقل البشري في عي ...
- روبرت مالتوس: داعية التوازن الديمغرافي
- كتاب لماذا تفشل الأمم يجيب: لماذا ينهض البعض ويتعثر الآخرون؟
- ماكس فيبر: الرجل الذي سبر أغوار المجتمعات الحديثة
- صمويل هنتغتون: من صراع الأيديولوجيات إلى صدام الحضارات
- ميشيل فوكو: كيف نقع ضحية للسلطة دون أن نشعر بذلك؟
- حنة أرندت: الفكر الحر في مواجهة الطغيان
- الوضعية: عندما يصبح العلم الطريق الوحيد إلى المعرفة
- البراغماتية: فلسفة ما ينفع الناس
- العدمية: بين الفراغ الوجودي وصناعة المعنى
- من إف-22 إلى جيه-20: كيف غيّرت مقاتلات الجيل الخامس قواعد ال ...
- الحضارة تحت المجهر: كيف تعيد الديموغرافيا تشكيل العالم؟
- القطة التي اصطادت الفأر: حكمة دينغ التي غيّرت وجه الصين


المزيد.....




- رجل نصب فخًا لإخراج دب من تحت منزله.. ليجذب دبًا آخر ويضع نف ...
- بوتين يخوض -حرب إرباك- ضد الغرب – مقال في الصنداي تايمز
- بوتين -مستعد للحوار- مع ماكرون.. والكرملين ينفي اجتماعًا ثلا ...
- أردوغان والأكراد: سياسة الجزرة والعصا؟
- الابتزاز الإلكتروني .. جريمة تودي بحياة عراقيات فأين القانون ...
- مكافأة ضخمة .. من حاول اغتيال زعيم العشيرة الكردية في برلين؟ ...
- المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي يقر إقامة 19 مستوطنة جديدة ...
- براتب مليون دولار يوميا.. كم سنة تحتاج لتصل إلى ثروة إيلون م ...
- احتجاجات في بلغاريا إثر إقالة مذيعة تلفزيونية
- ?الإفراط في شرب مشروبات الطاقة يهددك بالسكتة الدماغية


المزيد.....

- العقل العربي بين النهضة والردة قراءة ابستمولوجية في مأزق الو ... / حسام الدين فياض
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صلاح الدين ياسين - أرنولد توينبي: كيف تنشأ الحضارات ولماذا تسقط؟