أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صلاح الدين ياسين - العدمية: بين الفراغ الوجودي وصناعة المعنى














المزيد.....

العدمية: بين الفراغ الوجودي وصناعة المعنى


صلاح الدين ياسين
باحث

(Salaheddine Yassine)


الحوار المتمدن-العدد: 8446 - 2025 / 8 / 26 - 21:29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


العدمية هي مذهب فلسفي يتمحور حول فكرة أن الوجود لا يحمل أي معنى جوهري أو قيمة أو غاية. ومع ذلك، فالعدمية ليست بالضرورة دعوة للانتحار أو اليأس المطلق، بل هي بالأحرى دعوة للتفكير العميق في طبيعة وجودنا والقيم التي نعتنقها.
أولا: نشأة العدمية؟
لم تظهر العدمية فجأة كفكرة متكاملة، بل تطورت عبر التاريخ في مراحل مختلفة. ويمكننا تتبع جذورها في بعض الأفكار اليونانية القديمة، مرورًا بالتشكيك في السلطة والقيم خلال عصر التنوير، وصولًا إلى القرن التاسع عشر الذي شهد تبلورها كمذهب فلسفي مميز.
وغالبًا ما تنشأ العدمية كنتيجة لضعف أو انهيار الأنظمة القيمية السائدة، سواء كانت دينية، اجتماعية أو سياسية. فعندما يرى الناس أن القيم التي اعتادوا عليها لم تعد ذات مصداقية أو لم تعد تقدم إجابات مقنعة، قد ينجرفون نحو العدمية.
ويُعد الفيلسوف الألماني فريدريش نيتشه (1844 – 1900) أحد أبرز الأسماء المرتبطة بالعدمية. لقد رأى نيتشه أن انهيار القيم الدينية والأخلاقية التقليدية في أوروبا سيؤدي حتمًا إلى نوع من "العدمية السلبية"، حيث يشعر الناس بالفراغ وانعدام الهدف. ومع ذلك، لم يدعُ نيتشه إلى الاستسلام لهذه العدمية، بل حاول إيجاد طريقة لتجاوزها والوصول إلى "عدمية إيجابية" تعتمد على خلق الإنسان لقيمه ومعناه الخاص.
ثانيا: أفكار العدمية
هناك عدة أوجه لهذا المذهب، منها:
- العدمية الوجودية: هذا هو النوع الأكثر شيوعًا وربما الأقرب للصورة النمطية للعدمية. تركز العدمية الوجودية على فكرة أن الحياة ليس لها معنى أو هدف جوهري. إذ لا توجد خطة إلهية، ولا غاية نهائية لوجودنا. نحن هنا بالصدفة، وعلينا أن نصنع معنى خاصًا بنا، أو نتقبل فكرة عدم وجوده.
- العدمية الأخلاقية: تدّعي هذه العدمية أن لا وجود لقيم أخلاقية موضوعية أو مطلقة. فالخير والشر، الصواب والخطأ، كلها مفاهيم نسبية تضعها المجتمعات أو الأفراد بما يتماشى مع مصالحهم وأهوائهم، وليست حقائق كونية.
- العدمية المعرفية: تشكك هذه العدمية في قدرتنا على معرفة الحقيقة المطلقة أو الوصول إلى أي معرفة موضوعية، ذلك أن كل ما نعرفه هو مجرد تفسيراتنا الشخصية للعالم، وأن الحقيقة المطلقة قد تكون عصية على الفهم البشري.
- الحرية والمسؤولية: إن غياب المعنى يمكن أن يؤدي إلى شعور هائل بالحرية. إذا لم يكن هناك مسار محدد يجب اتباعه أو قيم ثابتة يجب الالتزام بها، فإن الإنسان يصبح حرًا تمامًا في تحديد طريقه وقيمه الخاصة، ومسؤولا عن قراراته المصيرية.
- العبثية: يرتبط مفهوم العبثية ارتباطًا وثيقًا بالعدمية، ويُعد الفيلسوف الفرنسي ألبير كامو (1913 – 1960) من أبرز من تناولوه. إن العبثية تنشأ من التناقض بين رغبة الإنسان الفطرية في إيجاد معنى وهدف في الكون، وبين الصمت المطلق للكون الذي لا يقدم أي إجابات. كيف يمكننا أن نجد معنى في عالم لا معنى له؟ هذه هي معضلة العبثية.
وبرغم أننا قد لا ندرك ذلك، لكن أفكار العدمية تظهر في ثقافتنا المعاصرة بطرق مختلفة، فالعديد من الأعمال الأدبية والفنية تستكشف ثيمات العدمية، مثل الأفلام والمسلسلات التي تعرض شخصيات تعاني من فراغ وجودي أو تشكك في القيم السائدة. وفي الحياة اليومية، قد يشعر العديد من الأفراد بالملل وانعدام المعنى، أو حتى التشكيك في الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهي كلها مظاهر لميول عدمية في المجتمع ولو بشكل لا واعٍ.



#صلاح_الدين_ياسين (هاشتاغ)       Salaheddine_Yassine#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من إف-22 إلى جيه-20: كيف غيّرت مقاتلات الجيل الخامس قواعد ال ...
- الحضارة تحت المجهر: كيف تعيد الديموغرافيا تشكيل العالم؟
- القطة التي اصطادت الفأر: حكمة دينغ التي غيّرت وجه الصين
- المستبد المستنير: هل هو ضرورة تاريخية أم نمط حكم عقيم؟
- حين تُحسم الحرب من خلف الستار: دور المخابرات في الصراعات الح ...
- ما هي عوامل التحول الديمقراطي؟
- حين تصبح السماء ساحة معركة: كيف تغيرت قواعد الدفاع الجوي؟
- كيف تنعش الحروب الرأسمالية؟
- لماذا تُعد مكافحة التجسس أصعب من التجسس نفسه؟
- هل اقتربت حقا نهاية عصر النفط؟
- لماذا يعتبر محافظ البنك المركزي أخطر منصب اقتصادي؟
- الجاسوس الذي باع أسرار أمريكا: قصة ألدريتش أميس
- حين تُصبح الجغرافيا لاعباً سياسياً: هل هي نعمة أم نقمة؟
- فيتنام تغير جلدها: عندما تتصالح الشيوعية مع السوق
- تجربة ميليغرام: لماذا يطيع الإنسان أوامر تؤذي الآخرين؟
- الجاسوس الذي عرف أكثر مما يجب: ماركوس كلينبرغ وأسرار الحرب ا ...
- الطائرات المسيرة: سلاح المستقبل الذي غيّر وجه المعارك
- قيصر الغناء كاظم الساهر: الفن الأصيل في زمن السرعة
- لماذا لم تسقط الرأسمالية؟ مفاجآت لماركس بعد 150 عامًا
- العقوبات الاقتصادية... هل هي أداة فعالة؟


المزيد.....




- تايلور سويفت وترافيس كيلسي يعلنان خطوبتهما
- ميغان تشارك تفاصيل علاقتها الرومانسية مع الأمير هاري وأكثر م ...
- ماكرون يرد على نتنياهو.. ويوضح سبب عزمه الاعتراف بدولة فلسطي ...
- وسط مفاوضات نووية مشحونة.. روسيا تدعم تأجيل ضغط الترويكا الأ ...
- الجيش الإسرائيلي يبرّر ضربة مستشفى ناصر: -استهدفنا كاميرا لح ...
- انتهاء مفاوضات جنيف بشأن النووي الإيراني وطهران تؤكد التزامه ...
- انقسام داخل الجيش الإسرائيلي بشأن احتلال غزة
- الاحتلال يقصف سوقا شعبيا ويواصل عمليات التدمير بمدينة غزة
- الصليب الأحمر: يجب إمداد غزة فورا بالمساعدات الإنسانية
- زيلينسكي: تركيا أو دول خليجية أو أوروبية قد تستضيف محادثات م ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صلاح الدين ياسين - العدمية: بين الفراغ الوجودي وصناعة المعنى