أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح الدين ياسين - تجربة ميليغرام: لماذا يطيع الإنسان أوامر تؤذي الآخرين؟














المزيد.....

تجربة ميليغرام: لماذا يطيع الإنسان أوامر تؤذي الآخرين؟


صلاح الدين ياسين
باحث

(Salaheddine Yassine)


الحوار المتمدن-العدد: 8403 - 2025 / 7 / 14 - 20:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل يمكن للإنسان العادي أن يرتكب أفعالًا شنيعة لمجرد أنه يتلقى أوامر من سلطة عليا؟ هذا هو السؤال المحوري الذي دفَع عالم النفس الأمريكي ستانلي ميلغرام (1933 – 1984) في ستينيات القرن الماضي إلى إجراء واحدة من أكثر التجارب إثارةً للجدل في تاريخ علم النفس. جاءت تجربته في سياق محاولة فهم كيف أمكن لأشخاص عاديين المشاركة في الجرائم الفظيعة التي ارتكبها النازيون خلال الحرب العالمية الثانية.
أولا: حقيقة التجربة
في جوهرها، كانت تجربة ميليغرام تتضمن ثلاثة أدوار رئيسية:
- المشرف: وهو شخص يرتدي معطفًا أبيض، يبدو وكأنه عالِم يمتلك سلطة، ويعطي الأوامر.
- المُعلّم: وهو المشارك الحقيقي في التجربة، والذي يعتقد أنه يساعد في دراسة حول "تأثير العقاب على التعلم".
- المُتعلّم: وهو فعليا ممثل (شريك للمشرف)، يزعم أنه مشارك آخر في التجربة.
تم إقناع "المُعلّم" بأن عليه أن يوجه صدمات كهربائية للمُتعلّم كلما أخطأ في إجابة معينة. كان هناك جهاز يولد صدمات كهربائية مزيفة، تتراوح شدتها من 15 فولت (صدمة خفيفة) إلى 450 فولت (صدمة خطيرة).
وعندما كان المُتعلّم (الممثل) يرتكب خطأ، كان المشرف يطلب من المُعلّم زيادة مستوى الصدمة. في مستويات معينة، كان المُتعلّم يبدأ في إطلاق صرخات ألم مسجلة مسبقًا، ثم يطلب التوقف. وفي المستويات الأعلى، كان يصمت تمامًا (في إشارة إلى فقدان الوعي أو الوفاة). إذا تردد "المُعلّم" أو أبدى أية مقاومة، كان المشرف يوجه له أوامر حازمة مثل: "ليس لديك خيار آخر، يجب أن تستمر".
ثانيا: النتائج الصادمة
تَوَقَّع ميليغرام، بالإضافة إلى زملائه من علماء النفس، أن عددًا قليلاً جدًا من المشاركين في التجربة سيطيعون الأوامر حتى النهاية. ومع ذلك، جاءت النتائج صادمة ومقلقة:
- أكثر من 65% من المشاركين (26 من أصل 40) استمروا في إعطاء الصدمات حتى المستوى الأقصى (450 فولت)، على الرغم من سماعهم لصرخات الألم الواضحة وافتراضهم بأنهم كانوا يلحقون ضررًا جسيمًا أو حتى مميتًا بشخص آخر.
- أظهر العديد من المشاركين علامات واضحة على الضيق الشديد، بما في ذلك التعرق، الارتجاف، وحتى نوبات تشنجية، ومع ذلك استمروا في الطاعة.
- أظهرت متغيرات التجربة أن عوامل مثل قرب المشرف (السلطة)، والبعد عن الضحية، ووجود آخرين يطيعون أو يعصون، تؤثر على مستويات الطاعة.
ثالثا: الدلالات العميقة لتجربة ميليغرام
تركت تجربة ميليغرام بصمة لا تُمحى في علم النفس الاجتماعي، وتكمن دلالاتها في عدة جوانب:
- قوة السلطة والموقف: كشفت التجربة عن القوة الهائلة التي تمارسها السلطة الممثلة في شخصية المشرف. أظهرت أن الأفراد يمكن أن يتخلوا عن أحكامهم الأخلاقية عندما يشعرون بأنهم مجرد أدوات لتنفيذ أوامر سلطة عليا. هذا يشير إلى أن السلوك البشري يتأثر بشكل كبير بالعوامل الموضوعية، وليس فقط بالسمات الشخصية للفرد.
- تشتت المسؤولية: أظهرت التجربة أن المشاركين غالبًا ما يبررون أفعالهم بتحويل المسؤولية إلى المشرف. لقد اعتقدوا أنهم مجرد "وكلاء" للسلطة، وأن المسؤولية عن أي أذى يلحق بالمتعلم تقع على عاتق المشرف، وليس عليهم.
رابعا: انتقادات للتجربة
رغم الأهمية العلمية للتجربة، إلا أنها واجهت انتقادات واسعة:
- من الناحية الأخلاقية: وُجّهت لميلغرام اتهامات بأنه عرّض المشاركين لضغط نفسي شديد، إذ شعر بعض المشاركين بوطأة الذنب وعانوا من تبعات نفسية بعد معرفتهم بالحقيقة.
- خداع المشاركين: لم يكونوا على علم بحقيقة التجربة، وهو ما يُعتبر انتهاكًا لمبدأ "الموافقة المستنيرة".
لكن رغم هذه الانتقادات، دفعت تجربة ميلغرام إلى تطوير قواعد أخلاقية صارمة للتجارب النفسية، مثل الحصول على موافقة مسبقة، وتوضيح الحقائق بعد التجربة.



#صلاح_الدين_ياسين (هاشتاغ)       Salaheddine_Yassine#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجاسوس الذي عرف أكثر مما يجب: ماركوس كلينبرغ وأسرار الحرب ا ...
- الطائرات المسيرة: سلاح المستقبل الذي غيّر وجه المعارك
- قيصر الغناء كاظم الساهر: الفن الأصيل في زمن السرعة
- لماذا لم تسقط الرأسمالية؟ مفاجآت لماركس بعد 150 عامًا
- العقوبات الاقتصادية... هل هي أداة فعالة؟
- الحزام والطريق: المشروع الصيني الذي يعيد رسم خريطة العالم
- حروب المياه: الصراع القادم على شريان الحياة
- المؤامرة الكبرى: لماذا تنتشر الروايات البديلة رغم غياب الأدل ...
- القنبلة في الظل: كيف صنعت كوريا الشمالية سلاحها النووي
- مارتن سكورسيزي: المخرج الذي واجه شياطينه بالكاميرا
- وثائق ماربورغ أسرار تواطؤ ملك بريطانيا مع النازية
- حين يذوب الجليد تشتعل المنافسة: الصراع الخفي على القطب الشما ...
- من الفقر إلى الرخاء: الهند في طريقها لمزاحمة الكبار اقتصاديا
- ملحم بركات موسيقى لا تموت وصوت لا يُنسى
- المعادن النادرة: كنز إستراتيجي يسيل لعاب القوى العظمى
- الدول الاسكندنافية: نموذج في الرخاء الاجتماعي
- قصص من عالم الجاسوسية 8: رأفت الهجان
- قصص من عالم الجاسوسية 7: كريستينا سكاربيك
- قصص من عالم الجاسوسية6: شولا كوهين
- قصص من عالم الجواسيس 5: كلاوس فوكس


المزيد.....




- سانت كاترين.. تجربة روحية فريدة جنوبي سيناء
- محللان: نتنياهو يريد مفاوضات تثبت وقائع عسكرية وتهجر الغزيين ...
- زيلينسكي يعلن عن ترشيحات لـ-أكبر تعديل وزاري- تشهده أوكرانيا ...
- ترامب يوضح آخر التطورات بشأن -مفاوضات غزة-
- بعد معركة طويلة.. والدة الناشط علاء عبد الفتاح تنهي إضرابها ...
- إسبانيا تفكك شبكة دولية لتهريب المخدرات بين مدريد وأنقرة
- نشطاء: الدعم السريع قتل حوالي 300 بشمال كردفان منذ السبت
- جيش لبنان يعلن تفكيك أحد أضخم معامل الكبتاغون قرب حدود سوريا ...
- 9 قتلى وعشرات المصابين بحريق مركز رعاية مسنين في أميركا
- مليشيا -الشفتة- الإثيوبية تهاجم وتنهب 3 قرى سودانية حدودية


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح الدين ياسين - تجربة ميليغرام: لماذا يطيع الإنسان أوامر تؤذي الآخرين؟