المعادن النادرة: كنز إستراتيجي يسيل لعاب القوى العظمى

صلاح الدين ياسين
باحث
(Salaheddine Yassine)

الحوار المتمدن-العدد: 8363 - 2025 / 6 / 4 - 15:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

المعادن النادرة هي مجموعة من العناصر الكيميائية التي تضم 17 عنصراً في الجدول الدوري، إذ تلعب دوراً حاسماً في مجموعة من الصناعات الحيوية. وعلى الرغم من تسميتها بـ "النادرة"، إلا أن بعض هذه المعادن ليست نادرة بالمعنى المطلق من حيث تواجدها في القشرة الأرضية.
تُعد الصين الفاعل المهيمن في هذا القطاع، حيث تسيطر على أكثر من 85% من سلسلة التصنيع والتكرير. كما أن الولايات المتحدة في حوزتها بعض الموارد، مثل منجم "ماونتن باس" في كاليفورنيا، لكنها تعتمد على الصين بشكل كبير في عملية التكرير. ويشار إلى أن الدول الكبرى تستخدم نفوذها السياسي والدبلوماسي لعقد اتفاقيات مع الدول الغنية بالمعادن النادرة لضمان تدفق واستقرار الإمدادات.
استخدامات المعادن النادرة
تكمن أهمية المعادن النادرة في خصائصها الفيزيائية والكيميائية الفريدة، التي تجعلها أساسية في العديد من الصناعات الحديثة:
- الصناعات العسكرية: أنظمة التوجيه الذكي، محركات الطائرات المقاتلة، أجهزة الرادار والتشويش الإلكتروني.
- التكنولوجيا المتقدمة: الهواتف المحمولة، الحواسيب وأشباه الموصلات، الألياف البصرية.
- الطاقة النظيفة: مغناطيسات قوية لمحركات السيارات الكهربائية، توربينات الرياح.
- استخدامات طبية: تُستخدم بعض هذه العناصر في أجهزة التصوير الطبي والعلاج الإشعاعي.
هل يتطور الأمر إلى صراعات عسكرية وجيوسياسية؟
على الرغم من أننا لم نشهد حروباً تقليدية اندلعت بسبب المعادن النادرة حتى الآن، إلا أن هذه الموارد لعبت أدوارا خفية في تأجيج بعض المناوشات والصراعات. وهنا يمكن الإشارة إلى الأمثلة التالية:
- النزاع في جمهورية الكونغو الديمقراطية: إن هذه الدولة غنية بالمعادن مثل الكوبالت والتانتالوم والقصدير والذهب. ولعل ذلك ما يفسر الصراعات الأهلية التي تورطت فيها جماعات مسلحة مدعومة من أطراف خارجية، مما أدى إلى خسائر باهظة في الأرواح ومحن إنسانية.
- الحظر الصيني على اليابان: في سنة 2010، فرضت الصين حظرًا غير معلن على تصدير المعادن النادرة إلى اليابان بعد خلاف بحري. هذه الخطوة أظهرت للعالم أن الصين تستخدم هذه الموارد كورقة ضغط سياسية للدفاع عن مصالحها السيادية إذا اقتضى الأمر كما دلت على ذلك الحرب التجارية الدائرة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين.
- مخاوف من زعزعة استقرار الدول الهشة: تتسابق الدول الكبرى على عقد اتفاقيات مع دول غنية بالمعادن النادرة مثل تنزانيا، وبوليفيا، الشيء الذي يثير مخاوف من تهديد استقرار هذه الدول.
- الصراع الروسي الأوكراني: تثير المعادن النادرة التي تزخر بها أوكرانيا أطماع روسيا التي سيطرت على مناطق غنية بهذه الثروات في شرق البلاد، كما وقعت الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقية مع أوكرانيا مؤخرا لضمان حصتها من تلك المعادن وموارد إستراتيجية أخرى.
- التوترات في بحر الصين الجنوبي: ثمة اعتقاد بوجود احتياطات ضخمة من المعادن النادرة في قاع بحر الصين الجنوبي، مما يغذي التوترات بين الصين وجيرانها.
كما قد يسبب الصراع على هذه المعادن بين القوى الكبرى (أمريكا، الصين، الاتحاد الأوروبي، روسيا) أنواعا أخرى من الحروب كالحرب السيبرانية مثل استهداف البنية التحتية الحيوية المتعلقة بتعدين وتجهيز ونقل المعادن النادرة. وتعمد بعض الدول الغربية إلى الاستثمار في تدوير الأجهزة الإلكترونية لاستخراج المعادن النادرة منها لتقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج في ظل هذا السياق الجيوسياسي الصعب، بالإضافة إلى حلول أخرى مثل اللجوء إلى التنقيب في الفضاء، إذ ثمة مشاريع لاستخراج المعادن من الكويكبات.

#صلاح_الدين_ياسين (هاشتاغ)       Salaheddine_Yassine#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل