أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح الدين ياسين - القطة التي اصطادت الفأر: حكمة دينغ التي غيّرت وجه الصين














المزيد.....

القطة التي اصطادت الفأر: حكمة دينغ التي غيّرت وجه الصين


صلاح الدين ياسين
باحث

(Salaheddine Yassine)


الحوار المتمدن-العدد: 8435 - 2025 / 8 / 15 - 16:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949 على يد ماو تسي تونغ، اتبعت البلاد سياسات اشتراكية متطرفة، مثل "القفزة الكبرى إلى الأمام"، و"الثورة الثقافية"، والتي أدت إلى عزلة دولية، ومجاعات، وفقر كبير. وبعد وفاة ماو عام 1976، بدأ صراع على السلطة انتهى بصعود دينغ شياو بينغ (1904 – 1997) إلى القيادة الفعلية للبلاد، والذي يُعد المؤسس الحقيقي للنهضة الصينية الحديثة.
أولا: إصلاحات دينغ شياو بينغ
كان شعار دينغ الشهير: "لا يهم إن كانت القطة سوداء أو بيضاء طالما أنها تصطاد الفئران"، وهو ما يعكس نهجه البراغماتي في الحكم، إذ ابتعد عن الشعارات الإيديولوجية المتطرفة، وركّز على النتائج العملية. كما أطلق مبدأ "الاشتراكية ذات الخصائص الصينية"، والتي تعني استخدام أدوات السوق والرأسمالية ضمن إطار اشتراكي تجسده الهيمنة السياسية للحزب الشيوعي على مقاليد الحكم. وقد ارتكزت سياسته الإصلاحية على عدة محاور:
- إصلاح الزراعة: استبدال النظام الجماعي بنظام "المسؤولية العائلية"، حيث أصبح للفلاحين الحق في الاحتفاظ بالفائض من إنتاجهم وبيعه. أدى هذا الإصلاح إلى زيادة الإنتاج الزراعي بشكل كبير، وتحسين مستوى معيشة الملايين من الفلاحين.
- التخفيف من قبضة الدولة على الاقتصاد: تم اتخاذ عدة إجراءات في هذا الصدد، كالسماح للأسعار بأن تتحدد وفقاً لآليات العرض والطلب في العديد من القطاعات.
- المناطق الاقتصادية الخاصة: في خطوة جريئة، تم تحديد مناطق ساحلية معينة (مثل شنتشن، تشوهاي، شيامن، وشانتو) كمناطق اقتصادية خاصة في أوائل الثمانينيات. مُنحت هذه المناطق صلاحيات اقتصادية أوسع، وحوافز ضريبية، وبنية تحتية متطورة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر والتكنولوجيا المتقدمة، مما أدى إلى توطين الصناعة محليا.
- الانفتاح على العالم الخارجي: شجعت الصين التجارة الخارجية، والانضمام إلى المنظمات الاقتصادية الدولية، وإرسال الطلاب للدراسة في الخارج، واستقدام الخبرات الأجنبية، إذ أصبحت اليوم من أشرس المدافعين عن نظام العولمة التجارية.
ثانيا: نتائج النهضة الصينية
منذ بداية الإصلاحات وحتى وفاة دينغ عام 1997، نما الاقتصاد الصيني بمعدلات غير مسبوقة، وتحولت الصين إلى "مصنع العالم". خرج مئات الملايين من دائرة الفقر، وتحسنت مستويات المعيشة بشكل كبير، حيث شهد المواطن الصيني تحسناً كبيراً في متوسط الدخل، وتوفر السلع الاستهلاكية، وتحسن الخدمات الصحية والتعليمية، وزيادة متوسط العمر المتوقع. كما تسارعت وتيرة التحضر، ونشأت مدن جديدة ضخمة. وبفضل قوتها الاقتصادية المتنامية، استعادت الصين دورها كلاعب رئيسي على الساحة الدولية.
ثالثا: التحديات المطروحة
لم تخلُ مسيرة النهضة الصينية من تحديات وانتقادات، مثل اتساع الفجوة في الدخل، إذ أدت آليات السوق إلى ظهور تفاوت كبير في الثروات بين الأفراد والمناطق، حيث تركز النمو بشكل أكبر في المناطق الساحلية مقارنة بالمناطق الداخلية. وعلى الرغم من الانفتاح الاقتصادي، ظل النظام السياسي وفيا لنهجه الاستبدادي، فقد عرفت فترة دينغ مطالبات بالإصلاح السياسي والديمقراطية، بلغت ذروتها في احتجاجات ميدان تيانانمن عام 1989، والتي جرى قمعها بوحشية مفرطة.
وفي المجمل، يُعتبر دينغ شياو بينغ أحد أعظم الإصلاحيين في القرن العشرين. لم يكن خطيبًا مفوهًا ولا قائدًا عسكريًا كاريزميًا، لكنه كان رجل دولة تحلى بالواقعية والنجاعة الاقتصادية. استمر خلفاء دينغ، وآخرهم الرئيس الحالي شي جين بينغ، بالسير على نهج "الاشتراكية ذات الخصائص الصينية"، مع التركيز على معالجة بعض التحديات التي أفرزتها عملية النمو السريع، مثل التفاوت الاجتماعي، والتدهور البيئي، والفساد.



#صلاح_الدين_ياسين (هاشتاغ)       Salaheddine_Yassine#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المستبد المستنير: هل هو ضرورة تاريخية أم نمط حكم عقيم؟
- حين تُحسم الحرب من خلف الستار: دور المخابرات في الصراعات الح ...
- ما هي عوامل التحول الديمقراطي؟
- حين تصبح السماء ساحة معركة: كيف تغيرت قواعد الدفاع الجوي؟
- كيف تنعش الحروب الرأسمالية؟
- لماذا تُعد مكافحة التجسس أصعب من التجسس نفسه؟
- هل اقتربت حقا نهاية عصر النفط؟
- لماذا يعتبر محافظ البنك المركزي أخطر منصب اقتصادي؟
- الجاسوس الذي باع أسرار أمريكا: قصة ألدريتش أميس
- حين تُصبح الجغرافيا لاعباً سياسياً: هل هي نعمة أم نقمة؟
- فيتنام تغير جلدها: عندما تتصالح الشيوعية مع السوق
- تجربة ميليغرام: لماذا يطيع الإنسان أوامر تؤذي الآخرين؟
- الجاسوس الذي عرف أكثر مما يجب: ماركوس كلينبرغ وأسرار الحرب ا ...
- الطائرات المسيرة: سلاح المستقبل الذي غيّر وجه المعارك
- قيصر الغناء كاظم الساهر: الفن الأصيل في زمن السرعة
- لماذا لم تسقط الرأسمالية؟ مفاجآت لماركس بعد 150 عامًا
- العقوبات الاقتصادية... هل هي أداة فعالة؟
- الحزام والطريق: المشروع الصيني الذي يعيد رسم خريطة العالم
- حروب المياه: الصراع القادم على شريان الحياة
- المؤامرة الكبرى: لماذا تنتشر الروايات البديلة رغم غياب الأدل ...


المزيد.....




- لقاء بوتين وترامب في ألاسكا.. لقاءات في تاريخ القمم الأمريكي ...
- مقتل اللاجئ العراقي سلوان موميكا حارق القرآن في السويد
- السويد ـ سوريون من بين ضحايا أسوأ إطلاق نار جماعي في البلاد ...
- عقب صلاة الجمعة.. مصابان بإطلاق نار قرب مسجد في السويد
- نتخابات ليبيا البلدية: بصيصُ أملٍ ديمقراطي في بلدٍ منقسم
- الأولى من نوعها... انطلاق دورة الألعاب العالمية للروبوتات ال ...
- قمة ألاسكا: من سيخرج منتصرا في المواجهة بين ترامب وبوتين؟
- كينيا تتورط في برنامج توطين أفريكانز جنوب أفريقيا المثير للج ...
- الشرطة التركية تعتقل عشرات المعارضين
- قاعدة -إلمندورف ريتشاردسون المشتركة-.. مركز القوة العسكرية ا ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح الدين ياسين - القطة التي اصطادت الفأر: حكمة دينغ التي غيّرت وجه الصين