أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صلاح الدين ياسين - حنة أرندت: الفكر الحر في مواجهة الطغيان














المزيد.....

حنة أرندت: الفكر الحر في مواجهة الطغيان


صلاح الدين ياسين
باحث

(Salaheddine Yassine)


الحوار المتمدن-العدد: 8465 - 2025 / 9 / 14 - 15:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


وُلدت حنة أرندت عام 1906 في مدينة لينينغسبيرغ في ألمانيا (اليوم تُعرف باسم كالينينغراد في روسيا)، وتوفيت سنة 1975. وهي فيلسوفة ألمانية من أصل يهودي. ومع صعود النازية، اضطرت إلى الفرار من ألمانيا إلى فرنسا، ثم إلى أمريكا، حيث استقرت وأصبحت واحدة من أهم المفكرين السياسيين في القرن العشرين. لم تكن حنة تنتمي إلى أي مدرسة فلسفية محددة، بل اعتمدت على تفكيرها النقدي المستقل لفهم الظواهر السياسية والاجتماعية المعقدة.
أولا: ما هي التوتاليتارية؟
إن أحد أبرز إسهامات حنة أرندت هو تحليلها لنشوء الأنظمة الشمولية في أوروبا، كما في ألمانيا النازية والاتحاد السوفيتي. ففي كتابها الشهير "أصول التوتاليتارية"، اعتبرت أرندت أن التوتاليتارية لم تكن مجرد انحراف سياسي، بل هي نتيجة لتحولات اجتماعية وفكرية عميقة في القرن التاسع عشر، مثل تفكك الطبقات التقليدية، انهيار النخب، صعود الجماهير، والعدمية الفكرية.
رأت أرندت أن الأنظمة التوتاليتارية لا تكتفي بالسيطرة على السياسة أو الاقتصاد، بل تسعى إلى السيطرة على الفكر والوعي الإنساني نفسه، وذلك عبر إلغاء الشخصية الفردية المستقلة، بهدف خلق بشر يمكن التنبؤ بتصرفاتهم والتحكم فيهم بشكل كامل. كما تخلق هذه الأنظمة واقعًا مزيفًا بالكامل، حيث تصبح الحقيقة غير مهمة، ويُعاد تشكيل الذاكرة العامة واللغة بما يتفق مع مصالح النظام الحاكم. وفي عصرنا الحالي، تبدو هذه الأفكار أكثر راهنية في ظل انتشار الحركات الشعبوية وسطوة الإعلام الجماهيري الرقمي.
ثانيا: تفاهة الشر
في عام 1961، غطّت أرندت محاكمة الموظف النازي أدولف إيخمان في القدس لصالح مجلة "نيويوركر". وأصدرت لاحقًا كتابًا بعنوان "إيخمان في القدس: تقرير عن تفاهة الشر"، وهو أحد أكثر أعمالها شُهرة. لقد صدمها أن آيخمان لم يكن وحشًا ساديًا، بل كان شخصا عاديًا نفذ أوامر عليا دون تفكير نقدي أو شعور بالذنب. ولم تقصد أرندت بهذا الطرح التقليل من فظاعة جرائمه، بل الإشارة إلى أن الشر ليس دائمًا نابعًا من دوافع سادية متأصلة في طبع الشخص، بل يمكن أن ينبع من غياب التفكير النقدي، والتخلي عن المسؤولية الشخصية، والطاعة العمياء للأوامر.
ثالثا: المعنى الحقيقي للحرية
قدمت أرندت في كتابها "الوضع البشري (The Human Condition) تحليلًا عميقًا للأنشطة الأساسية التي تشكل الحياة البشرية:
- العمل (Labor) : يشير العمل إلى الأنشطة التي نقوم بها لتلبية احتياجاتنا البيولوجية الأساسية للبقاء على قيد الحياة، مثل الأكل والشرب والنوم.
- الصنع (Work): أما الصنع فيتعلق بخلق أشياء دائمة ومنتجات لها وجود مستقل عن صانعها، مثل الأدوات، المباني، الأعمال الفنية. فبواسطة الصنع، نبني عالمًا مشتركًا ومستقرًا نعيش فيه، مما يعطي معنى للحياة البشرية.
- الفعل (Action) : وهو أعلى أشكال النشاط، ويتعلق بالمبادرة والتعبير السياسي والحرية.
وتأسيسا على ذلك، ترى أرندت أن الفضاء العام هو المكان الذي يجتمع فيه المواطنون لمناقشة الشؤون المشتركة واتخاذ القرارات الجماعية، حيث يتمتع الأفراد بحرية التعبير والمبادرة. وهكذا، فإن الحرية، في نظر أرندت، ليست مجرد غياب القيود، بل هي القدرة على البدء بشيء جديد، والتصرف بشكل غير متوقع، والمشاركة في الشأن العام. وعندما يتلاشى الفضاء العام، تتلاشى معه الحرية.



#صلاح_الدين_ياسين (هاشتاغ)       Salaheddine_Yassine#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوضعية: عندما يصبح العلم الطريق الوحيد إلى المعرفة
- البراغماتية: فلسفة ما ينفع الناس
- العدمية: بين الفراغ الوجودي وصناعة المعنى
- من إف-22 إلى جيه-20: كيف غيّرت مقاتلات الجيل الخامس قواعد ال ...
- الحضارة تحت المجهر: كيف تعيد الديموغرافيا تشكيل العالم؟
- القطة التي اصطادت الفأر: حكمة دينغ التي غيّرت وجه الصين
- المستبد المستنير: هل هو ضرورة تاريخية أم نمط حكم عقيم؟
- حين تُحسم الحرب من خلف الستار: دور المخابرات في الصراعات الح ...
- ما هي عوامل التحول الديمقراطي؟
- حين تصبح السماء ساحة معركة: كيف تغيرت قواعد الدفاع الجوي؟
- كيف تنعش الحروب الرأسمالية؟
- لماذا تُعد مكافحة التجسس أصعب من التجسس نفسه؟
- هل اقتربت حقا نهاية عصر النفط؟
- لماذا يعتبر محافظ البنك المركزي أخطر منصب اقتصادي؟
- الجاسوس الذي باع أسرار أمريكا: قصة ألدريتش أميس
- حين تُصبح الجغرافيا لاعباً سياسياً: هل هي نعمة أم نقمة؟
- فيتنام تغير جلدها: عندما تتصالح الشيوعية مع السوق
- تجربة ميليغرام: لماذا يطيع الإنسان أوامر تؤذي الآخرين؟
- الجاسوس الذي عرف أكثر مما يجب: ماركوس كلينبرغ وأسرار الحرب ا ...
- الطائرات المسيرة: سلاح المستقبل الذي غيّر وجه المعارك


المزيد.....




- مدينة نازية منسية تحت الأرض.. ماذا يكشف الريف البولندي الهاد ...
- فيديو متداول لـ-لحظة انفجار مقاتلة إسرائيلية بصاروخ يمني-.. ...
- هل يتعرض الصحفيون في غزة لضغوط عدا عن إسرائيل من حماس أيضًا؟ ...
- عقب ضربة قطر وقبيل تحركات دبلوماسية حاسمة.. روبيو في إسرائيل ...
- دراسة: قاع البحر المتوسط بات مكبا ضخما للنفايات البلاستيكية ...
- المكتب الإعلامي بغزة: الاحتلال يمارس التضليل لتبرير التهجير ...
- مسيّرة تغلق أجواء مطار رامون الإسرائيلي في ثاني هجوم خلال أس ...
- كلاب روبوتية وأشعة ليزر وميكروويف.. أسلحة لحسم حروب المستقبل ...
- إيران: أي عمل عدائي سيوقف تنفيذ الاتفاق مع الوكالة الذرية
- جهاز جديد يفتح آفاقا لعلاج الباركنسون دون جراحة


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صلاح الدين ياسين - حنة أرندت: الفكر الحر في مواجهة الطغيان