أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صلاح الدين ياسين - الوضعية: عندما يصبح العلم الطريق الوحيد إلى المعرفة














المزيد.....

الوضعية: عندما يصبح العلم الطريق الوحيد إلى المعرفة


صلاح الدين ياسين
باحث

(Salaheddine Yassine)


الحوار المتمدن-العدد: 8458 - 2025 / 9 / 7 - 15:34
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الوضعية هي تيار فلسفي يؤكد أن المعلومات الحسية (ما نراه، نسمعه، نلمسه، نذوقه، ونشمه) هي المصدر الوحيد للمعرفة الموثوقة. إن أي شيء يتجاوز ذلك، مثل الميتافيزيقا (ما وراء الطبيعة) أو التأملات الفلسفية والدينية، لا يمكن اعتباره معرفة حقيقية بالمعنى العلمي. وبناء على ذلك، ترفض الوضعية كل ما لا يمكن إثباته من خلال التجربة.
أولا: النشأة والسياق التاريخي
ظهرت الفلسفة الوضعية في أوروبا، في فترة كانت تشهد ثورات علمية وصناعية بعد قرون من هيمنة الفكر الديني والميتافيزيقي. ويُعتبر الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت (1798 – 1857) المؤسس الرئيسي لهذا التيار، حيث حاول أن ينقل المنهج العلمي من ميدان الطبيعة إلى ميدان الاجتماع والفكر.
وقد وضع كونت ما أسماه "قانون المراحل الثلاث" لتطور الفكر البشري والمجتمعات:
- المرحلة اللاهوتية (الدينية): في هذه المرحلة، يفسر البشر الظواهر من خلال قوى خارقة للطبيعة أو آلهة.
- المرحلة الميتافيزيقية (الفلسفية): هنا، تُفسَّر الظواهر بمفاهيم مجردة وغير مرئية مثل "الطبيعة" أو "الجوهر".
- المرحلة الوضعية (العلمية): هذه هي المرحلة النهائية والأكثر تطوراً ونضجا، حيث يركز البشر على الملاحظة التجريبية واكتشاف القوانين التي تحكم الظواهر دون البحث عن أسباب نهائية أو غائية. في هذه المرحلة، يكون الهدف هو معرفة "كيف؟" تحدث الأشياء، وليس "لماذا؟" تحدث بالمعنى الفلسفي.
ثانيا: المبادئ الأساسية للوضعية
تستند الفلسفة الوضعية إلى عدة مبادئ أساسية:
- التحقق التجريبي: يجب أن تكون أي فرضية أو نظرية قابلة للاختبار والتحقق من صحتها من خلال التجربة والملاحظة.
- الابتعاد عن الميتافيزيقا: ترفض الفلسفة الوضعية التساؤلات حول الأمور غير القابلة للملاحظة أو القياس، مثل طبيعة الوعي، أو الغاية النهائية للوجود. لا يعني ذلك نفي وجودها بالضرورة، بل يعني أنها ليست ضمن نطاق المعرفة العلمية.
- الوحدة المنهجية للعلوم: ترى الوضعية أن جميع العلوم، سواء كانت طبيعية أو اجتماعية، يجب أن تتبع نفس المنهج العلمي الصارم.
- الهدف من المعرفة العلمية: من خلال فهم القوانين التي تحكم الظواهر، يمكننا التنبؤ بما سيحدث في المستقبل والتحكم في بعض الجوانب لخدمة مصالح البشرية.
- فصل الأخلاق عن العلم: إن العلم لا يتعامل مع "ما ينبغي أن يكون"، بل مع "ما هو قائم بالفعل".
ثالثا: النقد الموجه للوضعية
على الرغم من تأثيرها الكبير، واجهت الفلسفة الوضعية بعض الانتقادات:
- التقليل من شأن الجوانب غير المادية: يرى النقاد أن الوضعية تهمل جوانب مهمة من الوجود البشري لا يمكن قياسها أو ملاحظتها بسهولة، مثل المشاعر، الأخلاق، والفن.
- فخ الاستقراء: تعتمد الوضعية بشكل كبير على الاستقراء (الاستدلال من حالات فردية إلى قوانين عامة). ومع ذلك، لا توجد ضمانة بأن ما حدث في الماضي سيحدث بالضرورة في المستقبل، كما أشار إلى ذلك الفيلسوف ديفيد هيوم.
- النظرة التبسيطية للظواهر الاجتماعية: قد تؤدي الوضعية إلى تبسيط الظواهر المعقدة، خاصة في العلوم الاجتماعية، حيث تتأثر السلوكيات البشرية بعوامل متعددة يصعب قياسها بشكل دقيق مثل اللاوعي والمشاعر الدفينة.
وعلى الرغم من هذه الانتقادات، لا يمكن إنكار التأثير الهائل للفلسفة الوضعية. لقد ساهمت بشكل كبير في تطور المنهج العلمي المستند إلى الملاحظة والتجربة. كما شجعت على دراسة المجتمع والسلوك البشري بطرق أكثر منهجية وعلمية، وحفزت على التفكير النقدي في الادعاءات التي لا تستند إلى أدلة مادية أو علمية.



#صلاح_الدين_ياسين (هاشتاغ)       Salaheddine_Yassine#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البراغماتية: فلسفة ما ينفع الناس
- العدمية: بين الفراغ الوجودي وصناعة المعنى
- من إف-22 إلى جيه-20: كيف غيّرت مقاتلات الجيل الخامس قواعد ال ...
- الحضارة تحت المجهر: كيف تعيد الديموغرافيا تشكيل العالم؟
- القطة التي اصطادت الفأر: حكمة دينغ التي غيّرت وجه الصين
- المستبد المستنير: هل هو ضرورة تاريخية أم نمط حكم عقيم؟
- حين تُحسم الحرب من خلف الستار: دور المخابرات في الصراعات الح ...
- ما هي عوامل التحول الديمقراطي؟
- حين تصبح السماء ساحة معركة: كيف تغيرت قواعد الدفاع الجوي؟
- كيف تنعش الحروب الرأسمالية؟
- لماذا تُعد مكافحة التجسس أصعب من التجسس نفسه؟
- هل اقتربت حقا نهاية عصر النفط؟
- لماذا يعتبر محافظ البنك المركزي أخطر منصب اقتصادي؟
- الجاسوس الذي باع أسرار أمريكا: قصة ألدريتش أميس
- حين تُصبح الجغرافيا لاعباً سياسياً: هل هي نعمة أم نقمة؟
- فيتنام تغير جلدها: عندما تتصالح الشيوعية مع السوق
- تجربة ميليغرام: لماذا يطيع الإنسان أوامر تؤذي الآخرين؟
- الجاسوس الذي عرف أكثر مما يجب: ماركوس كلينبرغ وأسرار الحرب ا ...
- الطائرات المسيرة: سلاح المستقبل الذي غيّر وجه المعارك
- قيصر الغناء كاظم الساهر: الفن الأصيل في زمن السرعة


المزيد.....




- مسؤول عراقي يعلن عن موعد انتهاء مهام التحالف الدولي في بلاده ...
- تداول فيديو بزعم -نقل مروحيات أمريكية عناصر داعش بالعراق-.. ...
- العاهل الأردني في أبو ظبي.. تأكيد على رفض الاستيطان الإسرائي ...
- استئناف عمليات مطار رامون الإسرائيلي بعد إصابته بمسيرة أطلقت ...
- ما هي حركة -10 سبتمبر- التي تدعو للاحتجاج في فرنسا وهل تنجح ...
- هل يحرم الذكاء الاصطناعي أبناءك من تطوير مهاراتهم؟ هكذا نتعا ...
- خبير عسكري: هدفان لإسرائيل من تدمير أبراج غزة وعماراتها السك ...
- الموصل تنهض من جديد.. شاهد كيف أُعيد بناء معالمها بعدما دمره ...
- غموض حول الحالة الصحية للفنّانة الكويتية حياة الفهد
- جدل حول إعلان إلغاء صفقة الغاز الإسرائيلي مع مصر.. وخبراء: ا ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صلاح الدين ياسين - الوضعية: عندما يصبح العلم الطريق الوحيد إلى المعرفة