أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صلاح الدين ياسين - السفسطائية: فلسفة الإقناع بدلًا من الحقيقة














المزيد.....

السفسطائية: فلسفة الإقناع بدلًا من الحقيقة


صلاح الدين ياسين
باحث

(Salaheddine Yassine)


الحوار المتمدن-العدد: 8549 - 2025 / 12 / 7 - 16:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ظهر السفسطائيون في اليونان القديمة خلال القرن الخامس قبل الميلاد، وخاصة في مدينة أثينا، في فترة عرفت بازدهار الخطابة والديمقراطية. إن السفسطائيين لم يكونوا مدرسة فلسفية متجانسة، بل كانوا مجموعة من المعلمين المتجولين، يتقاضون أجورًا لتعليم البلاغة، وفنون الإقناع.
أولا: نسبية الحقيقة والمعرفة
إن أشهر من عبّر عن هذه الفكرة هو السفسطائي بروتاغوراس الذي قال: "الإنسان هو مقياس كل شيء"، ومعنى ذلك أن الحقيقة تختلف من شخص لآخر، فما أراه أنا صوابًا قد تراه أنت خطأ، والعكس صحيح. ومن ثم، فلا وجود لحقيقة مطلقة أو خير مطلق، بل كل شيء نسبي ويتغير بحسب الزمان والمكان والثقافة.
وهكذا، لم يكن السفسطائيون مهتمين بالبحث عن الحقيقة المطلقة، بل كان اهتمامهم الأول ينصب على كيفية الفوز في النقاش. بالنسبة لهم، كان الهدف هو إقناع الآخرين بوجهة نظرك، سواء كانت صحيحة أم خاطئة. فالمحامي أو السياسي الذي يستطيع أن يعرض فكرته بشكل مقنع يمكنه التأثير في الناس، حتى لو لم يكن على حق. ولذلك، فقد ركزوا على تطوير تقنيات الخطابة والجدل، مثل:
- الجدل المزدوج: القدرة على الدفاع عن وجهتي نظر متناقضتين بنفس القوة.
- المغالطات المنطقية: استخدام حجج تبدو منطقية ولكنها في الحقيقة خادعة وغير صحيحة.
كما اعتقد السفسطائيون أن قوانين الأخلاق والقيم الاجتماعية ليست جزءًا من الطبيعة (Physis)، بل هي مجرد اتفاقيات وضعها البشر (Nomos) من أجل تنظيم حياتهم. إن ذلك يعني أن الأخلاق ليست ثابتة، بل هي متغيرة وتختلف من مجتمع لآخر ومن زمن لآخر.
ثانيا: التعليم العملي
اهتم السفسطائيون بالنجاح العملي في الحياة العامة. فقد كان طلابهم من الشباب الطموحين الذين يريدون أن يصبحوا قادة سياسيين أو محامين، وكانوا بحاجة إلى مهارات الخطابة والإقناع لتحقيق أهدافهم. لذلك، كان تدريسهم يركز على المهارات العملية التي تساعد الطلاب على النجاح في حياتهم المهنية والشخصية.
وبالمقابل، واجهت السفسطائية نقدًا حادًا من فلاسفة مثل سقراط وأفلاطون وأرسطو. رأى هؤلاء الفلاسفة أن السفسطائيين يُفسدون الشباب ويعلمونهم فنون الخداع والكذب. بالنسبة لهم، كانت مهمة الفلسفة هي البحث عن الحقيقة والخير والجمال المطلق، بينما كان السفسطائيون يدمرون هذه القيم من خلال إقناع الناس بأن كل شيء نسبي.
وبقطع النظر عن مدى مشروعية هذا النقد، كان للسفسطائيين دور مهم في تاريخ الفكر اليوناني والإنساني. فقد كانوا أول من ركز على الإنسان واهتماماته بدلاً من التركيز على الطبيعة والكون. كما أنهم ساهموا في تطوير فن الخطابة والجدل، بالإضافة إلى مناهضتهم للتعصب والاستبداد الفكري من خلال اعتقادهم بنسبية الحقيقة.



#صلاح_الدين_ياسين (هاشتاغ)       Salaheddine_Yassine#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأبيقورية: هل يمكن أن تكون الفلسفة طريقًا للطمأنينة؟
- الفلسفة الرواقية: كيف تعيش حياة هادئة وسط الصعوبات والمآسي؟
- عبد الله العروي: لماذا فشل العرب في الانتقال إلى الحداثة؟
- فريدريك نيتشه: عندما تصبح الفلسفة صرخة في وجه القطيع
- كتاب -صعود وسقوط القوى العظمى-: هل تواجه أمريكا مصير الإمبرا ...
- من الإنسان العاقل إلى الإنسان الإله: رحلة العقل البشري في عي ...
- روبرت مالتوس: داعية التوازن الديمغرافي
- كتاب لماذا تفشل الأمم يجيب: لماذا ينهض البعض ويتعثر الآخرون؟
- ماكس فيبر: الرجل الذي سبر أغوار المجتمعات الحديثة
- صمويل هنتغتون: من صراع الأيديولوجيات إلى صدام الحضارات
- ميشيل فوكو: كيف نقع ضحية للسلطة دون أن نشعر بذلك؟
- حنة أرندت: الفكر الحر في مواجهة الطغيان
- الوضعية: عندما يصبح العلم الطريق الوحيد إلى المعرفة
- البراغماتية: فلسفة ما ينفع الناس
- العدمية: بين الفراغ الوجودي وصناعة المعنى
- من إف-22 إلى جيه-20: كيف غيّرت مقاتلات الجيل الخامس قواعد ال ...
- الحضارة تحت المجهر: كيف تعيد الديموغرافيا تشكيل العالم؟
- القطة التي اصطادت الفأر: حكمة دينغ التي غيّرت وجه الصين
- المستبد المستنير: هل هو ضرورة تاريخية أم نمط حكم عقيم؟
- حين تُحسم الحرب من خلف الستار: دور المخابرات في الصراعات الح ...


المزيد.....




- ماكرون: نيجيريا طلبت من فرنسا دعما إضافيا لمواجهة العنف في ا ...
- سلام: لبنان ملتزم بضمان حصر السلاح بيد الدولة
- ماسك يصعّد هجومه ضد الاتحاد الأوروبي.. ويشبهه بـ-النازية-
- دراسة: هكذا مهّدت براكين القرن الـ14 لأسوأ جائحة في التاريخ ...
- ترامب: زيلينسكي لم يقرأ بعد خطة السلام الأميركية
- إطلاق سراح 100 تلميذ مختطف في نيجيريا
- الكرملين يعلق على استراتيجية ترامب للأمن القومي.. ماذا قال؟ ...
- السوريون ما بين آمال وآلام بعد عام من سقوط الأسد
- غوتيريش: سقوط نظام الأسد أنهى عقودا من القمع بسوريا
- جنوب أفريقيا تلغي إعفاء الفلسطينيين من التأشيرة لمواجهة الته ...


المزيد.....

- العقل العربي بين النهضة والردة قراءة ابستمولوجية في مأزق الو ... / حسام الدين فياض
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صلاح الدين ياسين - السفسطائية: فلسفة الإقناع بدلًا من الحقيقة