صلاح الدين ياسين
باحث
(Salaheddine Yassine)
الحوار المتمدن-العدد: 8535 - 2025 / 11 / 23 - 16:17
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ظهرت الفلسفة الرواقية في اليونان خلال القرن الثالث قبل الميلاد، وأسّسها الفيلسوف زينون في أثينا. وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى "الرواق الملوَّن"، وهو المكان الذي كان يجتمع فيه الفلاسفة الرواقيون. وعلى الرغم من أن أصولها يونانية، فإن الفلسفة الرواقية تطورت بشكل كبير في العهد الروماني، وبلغت ذروتها مع فلاسفة مثل سينيكا، وماركوس أوريليوس، الإمبراطور الروماني والفيلسوف الرواقي.
أولا: السيطرة على الانفعالات والأفكار السلبية
يشدد الرواقيون على أن هناك أشياء في الحياة يمكننا التحكم فيها، وأشياء أخرى لا يمكننا التحكم فيها (مثل آراء الآخرين، الطقس، الذكريات المؤلمة، الموت، المرض، والمستقبل). ومن ثم، يجدر بنا التركيز على ما هو تحت سيطرتنا، وقبول ما لا يمكننا التحكم فيه بهدوء، لكي نتحرر من القلق والتوتر غير الضروري.
وتأسيسا على ذلك، يرى الرواقيون أن المشاعر السلبية مثل الغضب، الحسد، والخوف ليست ناتجة عن الأحداث الخارجية نفسها، بل عن تصوراتنا وتفسيراتنا لهذه الأحداث. وعليه، تركز الفلسفة الرواقية على تدريب العقل على إعادة تقييم هذه الأحكام، وتقبل الواقع كما هو، والتعامل مع الصعوبات بهدوء وشجاعة. وكما يقول إبيكتيتوس: "ليست الأشياء هي التي تزعج الناس، بل آراؤهم حول هذه الأشياء."
ثانيا: الرواقية والأخلاق
يعتقد الرواقيون أن السعادة الحقيقية لا تأتي من الثروة، الشهرة، أو الملذات الخارجية، بل من النمو الأخلاقي والفضيلة. إن الرواقي لا يعمل الخير طمعًا في الثواب أو خوفًا من العقاب، بل لأنه يرى أن الخير يجب فعله لكونه خيرًا. وبناء على ذلك، تُعد الفضيلة هي الخير الأسمى بنظر الرواقي، فعندما نتصرف بفضيلة، فإننا نكون في سلام مع أنفسنا ومع العالم.
ثالثا: ممارسات رواقية بسيطة في حياتنا اليومية
- تمرين "ماذا لو؟": قبل أن تنزعج من أي شيء، اسأل نفسك: "هل هذا الشيء تحت سيطرتي؟". إذا كان الجواب "لا"، فدع القلق يرحل وركز طاقتك على ما يمكنك فعله.
- خفض من توقعاتك: ابدأ يومك بالتفكير فيما قد يواجهك من تحديات. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول لنفسك: "اليوم قد أقابل شخصًا مزعجًا، قد أواجه تأخيرًا، قد تحدث أمور خارجة عن إرادتي. سأتقبل كل ذلك بهدوء وسأحافظ على توازني الداخلي."
- الاستمتاع باللحظة الحالية: إن اقتناعك بأن كل شيء في هذه الحياة هو مؤقت وزائل يمكن أن يساعدك على تقدير اللحظة الحالية والاستمتاع بها.
- التخيل السلبي: تخيل فقدان ما تملكه وما تحبه، كي تُقَدِّر قيمته، وتتهيأ نفسياً لما قد يحدث.
#صلاح_الدين_ياسين (هاشتاغ)
Salaheddine_Yassine#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟