صلاح الدين ياسين
باحث
(Salaheddine Yassine)
الحوار المتمدن-العدد: 8556 - 2025 / 12 / 14 - 16:52
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
إريك فروم هو فيلسوف وعالم نفس اجتماعي ألماني، وُلد عام 1900 وتوفي عام 1980. يُعد من أبرز ممثلي مدرسة فرانكفورت للنظرية النقدية. تميزت أفكاره بمزج فريد بين التحليل النفسي لفرويد، والفلسفة الوجودية، والنقد الاجتماعي الماركسي.
أولا: الهروب من الحرية
يُعد مفهوم "الهروب من الحرية" من أبرز المفاهيم التي نسجها فروم، إذ يرى أن الحرية، على الرغم من كونها جوهرية للنمو الإنساني، إلا أنها قد تكون مصدر قلق وتوتر. فمع تزايد الحرية الفردية في المجتمعات الحديثة، خصوصًا بعد التحرر من القيود التقليدية للسلطة والدين، يواجه الفرد مسؤولية هائلة لاختيار طريقه الخاص وتحديد هويته. إن هذه المسؤولية قد تكون مرهقة لدرجة أن بعض الأفراد يفضلون الهروب من الحرية والعودة إلى أشكال مختلفة من التبعية.
ويُحدد فروم ثلاث طرق رئيسية لهذا الهروب:
- الاستبداد: إن الانجذاب إلى قادة أقوياء أو أنظمة استبدادية يمنح الفرد شعورًا زائفًا بالأمان، ويمكن أن نضرب مثلا على ذلك بصعود الفاشية والنازية في أوروبا.
- النزعة التدميرية: وهو ما يتجسد في ميل الفرد لتدمير الآخرين أو نفسه عندما يشعر بالعجز أمام العالم.
- الميل إلى المطابَقة: وهي أكثر أشكال الهروب شيوعًا في المجتمعات الحديثة. هنا، يتخلى الفرد عن فرديته ويتبنى الأنماط السائدة في التفكير والشعور والسلوك، ليصبح "رجل آلي" يتصرف وفقًا لتوقعات المجتمع. يفقد الفرد بذلك هويته الحقيقية، ولكنه يشعر بالأمان من خلال الانتماء إلى القطيع.
ثانيا: اغتراب الإنسان في المجتمع الرأسمالي
يُعرف إريك فروم بأنه أحد رواد "التحليل النفسي الاجتماعي". لقد سعى إلى دمج أفكار فرويد حول اللاوعي والدوافع الفردية مع تحليل ماركس للمجتمع والهياكل الاقتصادية. وهكذا، رأى فروم أن شخصية الفرد لا تتشكل فقط من خلال تجارب الطفولة والصراعات الداخلية، بل تتأثر بشكل كبير بالبنية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الذي يعيش فيه.
على سبيل المثال، يرى فروم أن "الشخصية التسويقية" هي نتاج للمجتمع الرأسمالي المعاصر. في هذا النمط، يُنظر إلى الفرد على أنه "سلعة" يجب أن تُسَوق نفسها بنجاح للحصول على القبول الاجتماعي والمهني، الشيء الذي يؤدي إلى فقدان الأصالة والسعي الدائم لإرضاء الآخرين.
وتأسيسا على ذلك، انتقد فروم الرأسمالية المعاصرة لتركيزها على "نمط الامتلاك"، حيث يتم تقييم الإنسان استنادا إلى ما يمتلكه من ممتلكات، سلطة، أو مكانة، مما يؤدي إلى الشعور بالاغتراب، والتنافس، والجشع. وفي المقابل، يدعو المفكر الألماني إلى تبني "نمط الكينونة"، حيث تُقَدَّر قيمة الإنسان بما ينتجه من إبداع، حب، وعلاقات إنسانية حقيقية.
#صلاح_الدين_ياسين (هاشتاغ)
Salaheddine_Yassine#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟