أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي ابوحبله - القومية العربية في ظل التحولات الإقليمية والدولية قراءة استراتيجية سياسية واقتصادية واجتماعية في مشروع لم يكتمل














المزيد.....

القومية العربية في ظل التحولات الإقليمية والدولية قراءة استراتيجية سياسية واقتصادية واجتماعية في مشروع لم يكتمل


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8562 - 2025 / 12 / 20 - 13:18
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


القومية العربية في ظل التحولات الإقليمية والدولية
قراءة استراتيجية سياسية واقتصادية واجتماعية في مشروع لم يكتمل
إعداد: المحامي علي أبو حبلة
باحث في القانون الدولي – رئيس تحرير صحيفة صوت العروبة
أولًا: مدخل استراتيجي
تُعد القومية العربية، أو العروبة في مفهومها المعاصر، من أكثر المشاريع الفكرية والسياسية تأثيرًا في التاريخ العربي الحديث. فهي تقوم على الإيمان بأن العرب يشكّلون أمة واحدة، تجمعها وحدة اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة، وأن هذا الواقع الموضوعي يؤهلهم لبناء كيان عربي موحد يمتد من المحيط إلى الخليج. غير أن هذا المشروع، رغم حضوره العميق في الوعي الجمعي العربي، ظل حبيس الخطاب أكثر من كونه واقعًا سياسيًا أو اقتصاديًا متجسدًا.
اليوم، وفي ظل تحولات إقليمية ودولية عميقة، تعود القومية العربية إلى واجهة النقاش لا بوصفها شعارًا عاطفيًا، بل كسؤال استراتيجي يتعلق بمستقبل الأمن القومي العربي، والتنمية، والاستقرار الاجتماعي.
ثانيًا: الجذور التاريخية والبنية الفكرية
لم تكن القومية العربية وليدة العصر الحديث، بل تجذّر الوعي بالانتماء العربي منذ الجاهلية، حيث عبّر الشعر العربي عن الاعتزاز باللغة والهوية. ومع بزوغ الإسلام، اكتسب هذا الانتماء بعدًا حضاريًا أوسع، إذ شكّل العرب العمود الفقري للدولة الإسلامية، وأصبحت اللغة العربية وعاءً للسياسة والعلم والإدارة.
وفي العهد الأموي، تعزز الشعور القومي مع تعريب الدواوين ومركزية العرب في السلطة، ما أسهم في بلورة هوية عربية سياسية، وإن بقيت متداخلة مع الإطار الديني العام.
ثالثًا: القومية العربية كمشروع سياسي حديث
مع انهيار الدولة العثمانية وتقسيم المشرق العربي وفق اتفاقيات استعمارية، تحولت القومية العربية إلى مشروع تحرري سياسي يسعى لمواجهة الاستعمار والتجزئة. وقد بلغت ذروة حضورها في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، عبر التيار الناصري وحزب البعث، اللذين قدّما القومية العربية كبديل استراتيجي للدولة القُطرية.
وشكّل قيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا عام 1958 أبرز تجليات هذا التوجه، إلى جانب محاولات وحدوية أخرى. إلا أن هذه التجارب اصطدمت بعوامل بنيوية، أهمها غياب الديمقراطية، هيمنة العسكر، تضارب المصالح القُطرية، وضعف المؤسسات فوق الوطنية.
رابعًا: البعد الاقتصادي – وحدة معطلة رغم الإمكانات
اقتصاديًا، تمتلك الدول العربية مقومات تكامل استثنائية: موارد طبيعية هائلة، موقع جغرافي استراتيجي، سوق بشرية تتجاوز 400 مليون نسمة، وتكامل محتمل بين رأس المال والطاقة والموارد البشرية. ومع ذلك، بقي الاقتصاد العربي مجزأً، وتعاني معظم الدول العربية من التبعية، والبطالة، وضعف الإنتاجية.
فشلت القومية العربية الرسمية في ترجمة الخطاب الوحدوي إلى مشاريع تكامل اقتصادي حقيقي، وبقيت جامعة الدول العربية إطارًا شكليًا محدود الفاعلية، عاجزًا عن بناء سوق عربية مشتركة أو سياسات تنموية موحدة.
خامسًا: البعد الاجتماعي – الهوية بين الوحدة والتفكك
اجتماعيًا، شكّلت القومية العربية مظلة جامعة لهويات متعددة، وأسهمت في ترسيخ الشعور بالانتماء المشترك. غير أن إخفاق المشروع السياسي والاقتصادي فتح الباب أمام صعود الهويات الفرعية: الطائفية، العشائرية، والمناطقية، فضلًا عن تنامي النزعات القُطرية الضيقة.
وقد ساهمت النزاعات الداخلية، وغياب العدالة الاجتماعية، وتراجع دور الدولة الوطنية، في إضعاف الثقة الشعبية بأي مشروع وحدوي تقوده الأنظمة، مقابل تصاعد مطالب الشعوب بالحرية والكرامة والمشاركة السياسية
سادسًا: القومية العربية بعد الربيع العربي
أعادت ثورات الربيع العربي طرح القومية العربية من زاوية جديدة، حيث برز تيار شعبي عابر للحدود، يرى أن وحدة العرب لا يمكن أن تُفرض من أعلى، بل يجب أن تنبع من إرادة الشعوب، وعلى قاعدة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
إلا أن هذا التحول اصطدم بواقع إقليمي شديد التعقيد: دول منهكة، صراعات مسلحة، تدخلات خارجية، وتراجع مفهوم الأمن القومي العربي المشترك، ما جعل القومية العربية أمام اختبار وجودي حقيقي.
سابعًا: قراءة استراتيجية للمستقبل
استراتيجيًا، لم يعد السؤال ما إذا كانت القومية العربية فكرة صالحة، بل كيف يمكن إعادة صياغتها كمشروع واقعي قابل للتنفيذ. مشروع لا يلغي الدولة الوطنية، بل يبني على التكامل التدريجي: سياسيًا عبر التنسيق، اقتصاديًا عبر السوق المشتركة، واجتماعيًا عبر تعزيز الهوية الجامعة واحترام التعدد.
إن القومية العربية اليوم مطالبة بالتحول من أيديولوجيا تعبئة إلى استراتيجية بناء، ومن خطاب شعاراتي إلى برنامج عمل يستجيب لتحديات العصر.
خاتمة
القومية العربية لم تفشل كفكرة، لكنها تعثرت كممارسة. وهي اليوم أمام فرصة تاريخية لإعادة تعريف ذاتها بوصفها مشروعًا سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا عقلانيًا، تقوده الشعوب وتحميه المؤسسات، في عالم لا يعترف إلا بالتكتلات الكبرى.
إن إعادة الاعتبار للعروبة ليست ترفًا فكريًا، بل ضرورة استراتيجية في مواجهة التفكك، والتبعية، وتحديات المستقبل.



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمم المتحدة تحذر من عرقلة وصول مساعدات الإيواء إلى غزة
- عقلية المؤامرة: حين يتحوّل الوهم إلى عائق استراتيجي أمام بنا ...
- **الحركة التعاونية في فلسطين: إلى أين؟
- عبثاً تحارب إسرائيل “الأونروا”
- فلسطين دولة تحت الاحتلال… والحاجة الملحّة إلى حوار وطني شامل
- «مملكة يهوذا والسامرة»:
- حين تُهزم القوة وتنتصر الحيلة: قراءة عربية في مأزق الصراع
- مطلوب تحرك أممي عاجل لوقف المخططات الإسرائيلية لتغيير الجغرا ...
- تنهيدة كرامة: صمود المواطن الفلسطيني في مواجهة أزمات متعددة
- أهمية المشاركة الفلسطينية في مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب ...
- العدوان على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين: شروط العودة الإسرائ ...
- الذئب والكلب: وفاء مهدر وشجاعة ممجدة… عبرة من الطبيعة للبشر
- خطة تقسيم غزة… قراءة تحليلية في الدلالات القانونية والاسترات ...
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بعد 77 عاماً: بين المبادئ والو ...
- -انتفاضة الحجارة-.. بعد ثمانية وثلاثين عامًا: قراءة استراتيج ...
- قرار الكنيست بإلغاء قانون الأراضي الأردني: انتهاك للشرعية ال ...
- صناعة المحتوى الرقمي: أمانة الكلمة ومسؤولية المجتمع والقانون
- بين -مجلس السلام- و-الهيكل الحاكم في غزة-... قرارات فوقية تت ...
- شبكات التضليل والإعلام المأجور… معركة الوعي في مواجهة محاولا ...
- مؤتمر إسرائيل هيوم في نيويورك: تعزيز التحالف الأميركي–الإسرا ...


المزيد.....




- كاميرا توثّق ظاهرة غريبة.. فراشات ليلية تتغذّى على دموع الأي ...
- إتيكيت الهدايا.. نصائح أساسية قبل تقديم أي هدية
- الأردن يبين مشاركته في الضربة الأمريكية بسوريا ضد داعش
- لأول مرة.. البحرية الأمريكية تطلق طائرة هجومية -انتحارية- من ...
- تقرير المكتب السياسي أمام الدورة السابعة للجنة المركزية
- مزيد من المحادثات حول أوكرانيا.. مسؤولون أمريكيون وروس يجتمع ...
- بين سجون الأسد وقضبان الاحتلال.. -جميلة- تلخص حكاية وجع سوري ...
- محكمة باكستانية تقضي بسجن عمران خان وزوجته 17 عاما
- عبر الخريطة التفاعلية.. تعرف على المناطق التي استهدفها القصف ...
- قتلى بقصف تايلندي لكمبوديا وتفاؤل أميركي بهدنة قريبة


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي ابوحبله - القومية العربية في ظل التحولات الإقليمية والدولية قراءة استراتيجية سياسية واقتصادية واجتماعية في مشروع لم يكتمل