أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي ابوحبله - تنهيدة كرامة: صمود المواطن الفلسطيني في مواجهة أزمات متعددة














المزيد.....

تنهيدة كرامة: صمود المواطن الفلسطيني في مواجهة أزمات متعددة


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8553 - 2025 / 12 / 11 - 13:09
المحور: القضية الفلسطينية
    


مقدمة
في ظل الأزمات المتشابكة التي تعصف بالواقع الفلسطيني—سياسيًا، واجتماعيًا، واقتصاديًا—تكتسب عبارة "تنهيدة الكرامة" بعدًا رمزيًا وواقعيًا في الوقت نفسه. فهذه التنهيدة ليست مجرد زفرة أو تعبير عن ألم فردي، بل انعكاس حي لتجربة مجتمع كامل يرزح تحت وطأة التحديات المتفاقمة.
بين الاحتلال الذي يفرض قيودًا على الأرض والحركة، وسلطة تعاني أزمة ثقة وهامشية القرار، واقتصاد يواجه تبعات البطالة والفقر المزمن، يجد المواطن الفلسطيني نفسه أمام اختبار يومي للكرامة والهوية، يحاول فيه الحفاظ على صموده وسط عواصف من الإحباط.
التنهيدة هنا تمثل صوتًا صامتًا للمقاومة—صوت الاحتجاج على الظلم الاجتماعي، الهشاشة الاقتصادية، وغياب السياسات الوطنية الشاملة. إنها تعبير عن رفض الاستسلام، ورفض أن تتحول الحياة اليومية إلى سلسلة من الانكسارات المتراكمة.
البعد السياسي: الانقسام وتراجع المؤسسات
يعكس الواقع السياسي الفلسطيني مزيجًا من الانقسام الداخلي والتحديات الهيكلية التي تحد من قدرة المواطن على ممارسة حقوقه. الانقسام بين الضفة وغزة، وضعف الشرعية الشعبية والسياسية، يضعف القدرة على اتخاذ قرارات وطنية فعالة.
نتيجة ذلك، تتحول المؤسسات الرسمية إلى آليات إدارة يومية أكثر منها أدوات حماية سياسية أو أدوات استراتيجيّة لصون الكرامة. المواطن يواجه صعوبة في رؤية خارطة طريق واضحة، وهو ما يعمّق شعوره بالإحباط ويزيد من تنامي التذمر الشعبي.
إحصائية: وفق دراسة صادرة عن المركز الفلسطيني للإحصاء عام 2024، 62% من الفلسطينيين في الضفة وغزة يعتقدون أن الانقسام السياسي أثر سلبًا على قدرتهم على الحصول على خدمات أساسية وممارسة حقوقهم المدنية.
هذا الانقسام لا يقتصر على الأبعاد المؤسسية، بل يمتد إلى الشرائح الاجتماعية والسياسية المختلفة، ما يزيد من هشاشة النسيج الوطني ويضعف دور المجتمع في الدفع نحو إصلاح سياسي شامل.
البعد الاجتماعي: هشاشة النسيج المجتمعي
تتجلى آثار الأزمة السياسية والاجتماعية بشكل واضح في الضغوط اليومية التي يواجهها المواطن العادي. البطالة المرتفعة، محدودية الفرص التعليمية، تدهور الخدمات الأساسية، كلها عوامل تؤثر على شعور الأفراد بالكرامة والانتماء.
التنهيدة هنا هي زفرة مجتمع يئنّ تحت وطأة التحديات، ولكنه لا ينسلخ عن هويته. هي صوت أولياء الأمور الذين يقلقون على مستقبل أبنائهم في ظل نظام تعليمي متأزم، وصوت الشباب الذين يرون فرصهم تتقلص عامًا بعد عام.
> بيانات اجتماعية: وفق تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية (2023)، يعيش حوالي 54% من السكان تحت خط الفقر، ويعاني 40% من محدودي الدخل من انعدام الأمن الغذائي. هذه المؤشرات تعكس تهديدًا مباشرًا للكرامة اليومية للفلسطينيين.
الجانب الاجتماعي يمتد أيضًا إلى التأثير النفسي الجماعي، إذ تظهر دراسات علم النفس الاجتماعي أن فترات الضغوط الطويلة تؤدي إلى شعور متزايد بالعجز والقلق المزمن، ما يؤثر بدوره على القدرة المجتمعية على التفاعل الإيجابي والتضامن.
البعد الاقتصادي: تآكل القدرة الشرائية والفرص
الجانب الاقتصادي يعد أحد أبرز عناصر تهديد الكرامة اليومية. البطالة، خصوصًا بين الشباب والخريجين، والاعتماد الكبير على المساعدات الخارجية، يضع المواطن في حلقة مفرغة من العوز والانكسار الاجتماعي.
إحصائية: وفق تقرير البنك الدولي 2024، بلغت نسبة البطالة بين الشباب الفلسطينيين 43%، مع ارتفاع ملحوظ في معدل البطالة بين الخريجين الجامعيين، ما يجعل الاستثمار في التعليم لا يرتبط بتحقيق استقلال اقتصادي أو تأمين حياة كريمة
إضافة إلى البطالة، يعاني الاقتصاد الفلسطيني من القيود المفروضة على حركة البضائع والأفراد، والتبعية الاقتصادية الجزئية لإسرائيل، وارتفاع تكاليف المعيشة، ما يجعل كل يوم يمر اختبارًا لصمود المواطنين. هنا، تصبح التنهيدة صوتًا من داخل المنزل الفلسطيني، صوتًا صامتًا يعبر عن انكسار مؤقت لكنه يحمل مقاومة صامدة.
البعد الرمزي: التنهيدة كعلامة صمود
رغم كل الضغوط، تبقى "تنهيدة الكرامة" علامة على صمود الإنسان الفلسطيني. إنها تعبير عن قدرة المجتمع على البقاء، وعن رفض الانحناء أمام القهر اليومي. فالمواطن يواصل أداء واجباته اليومية، ويصرّ على تعليم أبنائه، ويقاوم الفقر رغم محدودية الفرص، محافظًا على كريمة الذات والهوية الوطنية.
التنهيدة هنا ليست ضعفًا، بل تعبير عن مقاومة صامتة، عن احتجاج على التهميش السياسي، وعن تمسك بالكرامة الفردية والجماعية. وهي مؤشر واضح على أن الشعب الفلسطيني لا يزال يمتلك القدرة على التغيير والإصلاح إذا توفرت الإرادة السياسية والاجتماعية والدعم الدولي الفعّال.
خلاصة واستنتاجات
تتحول تنهيدة الكرامة من مجرد زفرة إنسانية إلى رمز صمود واحتجاج هادئ، لكنها عميق الدلالة. فهي تعكس التحديات المركبة التي تواجه الفلسطينيين، وتبرز الحاجة الملحة إلى:
1. إصلاح سياسي شامل يقلل الانقسام ويعيد الثقة بالمؤسسات الرسمية.
2. سياسات اجتماعية تحمي الفئات الضعيفة وتضمن التعليم والصحة للجميع.
3. تنمية اقتصادية حقيقية توفر فرص عمل وتحسن مستوى المعيشة، بعيدًا عن الاعتماد الكامل على المساعدات الخارجية.
4. تعزيز الوعي الوطني وربط الكرامة الفردية بالكرامة الوطنية، لتصبح صمام أمان ضد الانكسار النفسي والاجتماعي.
في النهاية، تبقى تنهيدة الكرامة أكثر من مجرد تعبير إنساني؛ إنها مرآة الوطن وصوت الشعب، تحذر من الانزلاق إلى اليأس، وتؤكد أن الحفاظ على الكرامة—رغم كل الضغوط—هو الركيزة الأساسية لبناء مستقبل مستدام وعادل.



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهمية المشاركة الفلسطينية في مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب ...
- العدوان على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين: شروط العودة الإسرائ ...
- الذئب والكلب: وفاء مهدر وشجاعة ممجدة… عبرة من الطبيعة للبشر
- خطة تقسيم غزة… قراءة تحليلية في الدلالات القانونية والاسترات ...
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بعد 77 عاماً: بين المبادئ والو ...
- -انتفاضة الحجارة-.. بعد ثمانية وثلاثين عامًا: قراءة استراتيج ...
- قرار الكنيست بإلغاء قانون الأراضي الأردني: انتهاك للشرعية ال ...
- صناعة المحتوى الرقمي: أمانة الكلمة ومسؤولية المجتمع والقانون
- بين -مجلس السلام- و-الهيكل الحاكم في غزة-... قرارات فوقية تت ...
- شبكات التضليل والإعلام المأجور… معركة الوعي في مواجهة محاولا ...
- مؤتمر إسرائيل هيوم في نيويورك: تعزيز التحالف الأميركي–الإسرا ...
- -سقوط المؤامرات: كيف ينهار زيف الأكاذيب أمام وعي الشعوب-
- اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة 2025: اختبار للمعايير الإن ...
- المؤتمر الثامن لحركة فتح: استحقاق وطني وضرورة تنظيمية لإعادة ...
- إسرائيل وفقدان الاتزان الإستراتيجي: قراءة مهنية في البنية وا ...
- الحملة العسكرية الإسرائيلية على طوباس: استراتيجية فرض واقع ا ...
- مصادقة إسرائيل على مشروع -بوستان حيفتس-: تحدٍّ مباشر لترامب
- اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني: اختبار للإرادة الدو ...
- التعليم والصحة الفلسطينية: انهيار مؤسسي يهدد استقرار المجتمع ...
- -المخيمات الفلسطينية تحت الحصار: النزوح القسري كأداة احتلالي ...


المزيد.....




- ترتيب الجناة الرئيسيين خلف مقتل 67 إعلاميا وفقا لمراسلون بلا ...
- -الغبيات القذرات-… عبارة بريجيت ماكرون التي أشعلت فرنسا
- الكونغرس الأمريكي يوافق على إلغاء قانون قيصر ورفع العقوبات ع ...
- تشيكيا تشرّع استخدام مادة السيلوسيبين المستخلص من الفطر السح ...
- إسرائيل تقر بناء 764 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية ا ...
- لوموند: إسرائيل تفرض نظاما غير مسبوق من الإرهاب في الضفة الغ ...
- الذكاء الاصطناعي يكتب أكثر في 2026 لكن الصحافة البشرية لا تف ...
- قوة إسرائيلية تفجر منزلا بعد تسللها في جنوب لبنان
- صحف عالمية: غزة تتعرض لوصاية استعمارية غير قانونية بقيادة تر ...
- زعيم الانقلاب الفاشل في بنين يفر إلى توغو المجاورة


المزيد.....

- قراءة في وثائق وقف الحرب في قطاع غزة / معتصم حمادة
- مقتطفات من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني / غازي الصوراني
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي ابوحبله - تنهيدة كرامة: صمود المواطن الفلسطيني في مواجهة أزمات متعددة