أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - علي ابوحبله - صناعة المحتوى الرقمي: أمانة الكلمة ومسؤولية المجتمع والقانون














المزيد.....

صناعة المحتوى الرقمي: أمانة الكلمة ومسؤولية المجتمع والقانون


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8549 - 2025 / 12 / 7 - 14:59
المحور: الصحافة والاعلام
    


بقلم: المحامي علي أبو حبلة
شهدت السنوات الأخيرة تحولًا جذريًا في صناعة المحتوى الرقمي، حيث لم تعد منصات التواصل الاجتماعي مجرد أدوات للتواصل أو الإبداع، بل أصبحت سوقًا اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا يفرض تحديات كبيرة على صناع المحتوى. هذا التحول يرتبط بأربعة عناصر رئيسية: مشاريع الدفع المسبق، الفكر المعلّب، التطبيع الرقمي، والإدمان الرقمي، وكلها تثير تساؤلات حول المسؤولية القانونية والأخلاقية والاجتماعية لصانع المحتوى.
أولًا: مشاريع الدفع المسبق – شراء الرأي والوعي
دخلت عقود الدفع المسبق في صناعة المحتوى كأداة لتمويل الإنتاج، لكنها غالبًا تأتي مع اشتراطات محددة تؤثر على طبيعة المحتوى. القانون الدولي والإعلامي ينص صراحة على:
الشفافية والإفصاح عن مصادر التمويل وفق معايير اليونسكو لحماية حرية الرأي والنشر.
حظر التضليل الإعلامي أو الترويج لمصالح سياسية أو تجارية دون الإفصاح للجمهور.
المساءلة القانونية عن أي محتوى يضر بالمصلحة العامة أو يروج للكراهية أو العنف.
اقتصاديًا، أصبح المحتوى الرقمي سلعة لها قيمة سوقية، حيث تقدر شركات الأبحاث العالمية حجم السوق بـ أكثر من 100 مليار دولار سنويًا، ما يعكس تأثيرها الكبير على الاقتصاد الرقمي وسلوك المستهلك.
ثانيًا: الفكر المعلّب – إعادة إنتاج القوالب الجاهزة
ينتشر في السوق الرقمي اليوم ما يُعرف بـ الفكر المعلّب: مقولات وأفكار جاهزة تُعاد تدويرها دون تحليل أو تحقق، ما يخلق وعيًا جماعيًا قائمًا على معلومات سطحية أو مضللة.
من الناحية الاجتماعية والثقافية، هذا الأسلوب يضعف قدرة الجمهور على النقد والتحليل، ويؤثر على الهوية الثقافية والقيم الوطنية، خصوصًا بين الشباب.
كما تشير الدراسات إلى أن المحتوى المعلّب يسهم في تكرار الصور النمطية، ويُضعف المشاركة المدنية الحقيقية، وهو ما دفع العديد من الدول لتطبيق تشريعات ضد التضليل الرقمي والإشاعات، مثل قانون مكافحة الأخبار الكاذبة في بعض الدول الأوروبية.
ثالثًا: التطبيع الرقمي – خطر على القيم الوطنية والدينية
يُعتبر التطبيع الرقمي أحد أخطر أبعاد صناعة المحتوى الحديث، حيث يتم تطبيع الجماهير على أفكار سياسية أو اجتماعية حساسة عبر محتوى ترفيهي، موسيقي أو فيديوهات قصيرة، ما يؤدي إلى:
تقليل الحساسية الوطنية والقيمية تجاه قضايا الوطن.
خلق قبول ضمني لممارسات قد تكون مخالفة للقانون الدولي أو الأعراف الإنسانية.
التأثير على القرارات السياسية والاجتماعية للأفراد والمجتمع.
هذا التطبيع ليس مجرد ظاهرة إعلامية، بل يمتد إلى البعد الثقافي والديني، ويستلزم مراقبة قانونية وأخلاقية، خصوصًا حين يتعلق بمحتوى يروّج للعنصرية أو الكراهية أو يشوّه القيم الدينية.
رابعًا: الإدمان الرقمي – الاقتصاد والمجتمع في مواجهة المنصات
الإدمان الرقمي لم يعد قضية فردية، بل أصبح تحديًا اجتماعيًا واقتصاديًا:
اجتماعيًا: يقلل من التواصل الواقعي بين أفراد الأسرة، ويزيد من معدلات القلق والاكتئاب بين الشباب.
اقتصاديًا: يزيد اعتماد الأفراد على التجارة الإلكترونية والإعلانات الموجهة، ما يخلق اقتصادًا قائمًا على البيانات الشخصية.
ثقافيًا: يُضعف القدرة على التركيز والتحليل، ويعزز السطحية في التعليم والثقافة.
تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن الاستخدام المفرط للشاشات يؤثر على الصحة العقلية والجسدية للشباب، بينما تنبه اليونسكو إلى ضرورة بناء سياسات وطنية للتعامل مع الإدمان الرقمي وحماية الهوية الثقافية.
خامسًا: صانع المحتوى والمسؤولية القانونية والأخلاقية
صانع المحتوى الرقمي محور العملية بأكملها، ومسؤوليته لا تقتصر على جذب المشاهدات أو تحقيق الأرباح، بل تشمل:
1. الشفافية والصدق: الالتزام بالمعلومة الصحيحة والكشف عن أي تحيز أو تمويل.
2. حماية الجمهور: الامتناع عن نشر محتوى ضار، خاصة للقاصرين، أو يدعو للعنف أو الكراهية.
3. الامتثال للقوانين: مراعاة القوانين المحلية والدولية المتعلقة بالنشر الرقمي، حقوق الإنسان، وحرية التعبير.
4. المسؤولية الأخلاقية والدينية: كل محتوى يُنشر يشكل وعي الجمهور، ويكون صانع المحتوى مسؤولًا عنه أمام المجتمع وأمام الله عز وجل، كما نص القرآن الكري
> "وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد"
أن صناعة المحتوى الرقمي تمثل اليوم فرصة ذهبية للوعي والمعرفة، لكنها تحمل أيضًا مخاطر قانونية وأخلاقية واقتصادية واجتماعية.
يجب على صانع المحتوى أن يكون واعيًا:
بأن كل كلمة يكتبها أو ينشرها لها أثر مباشر على المجتمع.
بأن القانون يراقب التضليل والتحريض والإضرار بالمصلحة العامة.
وأن الأخلاق والدين يضعان لكل محتوى حدودًا لا يجوز تجاوزها.
في النهاية، صناعة المحتوى مسؤولية كبيرة، ونجاحها الحقيقي يقاس بقوة الرسالة، مصداقية المعلومة، وحماية المجتمع من التضليل والتدهور الأخلاقي والثقافي.



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين -مجلس السلام- و-الهيكل الحاكم في غزة-... قرارات فوقية تت ...
- شبكات التضليل والإعلام المأجور… معركة الوعي في مواجهة محاولا ...
- مؤتمر إسرائيل هيوم في نيويورك: تعزيز التحالف الأميركي–الإسرا ...
- -سقوط المؤامرات: كيف ينهار زيف الأكاذيب أمام وعي الشعوب-
- اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة 2025: اختبار للمعايير الإن ...
- المؤتمر الثامن لحركة فتح: استحقاق وطني وضرورة تنظيمية لإعادة ...
- إسرائيل وفقدان الاتزان الإستراتيجي: قراءة مهنية في البنية وا ...
- الحملة العسكرية الإسرائيلية على طوباس: استراتيجية فرض واقع ا ...
- مصادقة إسرائيل على مشروع -بوستان حيفتس-: تحدٍّ مباشر لترامب
- اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني: اختبار للإرادة الدو ...
- التعليم والصحة الفلسطينية: انهيار مؤسسي يهدد استقرار المجتمع ...
- -المخيمات الفلسطينية تحت الحصار: النزوح القسري كأداة احتلالي ...
- ويلٌ لأمّةٍ تأكل مما لا تزرع
- تحولات «حماس» بين المقاومة والسياسة: قراءة موضوعية في ضوء نق ...
- **نقابة الأطباء الإسرائيلية تتحدى بن غفير:
- قرار 2803: وصاية على غزة وتكريس الهيمنة الإسرائيلية… أخطر من ...
- التحليل الاستراتيجي: الشبكات الرقمية المنسّقة وأثرها على الأ ...
- أزمة الحكم في فلسطين ومتطلبات الإصلاح
- الفكر الهجين وتحديات الهوية الوطنية
- تسليح الميليشيات الاستيطانية يرفع منسوب الخطر: اليمين المتطر ...


المزيد.....




- -بطلب من أمريكا-.. رئيس وزراء قطر يكشف بداية علاقة الدوحة بح ...
- هيغسيث يدافع بشراسة عن ضربات الكاريبي: -سنُغرق كل من يجلب ال ...
- سوريا: ما الذي تحقق بعد عام من سقوط نظام الأسد؟
- شوارع بودابست تغص بالعدائين في سباق -سانتا ران-
- مأساة في غوا الهندية: 25 قتيلاً على الأقل بحريق في ملهى ليلي ...
- ألمانيا وإسرائيل توقعان اتفاق شراء منظومة -آرو 3- الصاروخية ...
- ألمانيا ـ صاروخ -أرو 3- يدخل الخدمة ضمن -درع السماء الأوروبي ...
- هل الجري يوميا صحي فعلا؟ اكتشف أضراره!
- وفد نقابي رفيع المستوى يشارك في ملتقى التوظيف الرابع بكنيسة ...
- ماكرون يلوح بفرض رسوم جمركية على الصين لحماية التجارة الأورو ...


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - علي ابوحبله - صناعة المحتوى الرقمي: أمانة الكلمة ومسؤولية المجتمع والقانون