علي ابوحبله
الحوار المتمدن-العدد: 8552 - 2025 / 12 / 10 - 12:38
المحور:
القضية الفلسطينية
إعداد: المحامي علي أبو حبلة
في خطوة تحمل أبعادًا استراتيجية بعيدة المدى، شنت إسرائيل عمليات عسكرية واسعة استهدفت مخيمات اللاجئين في طولكرم ونورشمس ومخيم جنين، تلتها شروط صارمة للسماح بعودة السكان. هذه الشروط تشمل نقل كامل مسؤولية الخدمات إلى السلطة الفلسطينية، منع عمل الأونروا والمنظمات الإنسانية، إعادة تأهيل المباني والبنية التحتية تحت إشراف الجيش الإسرائيلي، وإنشاء نقاط تفتيش ومراكز شرطة دائمة، ما يحول المخيمات من مناطق مدنية مأهولة إلى بيئات مراقبة أمنية مشددة، ويغير طبيعة الحياة فيها بشكل جذري.
تأتي هذه الشروط في مخالفة صريحة للقوانين والمواثيق الدولية وقرارات الشرعية الدولية، والتي تؤكد حقوق اللاجئين الفلسطينيين، ومنها: قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 (1948) الذي يضمن حق العودة أو التعويض، اتفاقيات جنيف الرابعة (1949) التي تحظر الترحيل القسري وتلزم سلطات الاحتلال بضمان حياة كريمة، وقرار مجلس الأمن 237 (1967) الذي يشدد على تسهيل عودة اللاجئين وحماية حقوقهم الأساسية.
الربط بين العودة واشتراط انسحاب المنظمات الإنسانية يمثل محاولة إسرائيلية لتقويض حق العودة المشروع وتحويله إلى أداة ضغط سياسي، كما يقلل من إمكانية وصول السكان إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والغذاء، ويزيد من هشاشة المجتمع المدني داخل المخيمات.
التحليل الاستراتيجي يظهر أن المخطط الإسرائيلي يستهدف ثلاث نقاط رئيسية:
1. إلغاء دور المنظمات الإنسانية الدولية: منع الأونروا والمنظمات غير الحكومية من العمل في المخيمات يعزل السكان عن الدعم الدولي ويضعهم تحت شروط السلطة الفلسطينية الخاضعة لإشراف الاحتلال.
2. إعادة تصميم المخيمات هندسيًا وجغرافيًا: نقل البنية التحتية للكهرباء والمياه تحت الأرض، بناء طرق ومرافق جديدة بإشراف الجيش، وإنشاء نقاط تفتيش ومراكز شرطة دائمة، يحول المخيمات إلى مناطق مراقبة أمنية، ويؤثر على التركيبة الديموغرافية ويعيق حرية الحركة.
3. تقويض حق العودة الفلسطيني: ربط العودة بالموافقة على الشروط الإسرائيلية يحوّل الحق المكفول دوليًا إلى عملية مشروطة، ويضعف المطالبة القانونية والسياسية للاجئين.
هذه العمليات تمثل تجاوزًا صارخًا للقانون الدولي، وتشكّل سابقة خطيرة في تعامل الاحتلال مع المخيمات الفلسطينية. كما أن المخطط يعكس سعي إسرائيل لإعادة تعريف الواقع الميداني والسياسي للمخيمات، وتحويل قضية اللاجئين إلى أداة للضغط على الفلسطينيين دوليًا.
يبقى الحل الوطني الفلسطيني مرهونًا بالتمسك بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وحماية السكان ومؤسسات الإغاثة، وضمان حق العودة دون شروط مجحفة، بما يحفظ للأجيال القادمة مستقبلًا مدنيًا وإنسانيًا. أي قبول بالشروط الإسرائيلية سيشكل تنازلاً استراتيجيًا وسياسيًا خطيرًا، ويضعف حقوق الفلسطينيين المشروعة، ويغير ملامح المخيمات للأجيال القادمة.
#علي_ابوحبله (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟