|
|
-انتفاضة الحجارة-.. بعد ثمانية وثلاثين عامًا: قراءة استراتيجية لإعادة تشكيل الوعي الفلسطيني
علي ابوحبله
الحوار المتمدن-العدد: 8550 - 2025 / 12 / 8 - 13:47
المحور:
القضية الفلسطينية
بقلم المحامي علي أبو حبلة تحلّ الذكرى الثامنة والثلاثون لاندلاع انتفاضة الحجارة لتعيد إلى الذاكرة واحدة من أبرز محطات التاريخ الفلسطيني الحديث، حيث لم تكن مجرد احتجاج شعبي، بل تجربة أعادت تشكيل بنية الوعي الوطني وأسست لإدارة جديدة للصراع، تقوم على مركزية النضال الشعبي، ووحدة الموقف الوطني، والتأثير في الرأي العام الدولي عبر مقاومة مدنية واسعة النطاق. الانتفاضة في سياقها التاريخي انطلقت الانتفاضة في ديسمبر 1987 كرد فعل على سنوات طويلة من الاستيطان والسياسات الإقصائية، لكنها سرعان ما تحولت إلى حركة وطنية جامعة، جمعت المدن والمخيمات والقرى في مواجهة الاحتلال. وباتت الفعل الشعبي نفسه أداة سياسية وإعلامية وقانونية، تؤكد قدرة الفلسطيني على فرض أجندته، واستعادة هويته الوطنية أمام محاولات التذويب والطمس، ضمن جبهة صلبة عابرة للفصائل حول شعار أساسي: الحرية وإنهاء الاحتلال. البعد القانوني وتدويل العدالة على المستوى القانوني، كانت الانتفاضة نقطة فاصلة دفعت المجتمع الدولي لإعادة تقييم سلوك إسرائيل وفق القانون الدولي. فقد وثقت التقارير الحقوقية استشهاد 1162 فلسطينيًا بينهم 241 طفلًا، وإصابة نحو 90 ألفًا، وهدم 1228 منزلًا واقتلاع 140 ألف شجرة، إضافة إلى اعتقال 60 ألف فلسطيني دون ضمانات محاكمة عادلة. هذه الانتهاكات عززت المطالبة القانونية بمحاسبة الاحتلال، ومنحت الشرعية للمقاومة الشعبية كوسيلة مشروعة ضد القوة القائمة بالاحتلال وفق القانون الدولي. الأبعاد السياسية والاستراتيجية لم تكن الانتفاضة مجرد احتجاج شعبي، بل شكّلت تحولًا استراتيجيًا في الصراع. فقد كسرت الهالة حول الجيش الإسرائيلي، وكشفت محدودية القوة العسكرية في مواجهة مقاومة شعبية سلمية ذات أثر رمزي وسياسي كبير. ومن أبرز نتائجها: إعلان الاستقلال عام 1988، وفرض مسار المفاوضات وصولًا إلى اتفاق أوسلو، ونقل الرواية الفلسطينية إلى الإعلام الدولي، وإعادة توحيد الفعل الوطني ضمن إطار سياسي مشترك. الانتفاضة كرافعة للصمود الوطني أسست الانتفاضة لبنية مجتمعية صلبة تقوم على التكافل والتضامن الشعبي، وأصبحت مدرسة في التنظيم الشعبي، عصية على الاختراق، وأنتجت قيادات ميدانية جديدة. كما شكلت نموذج مقاومة مدنية متكاملًا يجمع بين الاحتجاج، والمقاطعة الاقتصادية، والإضرابات، وإدارة العصيان المدني، في تجربة قلّ نظيرها عالميًا. الذكرى في ظل الحرب على غزة تأتي ذكرى الانتفاضة اليوم في ظل حرب إبادة شاملة على غزة، وتصعيد عسكري واستيطاني في الضفة الغربية، وإعادة تشكيل النظام الدولي، ومحاولات فرض حلول منقوصة للقضية الفلسطينية. هذا الواقع يؤكد ضرورة العودة إلى دروس الانتفاضة ليس فقط كذكرى، بل كمنهج عملي لإعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني. دروس استراتيجية للمرحلة الراهنة تطرح تجربة الانتفاضة دروسًا واضحة: أن الوحدة الوطنية شرط وجودي، وتشكيل حكومة إنقاذ أو حكومة تكنوقراط قادرة على توحيد الضفة وغزة ضرورة عاجلة، مع اعتماد استراتيجية مقاومة شعبية منظمة بالتوازي مع أدوات دبلوماسية وقانونية، وتعزيز الصمود الاقتصادي والاجتماعي لحماية النسيج الوطني، واستثمار التضامن الدولي لدعم مكانة القضية الفلسطينية، وتحويل التضحيات إلى مكاسب سياسية وقانونية مستدامة. استعادة روح الانتفاضة إعادة إنتاج نموذج انتفاضة الحجارة بصيغته الكلاسيكية صعب اليوم، لكن استعادة روحها من خلال وحدة وطنية، وزخم شعبي، ومقاومة مدنية منظمة ممكنة وضرورية، مع تكييف فلسفة العمل مع التحولات الميدانية والسياسية، بما يعكس قدرة الشعب الفلسطيني على التأثير في مجريات الصراع والحفاظ على حقوقه غير القابلة للتصرف. خاتمة بعد ثمانية وثلاثين عامًا، تظل انتفاضة الحجارة محطة مضيئة ونقطة تحول تاريخية، تؤكد أن الشعوب القادرة على توحيد إرادتها ووعيها وهدفها يمكنها إعادة تشكيل مسارات تاريخها. في ظل تحديات وجودية غير مسبوقة، فإن استلهام تجربة الانتفاضة ليس رفاهية فكرية، بل ضرورة وطنية لإطلاق مرحلة جديدة تقوم على الوحدة – الصمود – التنظيم – الفعل الشعبي – الحضور الدولي – والتمسك بالحقوق غير القابلة للتصرف.
بقلم المحامي علي أبو حبلة تحلّ الذكرى الثامنة والثلاثون لاندلاع انتفاضة الحجارة لتعيد إلى الذاكرة واحدة من أبرز محطات التاريخ الفلسطيني الحديث، حيث لم تكن مجرد احتجاج شعبي، بل تجربة أعادت تشكيل بنية الوعي الوطني وأسست لإدارة جديدة للصراع، تقوم على مركزية النضال الشعبي، ووحدة الموقف الوطني، والتأثير في الرأي العام الدولي عبر مقاومة مدنية واسعة النطاق. الانتفاضة في سياقها التاريخي انطلقت الانتفاضة في ديسمبر 1987 كرد فعل على سنوات طويلة من الاستيطان والسياسات الإقصائية، لكنها سرعان ما تحولت إلى حركة وطنية جامعة، جمعت المدن والمخيمات والقرى في مواجهة الاحتلال. وباتت الفعل الشعبي نفسه أداة سياسية وإعلامية وقانونية، تؤكد قدرة الفلسطيني على فرض أجندته، واستعادة هويته الوطنية أمام محاولات التذويب والطمس، ضمن جبهة صلبة عابرة للفصائل حول شعار أساسي: الحرية وإنهاء الاحتلال. البعد القانوني وتدويل العدالة على المستوى القانوني، كانت الانتفاضة نقطة فاصلة دفعت المجتمع الدولي لإعادة تقييم سلوك إسرائيل وفق القانون الدولي. فقد وثقت التقارير الحقوقية استشهاد 1162 فلسطينيًا بينهم 241 طفلًا، وإصابة نحو 90 ألفًا، وهدم 1228 منزلًا واقتلاع 140 ألف شجرة، إضافة إلى اعتقال 60 ألف فلسطيني دون ضمانات محاكمة عادلة. هذه الانتهاكات عززت المطالبة القانونية بمحاسبة الاحتلال، ومنحت الشرعية للمقاومة الشعبية كوسيلة مشروعة ضد القوة القائمة بالاحتلال وفق القانون الدولي. الأبعاد السياسية والاستراتيجية لم تكن الانتفاضة مجرد احتجاج شعبي، بل شكّلت تحولًا استراتيجيًا في الصراع. فقد كسرت الهالة حول الجيش الإسرائيلي، وكشفت محدودية القوة العسكرية في مواجهة مقاومة شعبية سلمية ذات أثر رمزي وسياسي كبير. ومن أبرز نتائجها: إعلان الاستقلال عام 1988، وفرض مسار المفاوضات وصولًا إلى اتفاق أوسلو، ونقل الرواية الفلسطينية إلى الإعلام الدولي، وإعادة توحيد الفعل الوطني ضمن إطار سياسي مشترك. الانتفاضة كرافعة للصمود الوطني أسست الانتفاضة لبنية مجتمعية صلبة تقوم على التكافل والتضامن الشعبي، وأصبحت مدرسة في التنظيم الشعبي، عصية على الاختراق، وأنتجت قيادات ميدانية جديدة. كما شكلت نموذج مقاومة مدنية متكاملًا يجمع بين الاحتجاج، والمقاطعة الاقتصادية، والإضرابات، وإدارة العصيان المدني، في تجربة قلّ نظيرها عالميًا. الذكرى في ظل الحرب على غزة تأتي ذكرى الانتفاضة اليوم في ظل حرب إبادة شاملة على غزة، وتصعيد عسكري واستيطاني في الضفة الغربية، وإعادة تشكيل النظام الدولي، ومحاولات فرض حلول منقوصة للقضية الفلسطينية. هذا الواقع يؤكد ضرورة العودة إلى دروس الانتفاضة ليس فقط كذكرى، بل كمنهج عملي لإعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني. دروس استراتيجية للمرحلة الراهنة تطرح تجربة الانتفاضة دروسًا واضحة: أن الوحدة الوطنية شرط وجودي، وتشكيل حكومة إنقاذ أو حكومة تكنوقراط قادرة على توحيد الضفة وغزة ضرورة عاجلة، مع اعتماد استراتيجية مقاومة شعبية منظمة بالتوازي مع أدوات دبلوماسية وقانونية، وتعزيز الصمود الاقتصادي والاجتماعي لحماية النسيج الوطني، واستثمار التضامن الدولي لدعم مكانة القضية الفلسطينية، وتحويل التضحيات إلى مكاسب سياسية وقانونية مستدامة. استعادة روح الانتفاضة إعادة إنتاج نموذج انتفاضة الحجارة بصيغته الكلاسيكية صعب اليوم، لكن استعادة روحها من خلال وحدة وطنية، وزخم شعبي، ومقاومة مدنية منظمة ممكنة وضرورية، مع تكييف فلسفة العمل مع التحولات الميدانية والسياسية، بما يعكس قدرة الشعب الفلسطيني على التأثير في مجريات الصراع والحفاظ على حقوقه غير القابلة للتصرف. خاتمة بعد ثمانية وثلاثين عامًا، تظل انتفاضة الحجارة محطة مضيئة ونقطة تحول تاريخية، تؤكد أن الشعوب القادرة على توحيد إرادتها ووعيها وهدفها يمكنها إعادة تشكيل مسارات تاريخها. في ظل تحديات وجودية غير مسبوقة، فإن استلهام تجربة الانتفاضة ليس رفاهية فكرية، بل ضرورة وطنية لإطلاق مرحلة جديدة تقوم على الوحدة – الصمود – التنظيم – الفعل الشعبي – الحضور الدولي – والتمسك بالحقوق غير القابلة للتصرف.
#علي_ابوحبله (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قرار الكنيست بإلغاء قانون الأراضي الأردني: انتهاك للشرعية ال
...
-
صناعة المحتوى الرقمي: أمانة الكلمة ومسؤولية المجتمع والقانون
-
بين -مجلس السلام- و-الهيكل الحاكم في غزة-... قرارات فوقية تت
...
-
شبكات التضليل والإعلام المأجور… معركة الوعي في مواجهة محاولا
...
-
مؤتمر إسرائيل هيوم في نيويورك: تعزيز التحالف الأميركي–الإسرا
...
-
-سقوط المؤامرات: كيف ينهار زيف الأكاذيب أمام وعي الشعوب-
-
اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة 2025: اختبار للمعايير الإن
...
-
المؤتمر الثامن لحركة فتح: استحقاق وطني وضرورة تنظيمية لإعادة
...
-
إسرائيل وفقدان الاتزان الإستراتيجي: قراءة مهنية في البنية وا
...
-
الحملة العسكرية الإسرائيلية على طوباس: استراتيجية فرض واقع ا
...
-
مصادقة إسرائيل على مشروع -بوستان حيفتس-: تحدٍّ مباشر لترامب
-
اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني: اختبار للإرادة الدو
...
-
التعليم والصحة الفلسطينية: انهيار مؤسسي يهدد استقرار المجتمع
...
-
-المخيمات الفلسطينية تحت الحصار: النزوح القسري كأداة احتلالي
...
-
ويلٌ لأمّةٍ تأكل مما لا تزرع
-
تحولات «حماس» بين المقاومة والسياسة: قراءة موضوعية في ضوء نق
...
-
**نقابة الأطباء الإسرائيلية تتحدى بن غفير:
-
قرار 2803: وصاية على غزة وتكريس الهيمنة الإسرائيلية… أخطر من
...
-
التحليل الاستراتيجي: الشبكات الرقمية المنسّقة وأثرها على الأ
...
-
أزمة الحكم في فلسطين ومتطلبات الإصلاح
المزيد.....
-
رشيد حموني يسائل وزير الفلاحة حول الاختلالات التي تشوب الربط
...
-
عام على الإطاحة بالأسد.. مدينة حمص، شاهدة على جراح الماضي وم
...
-
-النادي خذلني-... ليفربول يستبعد صلاح من مواجهة إنتر ميلان ب
...
-
السودان يتحسّب لتطورات عسكرية في حدوده مع إثيوبيا
-
كاتب بهآرتس: إعلام إسرائيل يستخف بالفلسطينيين ويكرس الأبارتا
...
-
الشرع: وضعنا رؤية لسوريا قوية وملتزمون بالعدالة الانتقالية
-
تفاصيل مقتل ممثل مصري على يد زوج مطلقته
-
في بيئة منهارة.. الأمراض تفتك بأجساد السوريين
-
مقتل مراهق على يد ضابط يفتح الباب أمام تسوية قياسية في سان د
...
-
تحذير ياباني من تسونامي بعد زلزال بقوة 7.6 درجة ريختر
المزيد.....
-
قراءة في وثائق وقف الحرب في قطاع غزة
/ معتصم حمادة
-
مقتطفات من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني
/ غازي الصوراني
-
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي
...
/ غازي الصوراني
-
بصدد دولة إسرائيل الكبرى
/ سعيد مضيه
-
إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2
/ سعيد مضيه
-
إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل
/ سعيد مضيه
-
البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية
/ سعيد مضيه
-
فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع
/ سعيد مضيه
-
جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2].
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2].
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
المزيد.....
|