أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ بجاوي - الجزائر جزائرية...هوية لاتقبل الوصاية ولا الاختزال














المزيد.....

الجزائر جزائرية...هوية لاتقبل الوصاية ولا الاختزال


محفوظ بجاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8558 - 2025 / 12 / 16 - 09:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


«الجزائر جزائرية» ليس شعارًا ظرفيًا ولا عبارة انفعالية، بل هو تعبير مكثف عن وعي تاريخي عميق وعن إرادة جماعية ترفض الوصاية والاختزال معًا. هو قول بسيط في شكله، لكنه ثقيل في معناه، لأنه يضع حدًا لكل محاولات إعادة تعريف الجزائر خارج ذاتها سواء باسم الحداثة الزائفة أو باسم الانتماءات المستوردة. فالجزائر لم تكن يومًا فرنسية حتى تُستعاد إلى فرنسا، ولم تكن مشرقيّة حتى تُعاد إليها، بل كانت دائمًا أرضًا لها تاريخها الخاص، وهويتها المتجذرة ومسارها الحضاري المستقل.
إن هذا الشعار يزعج كل دعاة الوصاية، قديمهم وحديثهم، لأنه يسحب منهم امتياز الكلام باسم الجزائر ويفضح نزعتهم إلى التعامل معها كفراغ ثقافي قابل للحشو. ومن يرفض «الجزائر جزائرية» لا يرفض عبارة لغوية، بل يرفض الجزائر كما هي في واقعها التاريخي والاجتماعي، ويرفض الاعتراف بتعدّدها الطبيعي وبجذورها الأمازيغية الضاربة في عمق الزمن وبانفتاحها اللاحق على محيطها العربي والإسلامي والمتوسطي دون ذوبان أو تبعية.
والحقيقة التي يغفل عنها كثيرون اليوم أن الانزعاج من هذا الشعار يعيد إنتاج موقف قديم عرفته الجزائر في أواخر الحقبة الاستعمارية، حين كان الأقدام السوداء يرفضون فكرة «جزائر جزائرية» لأنهم أرادوها «جزائر فرنسية غربية»، تقصي السكان الأصليين وتحوّلهم إلى هامش في وطنهم. واليوم، بعد أكثر من ستة عقود يتكرر المنطق نفسه بأدوات لغوية مختلفة، حين يطالب مؤدلجون جدد بـ«جزائر عربية مشرقيّة» تُقصي، هي الأخرى، السكان الأصليين الأمازيغ، وتختزل الجزائر في امتداد ثقافي لا أصل له فيها.
قد تغيّرت اللغة وتبدّلت الأقنعة، لكن الجوهر بقي واحدًا: منطق الإقصاء، ورفض الجزائر كما هي، والسعي إلى إخضاعها لقالب إيديولوجي جاهز. فكما أن الاستعمار لم يتحمّل فكرة جزائر مستقلة بهويتها، لا يتحمّل بعض معاصريه فكرة جزائر لا تُختزل في عرق واحد أو ثقافة واحدة أو مرجعية واحدة.
إن «الجزائر جزائرية» لا تعني الانغلاق ولا التعصّب، ولا تنفي ما تفاعل مع هذه الأرض عبر التاريخ، لكنها تضع الأمور في نصابها الصحيح: لا انتماء يعلو على الأرض ولا سردية تلغي الأصل، ولا هوية لاحقة تبرّر محو الجذور. هي تأكيد على أن الانتماء العربي والإسلامي كان امتدادًا تاريخيًا، لا بديلًا عن هوية قائمة، ولا مبررًا لإقصاء مكوّن أساسي من مكوّنات الأمة.
ومن يرفض هذا الشعار اليوم، إنما يرفض الجزائر بتاريخها الحقيقي، وبشعبها بكل مكوّناته، ويرفض فكرة الوطن كما هو، لصالح وطن متخيَّل على مقاس الإيديولوجيا. غير أن الجزائر التي قاومت الإمبراطوريات وأسقطت مشاريع الهيمنة، لن تقبل اليوم أن تُعاد صياغتها أو تُستلب هويتها أو تُختزل في قراءة ضيقة. ستبقى جزائرية، لأن ذلك ليس خيارًا سياسيًا بل حقيقة تاريخية لا تقبل الجدل.



#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هوية لا تختزل...والجزائر، ذاكرة لاتقبل التزوير
- الإسلام الحقيقي ... بين نقاء القرآن وتشويهات الحديث المدوّن ...
- التاريخ المزيف ... حين تستباح الذاكرة
- الفلسفة..نور العقل في زمن الظلال: رحلة الإنسان إلى الذات وال ...
- على حافة الوعي... او حافة الهاوية
- الإعلام المصري يوقظ الغيرة الوطنية... والإعلام الجزائري يبيع ...
- حين تغتصب المعاني باسم السماء
- التراث المعماري الأمازيغي بين جذور شمال إفريقيا وإشعاع الأند ...
- الثورة الجزائرية... فكر قبل أن تكون سلاحًا
- بين الجذور والهوية المكتسبة: رحلة الشعوب نحو ذاتها
- من غرس الشجرة إلى إشعال الشاشة: الجزائر تزهر بالثقافة
- الجزائر تزهر من جديد : تحية إلى شعب يغرس الأمل
- الهوية... الحقيقة التي خافوا منها طويلًا حتى أصبح الجزائري غ ...
- ومضة سلام عل ضفتي شمال إفريقيا
- حين استوردنا الحجاب...واستوردنا معه تراجع الوعي
- الجزائر : حضارة الهوية وحماية الذات
- من فضاء للتنوير إلى مسرح للإذلال... مأساة المدرسة الجزائرية
- نوميديا... مملكة الشعب لا مملكة البدو
- لسنا ضد الدين ... بل ضد من يحتكره
- الجزائر بين تلاعب الهويات وخطر التفكيك


المزيد.....




- انتحار العسكريين الأوكرانيين يحرمهم من كل أشكال التكريم والح ...
- هجوم روسي على زابوريجيا يسفر عن إصابة 29 شخصًا بينهم أطفال
- -عدالة أم تصفية حسابات؟-: موالٍ لحركة -ماغا- يوسّع تحقيقًا ي ...
- عبارة ترامب الشهيرة: ماذا تعني وما دلالاتها؟
- تقرير: -الدعم السريع- دمرت وأخفت أدلة على عمليات قتل جماعي و ...
- -رجل في مواجهة طفل-: مستر -بين- يعود في دور لا يجيده أحد غير ...
- فرنسا: ترجيح فرضية التدخل الأجنبي إثر العثور على نظام للتحكم ...
- نشر طائرات -غراولر- يعزز الخيار العسكري الأميركي ضد فنزويلا ...
- حكم بالإقامة الجبرية لطبيب متورط بوفاة نجم -فريندز- ماثيو بي ...
- المنخفض الجوي في غزة يسقط 15 منزلا خلال أيام قليلة


المزيد.....

- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ بجاوي - الجزائر جزائرية...هوية لاتقبل الوصاية ولا الاختزال