أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - يحي عباسي بن أحمد - المقال الثالث :الصهيونية المسيحية: حين تتحوّل النبوءة إلى سياسة تفكيك التحالف اللاهوتي–الإمبراطوري في صناعة إسرائيل














المزيد.....

المقال الثالث :الصهيونية المسيحية: حين تتحوّل النبوءة إلى سياسة تفكيك التحالف اللاهوتي–الإمبراطوري في صناعة إسرائيل


يحي عباسي بن أحمد
كاتب

(Abassi Yahia Ben Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8557 - 2025 / 12 / 15 - 22:18
المحور: قضايا ثقافية
    


1. مدخل إشكالي: حين لا تكون السياسة سياسية
حين ندقق في طبيعة الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل، يظهر خلل تفسيري في كل التحليلات التي تكتفي بـ:
• المصالح الاستراتيجية،
• اللوبيات السياسية،
• الحسابات الجيوسياسية فقط.
ذلك لأن هذا الدعم يتجاوز منطق العقل السياسي البارد إلى منطق الإيمان اللاهوتي المتطرّف. وهنا نكون أمام ظاهرة فريدة في التاريخ الحديث:
تحالف مباشر بين نبوءة دينية وسلاح نووي.
هذا التحالف يُعرف اصطلاحيًا بـ:
الصهيونية المسيحية (Christian Zionism)
وهي ليست تيارًا هامشيًا، بل أحد الأعمدة العميقة للسياسة الأمريكية تجاه إسرائيل (Boyer, 1992 Spector, 2009).

2. الجذر اللاهوتي: من “شعب الله المختار” إلى “دولة الله الوظيفية”
تنطلق الصهيونية المسيحية من قراءة حرفية للعهد القديم، خاصة:
• سفر التكوين،
• سفر حزقيال،
• وسفر الرؤيا.
حيث يُعاد تفسير النصوص على النحو التالي:
• عودة اليهود إلى فلسطين = تحقيق وعد إلهي.
• قيام إسرائيل = علامة من علامات “نهاية الزمان”.
• الصراع في فلسطين = تمهيد لمعركة هرمجدون.
• المسيح لن يعود إلا بعد اكتمال هذه الشروط.
بذلك:
لا تصبح إسرائيل مشروعًا سياسيًا، بل شرطًا لاهوتيًا لخلاص العالم وفق هذه العقيدة.
وهنا تنتقل إسرائيل من:
• كيان استعماري مدعوم،
إلى:
• أداة كونية لتحقيق السيناريو الإلهي المتخيَّل.

3. انقلاب خطير في اللاهوت المسيحي
في اللاهوت المسيحي الكلاسيكي:
• المسيح جاء بالخلاص الروحي،
• ونقل مركز العلاقة مع الله من الأرض إلى الإنسان،
• وألغى مفهوم “شعب الله العرقي”.
لكن الصهيونية المسيحية:
أعادت تثبيت:
• فكرة الشعب المختار،
• والجغرافيا المقدّسة،
• والدولة الدينية،
ولكن بصيغة يهودية لا مسيحية.
وهنا يقع التناقض العميق:
الصهيونية المسيحية تخدم المشروع اليهودي سياسيًا، بينما ترفض اليهودية الدينية أصلًا عقيدة المسيح.
أي أننا أمام:
تحالف متناقض لاهوتيًا، متماسك سياسيًا.

4. من الكنيسة إلى البيت الأبيض: كيف تسللت النبوءة إلى القرار السياسي؟
منذ سبعينيات القرن العشرين، صعدت في أمريكا:
• الكنائس الإنجيلية الأصولية،
• التي تؤمن بأن دعم إسرائيل واجب ديني لا خيار سياسي.
وقد وصل هذا التيار إلى:
• صلب الحزب الجمهوري،
• المؤسسة العسكرية،
• ومراكز صناعة القرار (Spector, 2009).
أبرز رموزه:
• جيري فالويل،
• بات روبرتسون،
• جون هيغي.
هؤلاء:
• ليسوا دعاة وعظ فقط،
• بل مهندسو رأي عام،
• ومموّلو حملات انتخابية،
• وصنّاع رؤية استراتيجية.
وبهذا:
لم تعد إسرائيل مجرد حليف… بل عقيدة داخل الدولة الأمريكية.

5. اللاهوت كغطاء أعلى للاستعمار
الخطير في الصهيونية المسيحية ليس دعمها لإسرائيل فقط، بل:
• تحويل الاستعمار إلى فعل مقدّس،
• والاحتلال إلى تنفيذ للإرادة الإلهية.
فحين:
• يُهجر الفلسطيني باسم “النبوءة”،
• ويُقتل باسم “تحقيق المشيئة”،
نكون قد دخلنا مرحلة:
تقديس الجريمة سياسيًا ولاهوتيًا معًا.
وهذا أخطر من الاستعمار التقليدي، لأن:
• الاستعمار العادي يُبرّر بالمصلحة،
• أما هذا فيُبرّر بالسماء.

6. من الوعد الإلهي إلى الوظيفة الإمبراطورية
رغم الطابع الديني المعلن، فإن:
• الصهيونية المسيحية تخدم بدقة المصالح الأمريكية:
• السيطرة على الشرق الأوسط،
• التحكم في الطاقة،
• تطويق العالم الإسلامي،
• منع قيام قوة إقليمية مستقلة.
وهنا تتحقق المعادلة الكاملة:
النبوءة = أداة السيطرة.
• فالسماء تُستعمل لتبرير:
• القواعد العسكرية،
• الأساطيل،
• الانقلابات،
• والحروب.
وهكذا:
تتحول العقيدة إلى وظيفة داخل مشروع الهيمنة.
7. لماذا يُمنع نقد إسرائيل في أمريكا أكثر من أي دولة أخرى؟
في النظام الديمقراطي الأمريكي:
• يمكن نقد الرئيس،
• الجيش،
• الكنيسة،
• الرأسمالية،
• حتى الله أحيانًا…
لكن:
• نقد إسرائيل يظل مشروطًا،
• محفوفًا بالعقاب الإعلامي،
• متهمًا فورًا بمعاداة السامية.
والسبب:
إسرائيل ليست “حليفة”، بل “مقدّس سياسي”.
لذلك نقدها:
• ليس نقدًا لدولة،
• بل مساسًا بعقيدة راسخة داخل الوعي الجمعي.

8. الفلسطيني في العقيدة الصهيونية المسيحية: الغائب الضروري
في هذا البناء اللاهوتي–السياسي:
• لا يوجد مكان للفلسطيني كإنسان.
• هو:
• عقبة أمام النبوءة،
• تأخير للوعد،
• فائض وجود غير مرغوب فيه.
أي أنه:
مُلغى لاهوتيًا قبل أن يُلغى سياسيًا.
وهنا تتأسس أخطر أشكال نزع الإنسانية:
• أن يُحذف الإنسان من الخطة الإلهية المتخيَّلة.

9. الخلاصة البنيوية للمقال
الصهيونية المسيحية حولت إسرائيل من:
• دولة سياسية،
إلى:
• مشروع نبوئي كوني.
هذا التيار اخترق:
• الكنائس،
• الإعلام،
• الأحزاب،
• المؤسسة العسكرية الأمريكية.
3. الاحتلال لم يعد فعلًا سياسيًا فقط، بل:
• تنفيذًا لسيناريو لاهوتي متخيَّل.
4. الفلسطيني حُذف من المعادلة:
• لا بوصفه خصمًا،
• بل بوصفه “خطأ وجوديًا”.
5. أخطر ما في هذا التحالف:
• أنه يحصّن الجريمة من أي مساءلة أخلاقية.



#يحي_عباسي_بن_أحمد (هاشتاغ)       Abassi_Yahia_Ben_Ahmed#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقال الثاني: من الهولوكوست إلى فلسطين: كيف انتقلت الضحية؟ ...
- المقال الأول :إسرائيل: دولة أم أسطورة؟ – تفكيك مفهوم الشرعية ...
- الكيان في عقول النخبة العربية والمسلمة دراسة تحليلية في تمثّ ...
- حين تنتصر اللغة قبل الدبابة: كيف صنعت «دولة إسرائيل» نفسها ف ...
- مرة أخرى الرد على مقال :ضاعت الأمة بين وهم السند وعلم الرجال ...
- تبريرات النخبة العربية المتصهينة: تفكيك البنية الذهنية والسي ...
- لماذا يخاف الغرب من إسرائيل؟ تفكيك الأسطورة من داخل بنيتها ا ...
- هل فقدت الجزائر ارتباطها العربي بسبب موقفها الداعم لفلسطين و ...
- فلسطين بين خيانة الأنظمة ووفاء الشعوب قراءة في البنية العميق ...
- تصادم البنية الحضارية بين فكر مالك بن نبي ومشروع دولة الكيان
- مستقبل الكيان بين التوراة والقرآن: قراءة تحليلية في البنية ا ...
- النبوءة بين التفسير الإسلامي واليهودي — بنية المعنى ووظيفة ا ...
- إسرائيل في الشرق الأوسط: بين الوظيفة الاستراتيجية والبعد الع ...
- مقاومة التغريب عند مالك بن نبي: بين فرنسا والهوية
- عبادة الزعيم وخيانة الوعي: قراءة في أثر زعماء العاطفة على ال ...
- تيه المثقف بين إرادة السلطة وإرادة الجمهور قراءة في الانحياز ...
- السياسي المثقف والمثقف السياسي: بين الفكر والسلطة والوعي
- فلسطين: المشكلة أم المرآة؟ إعادة التفكير في مركزية القضية دا ...
- المسألة اليهودية عند مالك بن نبي: قراءة تحليلية أكاديمية
- العفن كآلية داخلية لتراجع المجتمعات – قراءة تحليلية في فكر م ...


المزيد.....




- القادة الأوروبيون يقترحون قيادة قوة متعددة الجنسيات في أوكر ...
- لقاء أوروبي لدعم أوكرانيا وزيادة العقوبات على كيانات روسية
- الجيش اللبناني يعتقل 38 سوريا في عمليات دهم منازل ومخيمات في ...
- ترامب يعلن تصنيف مخدر الفنتانيل سلاح دمار شامل
- تونس: بدء محاكمة مسؤولين بجمعية بتهم مساعدة مهاجرين وسط انتق ...
- جدل حول هوية المشتبك مع منفذ هجوم سيدني
- إنقاذ مسنّة مغربية حاصرتها السيول في مدينة آسفي
- إسرائيل أمام العدالة الدولية: معركة قضائية تكسر حصانة الإفلا ...
- قطاع غزة يعيش واقعا مأساويا مع تجدد الأمطار وغرق آلاف الخيام ...
- جولة برلين الثانية: ماذا حققت مفاوضات أميركا وأوكرانيا؟


المزيد.....

- علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة / منذر خدام
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - يحي عباسي بن أحمد - المقال الثالث :الصهيونية المسيحية: حين تتحوّل النبوءة إلى سياسة تفكيك التحالف اللاهوتي–الإمبراطوري في صناعة إسرائيل