أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يحي عباسي بن أحمد - هل فقدت الجزائر ارتباطها العربي بسبب موقفها الداعم لفلسطين والمقاومة؟ قراءة فلسفية–سياسية في معنى الانتماء وحدود العزلة














المزيد.....

هل فقدت الجزائر ارتباطها العربي بسبب موقفها الداعم لفلسطين والمقاومة؟ قراءة فلسفية–سياسية في معنى الانتماء وحدود العزلة


يحي عباسي بن أحمد
كاتب

(Abassi Yahia Ben Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8548 - 2025 / 12 / 6 - 21:43
المحور: القضية الفلسطينية
    


مقدمة
يُطرح منذ سنوات، وبحدة متزايدة، سؤالٌ إشكالي في الفضاء الإعلامي العربي: هل أدّى الموقف الجزائري الثابت من القضية الفلسطينية إلى عزل الجزائر عن محيطها العربي؟ وهل دفعت الجزائر ثمن “الوفاء لفلسطين” على حساب مصالحها العربية؟
هذا السؤال لا يُفهم سياسيًا فقط، بل هو سؤال فلسفي في معنى الانتماء، وسؤال حضاري في تعريف العروبة، وسؤال أخلاقي في حدود البراغماتية السياسية.
أولاً: هل العروبة موقف سياسي أم رابطة حضارية؟
العروبة، في أصلها العميق، ليست تحالفًا سياسيًا ظرفيًا، بل هي:
رابطة لغة.
رابطة تاريخ.
رابطة ذاكرة مشتركة.
ورابطة مصير حضاري.
لكن ما حدث في العقود الأخيرة هو تحويل العروبة إلى اصطفاف سياسي متغير، يخضع للمصالح والتحالفات الدولية أكثر مما يخضع لقيمة الانتماء ذاته. وهنا وقع الانفصال بين:
العروبة كهوية
والعروبة كسياسة
الجزائر انتمت للأولى، بينما انزلقت دول كثيرة إلى الثانية.
“الدولة التي تفصل هويتها عن مصالحها، تخسر الاثنين معًا” (مالك بن نبي، شروط النهضة).
ثانيًا: كيف تحوّل دعم فلسطين من “ثابت عربي” إلى “خيار مُحرِج”؟
حتى سبعينيات القرن الماضي، كان دعم فلسطين:
شرطًا ضمنيًا للانتماء العربي.
ومعيار الشرعية الأخلاقية لأي نظام.
لكن بعد:
اتفاقيات كامب ديفيد، أوسلو، أبراهام، تحوّل دعم فلسطين من قاعدة إجماع إلى موقف يُحسب ضمن “أعباء السياسة”.
هنا لم تغيّر الجزائر موقفها، لكن:
غيرها هو الذي غيّر موقع فلسطين في سلم أولوياته.
وبالتالي فالعزلة – إن وُجدت – لم تكن نتيجة خروج الجزائر عن العرب، بل نتيجة خروج جزء من النظام العربي عن فلسطين.
ثالثًا: الجزائر وفلسفة الوفاء التاريخي
الجزائر لا ترى فلسطين كقضية خارجية فقط، بل:
تراها مرآة لتجربتها الكولونيالية.
وتراها استمرارًا لمعركة التحرر نفسها.
من منظور فلسفي:
الجزائر لا تدعم فلسطين بوصفها “تحالفًا”، بل بوصفها:
امتدادًا لهويتها التاريخية بوصفها ثورة تحررية.
ولهذا لا يمكن للجزائر أن تتخلى عن فلسطين دون أن تتخلى عن ذاتها الرمزية.
“الثورة التي تنسى ثورات غيرها، تموت من الداخل” (فرانز فانون – معذبو الأرض).
رابعًا: هل خسرت الجزائر محيطها العربي فعلاً؟
إذا قسنا الأمر رسميًا:
نعم، هناك فتور دبلوماسي مع بعض الأنظمة.
نعم، هناك تحفّظات خليجية.
نعم، هناك ضغوط ضمنية.
لكن إذا قسناه حضاريًا وشعبيًا:
الجزائر لم تفقد مكانتها في الوجدان العربي.
بل كثيرًا ما تُستدعى بوصفها “آخر صوت صريح”.
المفارقة هي:
أن الجزائر قد تخسر سياسيًا مع أنظمة، لكنها تكسب رمزيًا مع الشعوب.
وهنا يظهر الفرق بين:
العزلة الجغرافية
والعزلة القيمية
الجزائر قد تُهمَّش سياسيًا، لكنها لم تُعزل أخلاقيًا.
خامسًا: من خسر من؟ الجزائر أم النظام العربي؟
إذا تأملنا المشهد بعمق: من الطبيعي أن يخسر من يرفض السير في قطيع التطبيع.
لكن الأعمق: أن القطيع نفسه خسر بوصلته.
السؤال الحقيقي ليس:
هل دفعت الجزائر ثمن دعم فلسطين؟ بل: من الذي دفع ثمن التخلي عن فلسطين؟
والجواب واضح:
فقدان المعنى.
انهيار مفهوم العدو.
تآكل فكرة الأمة.
وتحوّل السياسة إلى إدارة مصالح بلا روح.
خاتمة
الجزائر لم تفقد ارتباطها العربي بسبب فلسطين، بل: حافظت على تعريفٍ قديم للعروبة، في زمن أعادت فيه أنظمة كثيرة تعريف العروبة وفق بوصلات أمريكية–صهيونية.
إن كانت الجزائر اليوم تبدو “خارج السرب”، فذلك لأن السرب نفسه غيّر وجهته، لا لأن الجزائر انحرفت.
وفلسطين هنا ليست سبب العزلة، بل كاشف العزلة.



#يحي_عباسي_بن_أحمد (هاشتاغ)       Abassi_Yahia_Ben_Ahmed#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين بين خيانة الأنظمة ووفاء الشعوب قراءة في البنية العميق ...
- تصادم البنية الحضارية بين فكر مالك بن نبي ومشروع دولة الكيان
- مستقبل الكيان بين التوراة والقرآن: قراءة تحليلية في البنية ا ...
- النبوءة بين التفسير الإسلامي واليهودي — بنية المعنى ووظيفة ا ...
- إسرائيل في الشرق الأوسط: بين الوظيفة الاستراتيجية والبعد الع ...
- مقاومة التغريب عند مالك بن نبي: بين فرنسا والهوية
- عبادة الزعيم وخيانة الوعي: قراءة في أثر زعماء العاطفة على ال ...
- تيه المثقف بين إرادة السلطة وإرادة الجمهور قراءة في الانحياز ...
- السياسي المثقف والمثقف السياسي: بين الفكر والسلطة والوعي
- فلسطين: المشكلة أم المرآة؟ إعادة التفكير في مركزية القضية دا ...
- المسألة اليهودية عند مالك بن نبي: قراءة تحليلية أكاديمية
- العفن كآلية داخلية لتراجع المجتمعات – قراءة تحليلية في فكر م ...
- الخلاف الفكري بين مالك بن نبي وجمعية العلماء المسلمين الجزائ ...
- سيد قطب ومالك بن نبي: مقارنة موسعة بين الفكر والإيديولوجيا و ...
- العلمانية والتطرف: جدلية الردود المتبادلة ونقاط الالتقاء مع ...
- التوتر بين المطلق والتأويل قراءة في جدلية النص الإلهي والعقل ...
- الأسس المحورية في فكر مالك بن نبي وإعادة توجيه العقل العربي ...
- من الثورة إلى التوريث: الشرعية التاريخية في الجزائر بين الذا ...
- التأويل بين مالك بن نبي ومحمد أركون
- من الدين إلى الوعي: إعادة بناء الخطاب الإيماني المعاصر


المزيد.....




- الجيش الأوكراني يعلن استهدافه إحدى أكبر مصافي النفط الروسية ...
- أحمد الشرع: إسرائيل قابلت سوريا بعنف شديد.. وأصبحت تخوض حربا ...
- ذكرى سقوط الأسد: رويترز تكشف عن -محاولات لزعزعة الأمن-، ودعو ...
- الأردن إلى ربع نهائي كأس العرب والجزائر تحقق فوزا عريضا على ...
- هل فشلت المعارضة التونسية في تعبئة الشارع؟
- ماذا تغير في رؤية السياسة الخارجية الأمريكية؟
- مظاهرة في تونس تحت شعار -المعارضة ليست جريمة- بمشاركة جمعيات ...
- ماكرون يتوجه إلى لندن الإثنين لبحث خطة السلام في أوكرانيا مع ...
- خطة هروب جاهزة لكندا.. فرنسيون قلقون من حرب محتملة مع روسيا ...
- توقيف 4 نشطاء لطخوا صندوق عرض التاج البريطاني بالطعام


المزيد.....

- قراءة في وثائق وقف الحرب في قطاع غزة / معتصم حمادة
- مقتطفات من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني / غازي الصوراني
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يحي عباسي بن أحمد - هل فقدت الجزائر ارتباطها العربي بسبب موقفها الداعم لفلسطين والمقاومة؟ قراءة فلسفية–سياسية في معنى الانتماء وحدود العزلة