زهير دعيم
الحوار المتمدن-العدد: 8557 - 2025 / 12 / 15 - 20:15
المحور:
الادب والفن
الجليل بجباله الهائمة ليس هو مجرّد بقعة على خارطة ، بل هو قلب نابض في جسد الوطن ، وهو الحرف الأول في قصة الانتماء.... إن حكى الجليل نطق بالحقيقة ، ودوّى صوته في فضاءات التاريخ ، كأنه الراوي الأصيل لِما لم يُكتب ، وما طوته الرّياح بين الأغصان والعروش.
في الجليل يا صديقي كل حجر له اسم ، وكل شجرة تعرف من غرسها ، وكل درب مشتهى لأقدام الأنبياء والعاشقين . بل هو الأرض التي مشت عليها مريم العذراء فغمرته بالطّهر والقداسة ، وباركها السيّد المسيح فزنّرها بعجائبه ولوّنها بقداسته .
الجليل إن حكى .... سيحكي عن الينابيع التي لم تيأس ، وعن البيوت التي رغم الزّمن ما زالت تفتح نوافذها كل صباح ، لتضحك في وجه الشمس . هناك البلدات تحفظ أسماءها كأنها تراتيل ، وتُردّدها الأمهات للأطفال قبل النوم : سخنين ، عبلين ، شفاعمرو ، طمرة ، كفر كنا ، المغار، ترشيحا، معليا ، وبيت جن... و....
في الجليل ، الكلمة سلاح ، والقصيدة سارية علم ، والمدرسة حصن منيع .
هناك وعلى سفوحه يُكتب الشعر من وهجِ الشّمس، وتُلقى القصائدُ من فوق صخورِ الحقيقة ، ويصنعُ الإنسانُ كرامتَه من عرقِه ودمِه وكبريائِه .
وإن صدف وسألته عن المحبّة قال بالفم الملآن : المحبة هنا ليست خَيارًا بل هو الهواء الذي نستنشقه .
وإن سألته عن الخوف أجاب ضاحكًا : نحن نزرع الشجاعة في الحقول، ونعلّمها للأولاد مع الحروف الأبجدية .
الجليل إن حكى ، بكى البحرُ من دفء صوته ، وخجلت الجبال من عنفوانه ، وسكنت الطيور على الأشجار تسمع من فمه نشيد البقاء ، ورفعت الزّنابق رأسها شممًا وهي تُردّد : من هنا مرّ يسوع ..
نعم جليلنا هو الجذر الذي لا يموت ، وهو التراب الذي لا يُباع ، والذاكرة التي لا تنام .
#زهير_دعيم (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟