أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل الرائي - الجنرال الميت في المصحّ














المزيد.....

الجنرال الميت في المصحّ


ميشيل الرائي

الحوار المتمدن-العدد: 8554 - 2025 / 12 / 12 - 23:34
المحور: الادب والفن
    


إرشادات عامة للممثل قبل الدخول:

العينان: واحدة تراقب الجدار… والأخرى تراقب جسده كأنه غريب عنه.

النبرة: تتحوّل فجأة من الهمس إلى الصراخ دون مقدمات، كمن يسمع أوامر تأتيه من فراغ.

الحركة:

لا يستقر في مكان.

أحيانًا يكلّم ظله، وأحيانًا يتجاهل الجمهور.

يصفّر بلا سبب.


الإيقاع: يجب أن يشعر الجمهور أن عقله متكسّر… قطع تتحرك باتجاهات مختلفة.



---

المشهد

غرفة العلاج بيضاء لكنّ الجنرال يراها كأنها ساحة معركة.
يخاطب الأشياء كما لو كانت جنودًا وأعداءً وأعضاءً من جسده.


---

النص

(يدخل الجنرال وهو يجرّ قدميه، يحدّثهما كما لو أنهما طفلان يتشاجران.)

يا أولاد… يا أولاد…
اهدؤوا…
لا يمكنني أن أبدأ المونولوج وأنتم تتقاتلان تحت الحزام.

(يخاطب الجمهور فجأة بصوت عالٍ):
مرحبًا!
أنا الجنرال الذي مات…
ثم ظلّ يموت…
ثم لم يعرف كيف يتوقف عن الموت…
فأحضروه إلى مصحّ نفسيّ كي يُعاد ترميمه مثل تمثال روماني فقد ذراعيه في المزاد!

(يمشي بخطوات متقطعة، كل خطوة مختلفة عن الأخرى)
أتعرفون؟
قدمي هذه—
(يشير إلى قدمه المستعادة)
كانت في دولة العدو.
نعم… في متحف…
أسفل لوحة بعنوان:
"الجنرال الذي تحوّل إلى قطعة متحف قبل انتهاء الحرب."

(يضحك بجنون، ضحكة طويلة لا تتوقف… ثم فجأة يسكت تمامًا.)

سأخبركم سراً…
حين أُعيدت إليّ القدم…
عاد معها صوتٌ!
صوتٌ لم يكن لي…
صوتٌ من الأرض التي كانت فيها…
تتكلّم أحيانًا بلغتهم…
وتخبرني أشياء لم أرغب أن أعرفها:
من بين تلك الأشياء…
أنني كنتُ أركض في الاتجاه الخطأ طوال الحرب.

(ينحني قرب قدمه، يكلّمها همسًا)
اهدئي… قلتُ لكِ سننتقم…
سننتقم من التاريخ…
أو من الممرض الذي يسرق أصابعي كل ليلة ويعيدها صباحًا.

(ينهض فجأة، يصيح كأنه قائد كتيبة):
أيّها الجنود!
استعدّوا!
نحن في معركة المصحّ رقم واحد!
عدوّنا؟
الجدران…
الأسِرّة…
الممرض…
و—
(ينظر خلفه وكأنه يرى شيئًا مرعبًا)
ظــلّي…
الذي يتقدّم قبلي دون إذن.

(يقف أمام الحائط، كأنه يخاطب هيئة الأركان العسكرية):
تقولون: اعترف بخطئك الأول كي تُشفى.
يا سادة…
خطئي الأول؟
أنني لم أكن مجنونًا بما يكفي…
لقد تأخرتُ في الجنون.
والحرب لا تحب المتردّدين.

(يضرب رأسه بخفة، كمن يحاول ترتيب أفكاره المتكسّرة):
كنتُ أظنّ الهزيمة حدثًا عسكريًا…
اكتشفتُ أنها مجرّد طريقة الكون في إخبارك أنك مجرد نكتة…
نكتة طويلة…
بذراع مبتورة…
وقدَمٍ تعود بعد توقيع اتفاقية دولية.

(يقترب من جمهوره، يهمس وكأنه يبوح بسرّ خطير):
هل تعلمون ما الجنون الحقيقي؟
ليس أن تتحدث إلى قدمك…
بل أن تجيبك القدم…
وتطلب منك إجازة أسبوعية.

(يمشي ببطء شديد، ثم يتوقّف فجأة كمن تلقّى أمرًا فوقيًّا):
أجل… حاضر… حاضر!
(يصفّق بشدّة)
العقل يأمرني أن أخبركم شيئًا مهمًا:
أنا لا أمشي بهذه القدم…
هي التي تمشي بي.
تجرّني إلى الماضي…
إلى الهزيمة…
إلى نفس الليلة التي فقدتها فيها…
وإلى نفس اللحظة التي بُعثتُ فيها من موتي كي أعيش مجددًا
كطيف بلا معركة.

(يجلس على الأرض، يضحك ويتنفس بصعوبة)
لكن…
على الأقل…
ما زالت لديّ القدرة على السير نحو حتفٍ جديد…
ومع كل خطوة مجنونة…
أشعر أنني أصبح…
أكثــــر…
أصالة.

(ينهض فجأة ويمدّ ذراعيه في الهواء كمن يعلن بدء حربٍ جديدة):
فلنبدأ الجنون أيها السادة!
لقد عادت القدم…
وعادت الهزيمة…
وعادت الحرب…
لكن هذه المرة
أنا وحدي الجيش.

(ينحني… ينطفئ.)


---



#ميشيل_الرائي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتحار كفعل مسرحي وفلسفي
- أرشفة الغامض
- ما قبل الفراغ المسرحي
- ما قبل الفراغ المسرحي / سيرة الفراغ المسرحي
- صيغ التغير واللايقين المعرفي في الظواهر الاجتماعية والفردية
- هوامش فلسفية II
- برج بابل
- الفضاء الأبيض (المسرح الداخلي)
- عن هوامش الرحلة
- عن زيارتي الأخيرة إلى جزر القمر
- القراءة بوصفها تحريضًا فلسفيًا – I
- ملحوظات أولية حول المسرح
- كولاج
- بريخت بين الاستهلاك الأكاديمي وسوء الفهم المعرفي
- تمارين في ميتافيزيقا الشعر
- في خطأ التقسيم وأوهام التصنيف في الخطاب المسرحي
- لقد عبث المجد بفرائك
- قصيدة تشريحية تقريبًا (تمارين في ميتافيزيقا الشعر)
- أماكن أخرى للهذيان
- في مديح بيكاّسو


المزيد.....




- 2025 بين الخوف والإثارة.. أبرز أفلام الرعب لهذا العام
- -سيتضح كل شيء في الوقت المناسب-.. هل تيموثي شالاميه هو مغني ...
- أهلًا بكم في المسرحية الإعلامية الكبرى
- الأفلام الفائزة بجوائز الدورة الـ5 من مهرجان -البحر الأحمر ا ...
- مهرجان -البحر الأحمر السينمائي- يكرم أنتوني هوبكنز وإدريس إل ...
- الفيلم الكوري -مجنونة جدا-.. لعنة منتصف الليل تكشف الحقائق ا ...
- صورة لغوريلا مرحة تفوز بمسابقة التصوير الكوميدي للحياة البري ...
- حفل ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي.. حضور عالمي وتصاميم ...
- -رسالة اللاغفران-.. جحيم المثقف العربي وتكسير أصنام الثقافة ...
- مصر: مبادرة حكومية لعلاج كبار الفنانين على نفقة الدولة


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل الرائي - الجنرال الميت في المصحّ