أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل الرائي - ما قبل الفراغ المسرحي / سيرة الفراغ المسرحي















المزيد.....

ما قبل الفراغ المسرحي / سيرة الفراغ المسرحي


ميشيل الرائي

الحوار المتمدن-العدد: 8522 - 2025 / 11 / 10 - 23:01
المحور: الادب والفن
    


تمهيد
لا يمكن كتابة تاريخ تكوين الفراغ دون التكرار المولد لذلك التاريخ التكرار نفسه هو إنتاج مستمر للحركة وللدلالات المحتملة ما قبل الفراغ المسرحي ليس مجرد حالة سابقة للوجود المادي للفضاء بل هو بنية احتمالية تحكمها قواعد رمزية غير مرئية تظهر من خلال إمكانيات الحركة والدلالة داخل فضاء المكان والزمن قبل استدعاء الكائنات أو تحريك العلامات فيه ما هي حدود هذا السابق هل هو فراغ خالص أم تراكم لفراغات سابقة أم شبكة زمنية ومعرفية مشروطة تفرض لاحقا على الفراغ قواعد الحركة والمعنى من الذي هندس هذا السابق ومن وضع بنيته ومن شوش التيه فيه هل هناك إرادة خفية تحكم احتمالاته أم أن السابق يظل مكتفيا بذاته كما لو كان كتابا مغلقا على نفسه سؤال ما قبل الفراغ المسرحي هو سؤال عن أصل التنظيم الرمزي للفضاء وعن الإمكانية المحكومة والمعطاة فيه قبل أي فعل مسرحي أو حضور كائنات حية أو دلالات متحركة في كتابة سيرة الفراغ يثور السؤال عن فراغه وعن امتلائه في آن واحد عن كائناته التي تتبدد أو تتراكم وعن قوائم ديونه الرمزية الطويلة وحيوانات دلالاته المتوحشة تتحرك هذه الحيوانات وفق نظام داخلي لا مرئي أو وفق فوضى مشروطة الفوضى نفسها تظهر كقانون غير مباشر والنظام نفسه كفوضى مشروطة قبل الفراغ ماذا كان هل هناك فراغ أولي أم بديل يعيد تشكيل ذاته ومن وضع الفراغ الثاني ومن شوش التيه فيه هل هو ثابت أم متحرك هل تتحرك بنيته بإرادة أم أن حركته انعكاس لحركة كائناته التي لا تهدأ عن خلق الدلالة حين تتحرك الحيوانات يتحرك الفراغ وحين تتوقف تتوقف معه الدلالات الحركة ممزجة متشابكة غير قابلة للفصل التيه الذي تصنعه الكائنات ليس سوى قانون في قلب اللاقانون والفوضى ليست سوى ترتيب آخر غير مباشر من دلالات تتوحد وتتفكك في وقت واحد الفراغ متحرك وذاكرته الرمزية مستمرة في إنتاج الاحتمالات ويظل كل حدث فيه مرتبطا بإمكاناته السابقة وبإرادة ضمنية تتحكم في انتظام الفوضى وانسياب النظام

1. الفراغ لا يُعرَّف بالغياب بل بالتماسّ بين ما لم يُولد بعد وما لم يمت بعد إنه اللغة التي تُفكّر في صمتها قبل أن تنطق.
2. ما قبل الفراغ هو لحظة مقاومة المفهوم لولادته لحظةٌ يخاف فيها الفكر من أن يرى فراغه كمرآة لا تعكس سوى قابليته للانمحاء.
3. كل امتلاء هو شكل مؤقت من النسيان نسيان أن ما يمنحه المعنى هو الفجوة التي تُقيم في داخله.
4. الأثير عند أرسطو لم يكن عنصرًا خامسًا بل قناعًا معرفيًا يغطي خوف النظام من انهياره أمام فكرة اللاشيء.
5. الذريّة لم تكتشف الفراغ بل أعادت الحق للحركة في أن توجد بلا مبرّر فالفراغ ليس طريقًا بل انفتاح الطريق على نفسه.
6. حين قال أبيقور إن الذرات تتحرك داخل الخلاء كان يعني أن الفكر نفسه لا يتحرك إلا داخل لايقينٍ يحفظه من التصلّب.
7. كل محاولة لملء المسرح بالديكور أو الممثلين أو النصوص هي استعادةٌ ميتافيزيقية للامتلاء القديم رعبٌ من أن يكون العرض قائمًا على غيابه.
8. الفراغ المسرحي ليس سطحًا مرئيًا بل منطقة ارتجاجٍ بين المعنى وصدى المعنى حيث يتحول الضوء إلى ذاكرة الحركة والصمت إلى خطابٍ مضمر.
9. ما قبل التشكيل المسرحي للفراغ هو زمن لا يملك زمنه بعد زمن يتهيّأ للظهور ولا يظهر لأن الظهور ذاته يحتاج إلى فراغ يسبقه.
10. في كل مسرح يختبئ لاهوتٌ صغير في كل مشهد ميلادٌ جديد من العدم كما في فكر أوغسطين حيث يصبح اللاوجود شرط الخلق لا نقيضه.
11. حين صنع توريتشيلي فراغه لم يبرهن على قانون فيزيائي بل على حقيقة تفكيكية أن الوجود نفسه يعتمد على مساحة غير مأهولة داخله.
12. فون غيريكي كشف أن الهواء لا يُرى إلا حين يُقاوم الفراغ تمامًا كما لا يُدرك الفكر إلا حين يواجه ما لا يمكن التفكير فيه.
13. في الفراغ المسرحي لا توجد حركة بل إمكانية الحركة ولا يوجد حضور بل أثر الحضور هذا هو ميتافيزيقا الأثر التي تحدّث عنها دريدا في شكلٍ جمالي.
14. المسرح الحديث لا يشتغل على الامتلاء بل على جغرافية الانقطاع إنه يكتب نصّه في المسافة بين الإشارة وتأجيلها.
15. كل ممثل يدخل الفراغ ليصبح شاهدًا على انكسار الحضور لا ليملأه بل ليجعل حضوره دليلًا على أن شيئًا قد انسحب.
16. الفراغ في المسرح هو نصّ ميتافيزيقي مفتوح نصّ يكتب نفسه بحذف ما يظهر لا بإضافته.
17. حين يصمت المسرح لا يتوقف عن الكلام بل يتيح للغياب أن يتكلم بلغته الخاصة.
18. الفراغ هو الحدث الذي يجعل الحركة ضرورية لا لأنه ينقصها بل لأنه يُعيد تعريفها كإيماءة لا تعرف اكتمالها.
19. في كل عرضٍ مسرحيّ يسكن فراغٌ أصلٌ للدهشة أصلٌ للمعرفة أصلٌ لعدم الاطمئنان الذي يمنح الفكر حياته.
الفراغ لا يسبق الامتلاء ولا يليه إنه يولّده كما يولّد الصمت اللغة وما نسميه عرضًا مسرحيًا ليس سوى محاولة لقراءة ما كتبه الفراغ قبل أن تُولد الكلمة الحضور شكل من أشكال الغياب المنظم والممثل لا يظهر إلا لأن شيئًا ما انسحب قبله الفراغ ليس مكانًا بل أثرٌ معرفي يتجسد حين تفشل اللغة في إتمام معناها كل خشبة تخفي خلفها حفرة ميتافيزيقية كل إضاءة محاولة لإنقاذ العين من ظلام يمنحها الرؤية ما قبل التشكيل المسرحي للفراغ هو ما بعد المعنى لحظة لا ينتج فيها العرض دلالة بل ينتج إمكانية الدلالة الفراغ لا ينتظر أن يُملأ بل أن يُفكَّر فيه لأنه ليس نقصًا في المادة بل فائضًا في الإمكان المسرح لا يُقام على الخشبة بل على حدود الصمت في النقطة التي تتردد فيها الكلمة بين أن تُقال وألا تُقال الفراغ يفكك ميتافيزيقا الرؤية فكل ما يُرى مشروط بما لا يُرى وكل ما يُضاء مشدود إلى عتمةٍ تُقيم فيه التمثيل حركة ضدّ الخوف من السكون والفراغ هو الضامن ألا تتحول الحركة إلى يقين الأثير الأرسطي لم يمت بل أعاد التموضع في كل خطابٍ يسعى إلى إنقاذ النظام من صدع العدم الفراغ هو النسغ الخفي للفكر المسرحي الشرط الأول لكل حضور والغياب الأخير لكل محاولة لقول الحضور
الفراغ لا وجود له إلا إذا تظاهر بأنه موجود والوجود نفسه مجرد تأجيل للفراغ والممثل لا يتحرك إلا ليُثبت أنّ الحركة مستحيلة والنص المسرحي ليس نصًا بل فضاء بين كلمات لم تُكتب بعد والصمت ليس غيابًا بل إفراط في الكلام يتجاوز كل معنى الضوء ليس ليكشف بل ليخفي ما يُرى بالفعل الظلال تسبق الأشياء والأشياء تتبع ظلها الفراغ هو كل شيء ولا شيء والامتلاء مجرد وهم يختبئ في منتصف الفراغ والمسرح لا خشبة له ولا جمهور بل إمكانية متواصلة للعدم حيث كل شيء يُقال ولم يُقال وكل حركة توقفت قبل أن تبدأ والأثير الأرسطي لم يكن عنصرًا بل عقدة زمنية تحبس كل الأحداث في دائرة لا نهاية لها وكل ضحكة ممثل هي صدى ضحك لم يولد بعد وكل دمعة هي أثر دمعة لم تجف وكل تجربة علمية لم تُنجز بعد هي محاولة لإثبات أن الفراغ لا يثبت نفسه إلا عندما يُؤكّد الآخر أنه موجود وأوغسطين هنا ليس إلهًا بل ظلّ فكرٍ يراقب فشل الفكر والهواء ليس هواء بل فراغ آخر يحاصر الفراغ الأصلي والفراغ الأصلي ليس أصليًا بل انعكاس لفراغ آخر أكثر فراغًا كل حركة هي محاولة عبثية لتأكيد عدم الحركة وكل صمت محاولة لقول ما لا يمكن قوله وكل ظهور هو اختفاء مؤجّل وكل اختفاء هو ظهور مؤجّل وكل شيء موجود لأنه لم يحدث وكل شيء لم يحدث لأنه موجود



#ميشيل_الرائي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صيغ التغير واللايقين المعرفي في الظواهر الاجتماعية والفردية
- هوامش فلسفية II
- برج بابل
- الفضاء الأبيض (المسرح الداخلي)
- عن هوامش الرحلة
- عن زيارتي الأخيرة إلى جزر القمر
- القراءة بوصفها تحريضًا فلسفيًا – I
- ملحوظات أولية حول المسرح
- كولاج
- بريخت بين الاستهلاك الأكاديمي وسوء الفهم المعرفي
- تمارين في ميتافيزيقا الشعر
- في خطأ التقسيم وأوهام التصنيف في الخطاب المسرحي
- لقد عبث المجد بفرائك
- قصيدة تشريحية تقريبًا (تمارين في ميتافيزيقا الشعر)
- أماكن أخرى للهذيان
- في مديح بيكاّسو
- المظهر الكوميدي لمأساة قديمة
- المراثي الوطنية
- المراثي الوطنيّة II
- قراءة معرفية للمسرح العربي: استقصاء البنية والمعرفة


المزيد.....




- مهرجان الفيلم بمراكش يكشف عن أفلام دورته
- ماذا نعرف عن -الديموقراطية التمثيلية- التي أسقطها ممداني؟
- -الخارجية- ترحب باعتماد اليونسكو 4 قرارات لصالح فلسطين: انتص ...
- الفنان المصري ياسر جلال يعتذر عن تصريحاته بشأن دور الجزائر ب ...
- ياسر جلال: رواية -غير مثبتة- عن دور للجيش الجزائري في القاهر ...
- مهرجان فلفل إسبيليت الأحمر: طعام وموسيقى وآلاف الزوار
- فيلم وثائقي يعرض الانهيار الأخلاقي للجنود الإسرائيليين في حر ...
- من -سايكو- إلى -هالوين-.. لماذا تخيفنا موسيقى أفلام الرعب؟
- رام الله أيتها الصديقة..!
- ياسر جلال يعتذر عن معلومة -خاطئة- قالها بمهرجان وهران للفيلم ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل الرائي - ما قبل الفراغ المسرحي / سيرة الفراغ المسرحي