أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - ميشيل الرائي - صيغ التغير واللايقين المعرفي في الظواهر الاجتماعية والفردية














المزيد.....

صيغ التغير واللايقين المعرفي في الظواهر الاجتماعية والفردية


ميشيل الرائي

الحوار المتمدن-العدد: 8518 - 2025 / 11 / 6 - 21:36
المحور: قضايا ثقافية
    


عند النظر إلى التغير يتضح أن هذه الظاهرة ليست حالة واحدة متجانسة بل هي شبكة متداخلة من الصيغ المتعددة كل صيغة تؤكد الأخرى أو تتناقض معها أحيانًا التغير لا يمكن أن يُفهم ككلية محددة بل كتعددية مستمرة حيث تمثل كل صيغة نسخة محدودة من الممكن تستجيب لسياقات معينة تاريخية واجتماعية واقتصادية دون أن تكون شاملة أو حتمية

التغير غالبًا تدريجي بطبيعته فلا يمكن أن نتوقع تحولات كلية دفعة واحدة إلا في سياقات نادرة واستثنائية كل صيغة تغيّرية تظهر ضمن فضاء محدد تختلف خصائصه عن فضاءات أخرى ويعكس التغير فيها مجموعة من الظروف المحلية والعلاقات الإنسانية التي تتشكل مع الزمن هنا يصبح التغير موزعًا ومتشظيًا وليس مجرد استبدال خطي لواقع بآخر

الصيغ التغيّرية تأخذ أشكالًا متعددة أحيانًا تكون رؤية فردية تنبع من تجربة شخصية تحمل طبائع معرفية وخرافية متجذرة في النفس الاجتماعية للفرد وأحيانًا تكون رؤية جماعية تتبلور عبر شبكة جماعات متشابكة ضمن بقعة جغرافية معينة فتتحول البقعة نفسها إلى فضاء إيديولوجي يمارس تأثيره على الأفراد ويعيد إنتاج الصيغ المعرفية نفسها

محاولة احتواء كل البشر أو كل التجارب ضمن صيغة واحدة مستحيلة فاختلاف البشر عبر الزمان والمكان يجعل كل فرد حاملًا لصيغة علاجية تختلف عن غيره ويؤكد أن أي تحوّل معرفي اجتماعي لا يمكن أن يكون شاملًا أو مطلقًا هذه الاختلافات ليست ثانوية بل هي شروط ممكنة لظهور أي عملية معرفية أو تغيّرية

يمكن التفريق بين نوعين من التغير

التغير الكلي فكرة نظرية مستحيلة لأنها تفترض وحدة معرفية واجتماعية لا وجود لها في التجربة البشرية المجزأة والمتعددة

التغير الجزئي ممكن لأنه يشتغل ضمن سياق محدد سواء على مستوى الفرد أو الجماعة ويعالج حالات محددة من الظاهرة

أحيانًا تصاغ الصيغ التغيّرية فرديًا استجابة لتجارب خاصة فتتحول التجربة الشخصية إلى صيغة معرفية قابلة للتداول وأحيانًا تظهر الصيغ عبر تجربة جماعية مشتركة حيث يتشارك الأفراد الهم نفسه في إنتاج صيغة معرفية جماعية والتي قد تتحول إلى خطاب يؤثر على البنى الاجتماعية بأبعاد متعددة

التغير هنا ليس حدثًا يمكن تحديده أو التنبؤ به بدقة بل هو عملية تفكيكية مستمرة حيث تتقاطع الصيغ وتتداخل وتتجدد ضمن فضاء معرفي غير محدود أي تحليل للتغير يصبح محاولة لاستنطاق الظواهر المتعددة الأبعاد ليس لتثبيت حقيقة نهائية بل لإظهار شبكة العلاقات والتداخلات التي تشكل الواقع الاجتماعي والإنساني
ليس التغير حركة من شيء إلى شيء بل انفتاح لما لا يكتمل لأن ما يُظن تغيرًا ليس سوى أثر لغياب سابق يترك بصمته في كل حضور ما من بداية تبدأ فعلًا لأنها مشروطة بما يسبقها وما من نهاية تنتهي فعلًا لأنها تفتح مجالًا لبداية أخرى كل صيغة تغيّرية تحمل في داخلها نفيها المؤجل كما لو أن المعنى لا يتحقق إلا حين يتفلت

التحول ليس قرارًا ولا لحظة بل تعثّر متواصل في اللغة نفسها لأن اللغة هي ما يغيّر وهي ما يقاوم التغيير أيضًا كل محاولة لوصف التغير تصير هي ذاتها جزءًا من التغير الذي تصفه فالكتابة لا تشرح الحدث بل تخلقه داخل انزياحها المتكرر إن القول بالتغير هو كتابة عن الكتابة أكثر مما هو حديث عن الواقع

كل ما يتبدل لا يفعل ذلك لأننا قررنا بل لأن المعنى لم يكن يومًا في مكانه الذي نظن أنه فيه المعنى يتأخر دائمًا يأتي بعد الأثر بعد أن يفلت الصوت من ذاته ويترك خلفه ظله اللغة لا تقول العالم بل تترك آثارًا عليه وهذه الآثار هي التي تتحرك في ما نسميه تحولًا

الصيغ التغيّرية تتناسل لأنها لا تملك مركزًا هي دوائر تتداخل وتنفصل كل صيغة تفتح ما قبلها على احتمالاته وتغلق على احتمالها المؤجل ليس ثمة أصل يمكن العودة إليه لأن الأصل نفسه نص آخر قد تآكل داخل أثره إن ما نبحث عنه كحقيقة ليس سوى بقايا كتاب قديم ينسخ نفسه في كل قراءة جديدة

الاختلاف هو محرك التغير وليس نتاجه لأنه يقيم في المسافة بين الكلمة وصداها بين الفعل وأثره بين ما نريد قوله وما يفلت منا أثناء القول التغير بهذا المعنى ليس مشروعًا بل إيقاع لا يمكن إيقافه لأننا جزء من كتاب لا ينتهي يكتبنا ونحن نحاول قراءته
كل محاولة لتثبيت المعنى هي رغبة في إلغاء التغير وكل اعتراف بالتغير هو بداية فقدان للثبات لذلك يظل الفكر معلقًا في منطقة بينية حيث لا استقرار للهوية ولا تمام للحقيقة التغير لا يكتمل لأنه لا يبدأ أصلًا إنه الأثر الذي يبقى بعد أن يغادر المعنى مكانه تاركًا اللغة في دورانها اللامنتهي حول ما لم يُقل بعد



#ميشيل_الرائي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هوامش فلسفية II
- برج بابل
- الفضاء الأبيض (المسرح الداخلي)
- عن هوامش الرحلة
- عن زيارتي الأخيرة إلى جزر القمر
- القراءة بوصفها تحريضًا فلسفيًا – I
- ملحوظات أولية حول المسرح
- كولاج
- بريخت بين الاستهلاك الأكاديمي وسوء الفهم المعرفي
- تمارين في ميتافيزيقا الشعر
- في خطأ التقسيم وأوهام التصنيف في الخطاب المسرحي
- لقد عبث المجد بفرائك
- قصيدة تشريحية تقريبًا (تمارين في ميتافيزيقا الشعر)
- أماكن أخرى للهذيان
- في مديح بيكاّسو
- المظهر الكوميدي لمأساة قديمة
- المراثي الوطنية
- المراثي الوطنيّة II
- قراءة معرفية للمسرح العربي: استقصاء البنية والمعرفة
- كولاجات


المزيد.....




- أحمد الشرع وما يحتاج لتأمينه في سوريا وتعليق عقوبات -قانون ق ...
- فرنسا تحيي الذكرى السنوية الـ107 لهدنة عام 1918 التي أنهت ال ...
- سوريا.. صورة مريض ملقى أمام مستشفى تثير الغضب
- تايلاند تنوي تعليق تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع كمبوديا ال ...
- تحقيق: أوكرانيا صنعت صاروخا يتفوق على صاروخ توماهوك الأمريكي ...
- منذ أحداث 13 نوفمبر وحالة الطوارئ... تراجع مستمر للحريات الف ...
- مليشيات ومجموعات مدعومة من إسرائيل وغيرها... من هم أعداء حما ...
- -قطر للتنمية- يوقّع منحة لدعم مستشفى فلسطين في بيت لحم
- توبيخ نتنياهو خلال محاكمته بتهم فساد
- نتنياهو ينفي التعهد بخروج مقاتلي حماس العالقين بأنفاق رفح


المزيد.....

- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - ميشيل الرائي - صيغ التغير واللايقين المعرفي في الظواهر الاجتماعية والفردية