أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يحي عباسي بن أحمد - الكيان في عقول النخبة العربية والمسلمة دراسة تحليلية في تمثّلات الوعي وخطابات الهيمنة














المزيد.....

الكيان في عقول النخبة العربية والمسلمة دراسة تحليلية في تمثّلات الوعي وخطابات الهيمنة


يحي عباسي بن أحمد
كاتب

(Abassi Yahia Ben Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8552 - 2025 / 12 / 10 - 20:11
المحور: القضية الفلسطينية
    


الملخص
تسعى هذه الدراسة إلى تحليل مستويات تمثّل الكيان الصهيوني في الوعي العربي والإسلامي، لا سيما في خطابات النخب الفكرية والسياسية. يتناول البحث ثلاث زوايا أساسية: (1) صورة الكيان في خطاب النخبة التقليدية، (2) التمثيل الحداثي للكيان في منظور المثقف العقلاني، و(3) تمثّلات الكيان في الخطاب النقدي الجديد الذي يركز على الشرط الحضاري للانتصار. يخلص البحث إلى أنّ الوعي العربي لا يزال أسير ثنائية أسطرة العدو مقابل تبسيطه، وهو ما يعيق بناء استراتيجية معرفية للتحرر. ويركّز البحث على ضرورة الانتقال من الوعي المتلقي إلى الوعي المنتج، ومن التمثيل الشعوري إلى التمثيل السلوكي-المعرفي الذي يصنع شروط القوة.

مقدمة
يحتل الكيان الصهيوني موقعًا مركزيًا في خطاب النخب العربية والمسلمة منذ تأسيسه عام 1948. غير أنّ هذا الحضور لم يكن موحّدًا ولا ثابتًا؛ بل تذبذب بين الأسطرة، والشيطنة، والتطبيع الرمزي، والتحجيم الواقعي. وقد شكّل كل اتجاه معرفي عربي صورة خاصة به عن الكيان، مما أنتج تشوّشًا في الوعي الجمعي، انعكس على القدرة الاستراتيجية في المواجهة.
تهدف هذه الدراسة إلى تتبّع أنماط تمثّل الكيان في عقول النخب، وآليات تشكّل هذه التمثّلات، وخطورتها على بناء مشروع نهضوي قادر على استيعاب الصراع وإدارته.

التمثيل التقليدي – أسطرة العدو وتجميده في الوعي
تنظر قطاعات من النخبة التقليدية إلى الكيان باعتباره قدرًا غيبيًا أو “عدوًا أزليًا”، مما يجعل الصراع ذا طابع لاهوتي أكثر منه سياسي . ويترتب على ذلك عدة نتائج:
1. تحويل العدو إلى قوة مطلقة
تعتقد بعض القراءات أنّ الكيان يمتلك قدرات خارقة تفوق البشر، وهو ما يؤسس لخطاب الهزيمة النفسية.
2. تحويل الأمة إلى ضحية قدرية
3. تتعامل بعض النخب مع العرب ك“مفعول بهم”، لا يمتلكون خيارًا سوى انتظار تبدّل الموازين.
4. تفسير الواقع بمنطق المعجزة لا بمنطق التخطيط
حيث يُستبدل العمل المؤسسي بفكرة “الفرج المفاجئ”.
هذا الشكل من الوعي يجعل المواجهة شعورية وليست استراتيجية، ويحوّل الصراع من مشروع تحرّر سياسي إلى حالة وجدانية.

التمثيل الحداثي – تطبيع الكيان عبر خطاب الواقعية السياسية
على مستوى آخر، تبنّت بعض النخب الحداثية خطابًا يعتبر الكيان “دولة طبيعية” نشأت ضمن سياقات دولية . هذا الخطاب يتضمن ما يلي:
1. نزع البعد الاستعماري عن الكيان
بحيث يصير مشروعًا سياسيًا قابلًا للتفاوض، لا استعمارًا استيطانيًا إحلاليًا.
2. تحميل العرب مسؤولية الهزائم دون تحليل للهيمنة الدولية
مما يجعل الصراع مشوّهًا معرفيًا.
3. تبنّي مفردات الخطاب الصهيوني في التحليل
مثل: “الشرق الأوسط الجديد”، “الحرب على الإرهاب”، “التطبيع الثقافي”.
هذا التمثيل يسهم في تبريد الوعي، ويحوّل الصراع إلى ملف تفاوضي محض، متجاهلًا طبيعة المشروع الصهيوني بوصفه مشروعًا كولونياليًا.

التمثيل النقدي الجديد – تفكيك الأسطورة وبناء الوعي المقاوم
ظهر اتجاه ثالث في النخبة العربية والإسلامية، يركّز على تحليل الكيان كوحدة قوة ومعرفة، وليس كشيطان أو قدَر. تتسم هذه المقاربة بثلاث سمات:
1. تحليل البنية الداخلية للكيان
بما فيها الانقسامات المجتمعية، التناقضات الديموغرافية، الاقتصاد الحربي .
2. رؤية الصراع بوصفه صراعًا على الوعي قبل الأرض
إذ يركّز على كيفية إدارة الكيان لصورة نفسه في الإعلام العالمي.
3. تحويل المقاومة من ردّ فعل إلى مشروع حضاري
حيث يشترط الانتصار بناء مجتمع قوي، منتج للعلم، قابل للحياة.
هذا الاتجاه هو الأقرب إلى صناعة مشروع تحرّر واقعي، لأنه يقيس الصراع بموازين القوة المعرفية لا العاطفية.

الآثار المعرفية لتمثّلات النخبة على الوعي الشعبي
تنتقل صورة الكيان من النخبة إلى الجمهور عبر ثلاث قنوات:
1. الخطاب الديني والشعائري
حيث يُصوّر الكيان أحيانًا كعلامة من علامات آخر الزمان، مما يؤخر التفكير العلمي في الصراع .
2. الخطاب الإعلامي
الذي oscillates بين التهويل والتقليل، فلا يقدم صورة واقعية تساعد الجمهور على الفهم.
3. الخطاب الثقافي والفني
الذي أعاد إنتاج صور نمطية عن “العدو الخارق” أو “العدو الضعيف”.
النتيجة هي وعي متذبذب يراوح بين الخوف المرضي والغرور، ولا يستطيع بناء موقف استراتيجي متوازن.

نحو وعي استراتيجي يحرّر العقل العربي من عقدة العدو
يقترح البحث خمس بوابات للانتقال من التمثيلات الأيديولوجية إلى الوعي الاستراتيجي:
1. تحرير صورة العدو من الأسطرة
عبر تحليل واقعي مبني على البيانات، لا الانطباعات.
2. تحرير صورة الذات من جلد الذات
فالهزيمة ليست طبعًا بل نتيجة.
3. إعادة تعريف الصراع بوصفه استعمارًا لا نزاع حدود
مما يعيد الاعتبار لفكرة التحرر.
4. صناعة وعي معرفي لا شعاراتي
قائم على فهم الاقتصاد السياسي، الأمن، التكنولوجيا، والعمق الثقافي للكيان.
5. بناء استراتيجية عربية-إسلامية موحدة
تعتمد على المعرفة، وليس على ردود الفعل.

الخاتمة
تُظهر الدراسة أن صورة الكيان في الوعي العربي والمسلم ليست واحدة؛ بل هي انعكاس لسياقات نفسية، سياسية، وثقافية متعددة. ولأن الوعي المعطوب ينتج قرارًا معطوبًا، فإن إصلاح تمثّلات النخبة شرط لتحرير الوعي الشعبي، وهو ما يمهّد لبناء مشروع مقاومة معرفية-وجودية قادرة على تحويل الصراع من حالة انفعال إلى حالة فعل.



#يحي_عباسي_بن_أحمد (هاشتاغ)       Abassi_Yahia_Ben_Ahmed#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تنتصر اللغة قبل الدبابة: كيف صنعت «دولة إسرائيل» نفسها ف ...
- مرة أخرى الرد على مقال :ضاعت الأمة بين وهم السند وعلم الرجال ...
- تبريرات النخبة العربية المتصهينة: تفكيك البنية الذهنية والسي ...
- لماذا يخاف الغرب من إسرائيل؟ تفكيك الأسطورة من داخل بنيتها ا ...
- هل فقدت الجزائر ارتباطها العربي بسبب موقفها الداعم لفلسطين و ...
- فلسطين بين خيانة الأنظمة ووفاء الشعوب قراءة في البنية العميق ...
- تصادم البنية الحضارية بين فكر مالك بن نبي ومشروع دولة الكيان
- مستقبل الكيان بين التوراة والقرآن: قراءة تحليلية في البنية ا ...
- النبوءة بين التفسير الإسلامي واليهودي — بنية المعنى ووظيفة ا ...
- إسرائيل في الشرق الأوسط: بين الوظيفة الاستراتيجية والبعد الع ...
- مقاومة التغريب عند مالك بن نبي: بين فرنسا والهوية
- عبادة الزعيم وخيانة الوعي: قراءة في أثر زعماء العاطفة على ال ...
- تيه المثقف بين إرادة السلطة وإرادة الجمهور قراءة في الانحياز ...
- السياسي المثقف والمثقف السياسي: بين الفكر والسلطة والوعي
- فلسطين: المشكلة أم المرآة؟ إعادة التفكير في مركزية القضية دا ...
- المسألة اليهودية عند مالك بن نبي: قراءة تحليلية أكاديمية
- العفن كآلية داخلية لتراجع المجتمعات – قراءة تحليلية في فكر م ...
- الخلاف الفكري بين مالك بن نبي وجمعية العلماء المسلمين الجزائ ...
- سيد قطب ومالك بن نبي: مقارنة موسعة بين الفكر والإيديولوجيا و ...
- العلمانية والتطرف: جدلية الردود المتبادلة ونقاط الالتقاء مع ...


المزيد.....




- ما قد لا تعلمه عن استهداف -شريان الحياة المالي الأكبر لروسيا ...
- رئيس الناتو يحذر الحلفاء من خطر روسيا خلال 5 سنوات.. ماذا قا ...
- 100 ألف شخص يواجهون خطر الإخلاء في واشنطن بسبب الفيضانات الك ...
- غزة.. كواليس دخول خطة ترامب المرحلة الثانية خلال أسابيع
- عقد على اتفاق باريس البيئي ... المناخ يزداد سخونة
- مدير المستشفى الفرنسي بالقدس: نقدر لقطر دعمها الإنساني
- اليابان تلغي التحذير من تسونامي عقب زلزال بقوة 6.7 درجات
- ضباب وأمطار وثلوج.. تحذيرات من طقس عاصف يمر بدول عربية
- إسرائيل تشن سلسلة غارات على جنوب وشرق لبنان
- هدوء نسبي في معبر باكارايما الحدودي بين فنزويلا والبرازيل


المزيد.....

- قراءة في وثائق وقف الحرب في قطاع غزة / معتصم حمادة
- مقتطفات من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني / غازي الصوراني
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يحي عباسي بن أحمد - الكيان في عقول النخبة العربية والمسلمة دراسة تحليلية في تمثّلات الوعي وخطابات الهيمنة