أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - جابر احمد - المذهب واللغة الفارسية: المشروع الثقافي الجديد للسياسة الإيرانية الراهنة














المزيد.....

المذهب واللغة الفارسية: المشروع الثقافي الجديد للسياسة الإيرانية الراهنة


جابر احمد

الحوار المتمدن-العدد: 8551 - 2025 / 12 / 9 - 22:07
المحور: قضايا ثقافية
    


قامت الدولة الحديثة في إيران على يد رضا شاه بهلوي فوق أنقاض الحركة الدستورية، بوصفها دولة قومية مركزية ذات أسس أيديولوجية إقصائية. فقد استند المشروع البهلوي إلى عدة مرتكزات، في مقدّمتها النزعة العرقية المستمدة من نظرية العِرق الآري، ومعاداة السامية، ثم لاحقًا معاداة العرب والإسلام، بوصف الإسلام عنصرًا «غير إيراني» معيقًا لمشروع القومية الفارسية كما تصوّرته النخبة البهلوية.
وقد عزّز هذا المشروع تقديس تاريخ إيران القديم وإعلاء اللغة الفارسية كلغة الدولة الوحيدة، مع تجاهل ممنهج لتاريخ ولغات القوميات غير الفارسية، مثل العرب والترك والكرد والبلوش وغيرهم. إلى جانب ذلك، تبنّت الدولة البهلوية سياسة التوسّع الإقليمي وسياسة التشييع القسري الموجّه كأداة للنفوذ السياسي والثقافي لمشروع نظام ولاية الفقيه الجديد في المنطقة.

من الدولة البهلوية إلى الجمهورية الإسلامية: تغيّر في الشكل لا في المضمون

عقب سقوط النظام الملكي عام 1979، تغيّر الاسم من المملكة الإيرانية البهلوية إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إلا أنّ هذا التحوّل ظلّ في جوهره تغيّرًا شكليًا. فقد حافظ النظام الجديد على معظم الأسس التي قامت عليها الدولة القومية العنصرية الإيرانية، بل أعاد إنتاجها ضمن إطار ديني–مذهبي.
حيث واصل نظام ولاية الفقيه سياسات التوسّع الإقليمي، ولكن هذه المرة تحت غطاء «نصرة المستضعفين»، كما أعاد تثبيت التشيّع كأيديولوجيا رسمية عابرة للحدود. وفي السنوات الأخيرة، أضيف عنصر جديد أكثر خطورة تمثّل في ربط فهم التشيّع وتلقّيه بالضرورة اللغوية الفارسية، بحيث لم يعد التشيّع مجرد مذهب ديني وحسب، بل بوابة للاندماج الثقافي الفارسي.

اللغة الفارسية بوصفها أداة أيديولوجية

مع مرور الوقت، لم يَعُد نشر اللغة الفارسية كما الحال سابقًا محصورًا بالمراكز الثقافية التابعة للسفارات الإيرانية في الدول العربية والإسلامية، بل انتقل اليوم إلى فضاء التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، مستخدمًا أساليب حديثة موجّهة للأطفال والشباب والكبار على حد سواء. ويُلاحظ أن كثيرًا من هذه المواد تُقدَّم تحت عناوين دينية أو عقائدية، بحيث يُروَّج لفكرة ضمنية مفادها أن الفهم «الصحيح» للمذهب لا يكتمل دون تعلّم اللغة الفارسية.

وهنا تنتقل اللغة من كونها وسيلة تواصل إلى أداة للهيمنة الرمزية، إذ يصبح المتشيّع، بوعي أو دون وعي، جزءًا من منظومة ثقافية ولغوية تتجاوز الإيمان الديني إلى التموضع الحضاري والسياسي.

المذهب بوصفه مشروع نفوذ لا دعوة دينية

إن إصرار النظام الإيراني على اقتران التشيّع باللغة الفارسية يكشف أن الهدف ليس نشر مذهب ديني فحسب، بل تفريغ الهويات العربية والإسلامية من خصوصياتها التاريخية واللغوية، وإعادة تشكيلها داخل إطار ثقافي فارسي الملامح يُنتج تبعية فكرية طويلة الأمد.
ويستحضر هذا النهج تجربة حسن الصبّاح صاحب قلعة ألموت، حين فرض على أتباعه استخدام اللغة الفارسية بدل اللغة العربية في الطقوس الدينية، كوسيلة لضبط الهوية وبناء جماعة مغلقة ثقافيًا وعقائديًا. إن استدعاء هذه التجربة التاريخية ليس مصادفة، بل يعكس استمرارية في توظيف اللغة كأداة سلطة داخل المشروع الفكري الإيراني.

وخلاصة القول

إن الجمع بين نشر المذهب ونشر اللغة الفارسية ليس جهدًا ثقافيًا بريئًا، بل هو استراتيجية مدروسة للهيمنة الناعمة تهدف إلى توسيع النفوذ الإيراني خارج الحدود، وإعادة تشكيل الوعي الديني بما يخدم المصالح السياسية التوسعية لنظام ولاية الفقيه، بالإضافة إلى إضعاف اللغات والهويات الوطنية في المجتمعات العربية والإسلامية وخلق نخب دينية وثقافية مرتبطة عضويًا بالمركز الإيراني، وهو نظام ولاية الفقيه.
وعليه، فإن هذا المشروع يمثّل خطرًا ثقافيًا وسياسيًا حقيقيًا، يتطلّب وعيًا نقديًا ومواجهة فكرية تؤكد على فصل المذهب عن اللغة، والدين عن القومية، وتحفظ للمجتمعات العربية والإسلامية لغاتها وهوياتها وتاريخها.



#جابر_احمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتهاكات حقوق الإنسان في الأهواز ومسؤولية المجتمع الدولي
- يوم الاستقلال الفنلندي… يوم ذو معنى وامتنان
- البطالة والتمييز يدفعان شابًا عربيًا إلى الانتحار في ناحية ا ...
- ملف موت هور العظيم: من صمت ابتكار إلى كارثة مفتوحة
- اعتقال الفنانين الأهوازيين: استحضار لظلال النازية والفاشية ف ...
- الأسباب التي دفعت الشاب الأهوازي أحمد البالدي إلى إشعال النا ...
- لماذا تم اعتقال عالم علم الاجتماع الدكتور سنكسري؟ ولماذا طُر ...
- لن ننسى مجزرة معشور، ولن يفلت الجناة من العقاب
- وفاة الشاب أحمد البالدي… شرارة الغضب التي كشفت مأساة الأهواز
- تدمير البيئة في إقليم الأهواز العربي: قراءة في السياسات الما ...
- وفاة الشاب الأهوازي أحمد البالدي
- تصاعد الغضب الشعبي بعد محاولة شاب أهوازي إحراق نفسه احتجاجًا ...
- ظاهرة الانتحار في إقليم الأهواز: بين القهر القومي والتدهور ا ...
- معاناة السيدة مريم زبيدي في سجن سبيدار بالأهواز
- منظمة حقوق الإنسان الأهوازية تدين التمييز العنصري ضد العمال ...
- منظمة حقوق الإنسان الاهوازية تدين اعتقال عمال شركة الصلب وال ...
- إقليم الأهواز: منبع الثورة النفطية ومعاناة شعبه المتعددة
- التطورات الهامة التي حصلت خارجيًا وداخليًا، هل تدفع نظام ولا ...
- فرحة ممزوجة بالدموع… تحية للأسرى الفلسطينيين الأحرار
- بيان منظمة حقوق الإنسان الأهوازية بمناسبة اليوم العالمي لمنا ...


المزيد.....




- بعد الحكم بالسجن 20 سنة على -كوشيب-، هل تتحقق العدالة لضحايا ...
- زيلينسكي يلتقي البابا ليو 14 ورئيسة الوزراء جورجيا ميلوني خل ...
- شكوى -أخلاقية- بحق رئيس -الفيفا- إنفانتينو بسبب علاقته بترام ...
- -شبكات- تتناول تفاعل المنصات مع احتفالية ذكرى التحرير لسوريا ...
- إثيوبيا تنفي وجود معسكرات للدعم السريع على أراضيها
- بالخريطة التفاعلية.. أبرز التطورات بمحافظات الضفة الغربية
- مستوطنون يهاجمون منازل الفلسطينيين في تجمع واد الرخيم
- استمرار عملية البحث عن جثة آخر أسير إسرائيلي في غزة
- دير الزور تشهد عرضا عسكريا احتفالا بذكرى سقوط نظام الأسد
- الاحتلال يفتح جسر الملك حسين أمام حركة البضائع بعد -ضغوط أمي ...


المزيد.....

- علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة / منذر خدام
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - جابر احمد - المذهب واللغة الفارسية: المشروع الثقافي الجديد للسياسة الإيرانية الراهنة