أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جابر احمد - اعتقال الفنانين الأهوازيين: استحضار لظلال النازية والفاشية في القرن الحادي والعشرين














المزيد.....

اعتقال الفنانين الأهوازيين: استحضار لظلال النازية والفاشية في القرن الحادي والعشرين


جابر احمد

الحوار المتمدن-العدد: 8534 - 2025 / 11 / 22 - 18:13
المحور: حقوق الانسان
    


في مشهد يعكس عمق الأزمة الحقوقية التي يعيشها الشعب العربي الأهوازي، أقدمت السلطات الإيرانية مؤخراً على اعتقال ثلاثة مواطنين من فريق غنائي، هم الشاعر سجاد غرباوي، والمطرب علي حمدي، ومخرج الأغنية حسين جلال. لم يستمر اعتقالهم طويلاً؛ إذ سارعت الأجهزة الأمنية إلى وضعهم أمام خيارين كلاهما مُرّ: إما تسجيل اعترافات مصوّرة يعلنون فيها أنهم “مخطئون”، ويطلبون العفو من السلطة والجمهور، أو البقاء في السجن. وكما هو متوقع، وجد المعتقلون أنفسهم مرغمين على تقديم اعتذار قسري، لتقوم السلطات على الفور بتسجيله ونشره في وسائل التواصل الاجتماعي.

غير أن التمعّن في ملامح وجوههم، وارتجاف أصواتهم، وتكسّر نظراتهم، يكشف بوضوح ما تعرّضوا له من ضغوط وتعذيب وإهانات أثناء الاحتجاز. لقد تحول الاعتذار إلى أداة إذلال علنية، ووسيلة قسرية لإعادة تشكيل إرادة الإنسان، وهي ممارسة لا تختلف كثيراً عمّا لجأت إليه الأنظمة الشمولية في القرن الماضي.

من الأهواز إلى معسكرات النازية: تكرار التاريخ بأدوات جديدة

عندما نقارن ما حدث لهؤلاء الفنانين بما جرى في الحقبة النازية والفاشية، ندرك أن الآليات القمعية رغم تغير شكلها ما تزال تحمل المضمون ذاته. فالنازيون مثلاً كانوا يجبرون المعتقلين السياسيين على الإدلاء باعترافات علنية تُسجّل تحت التعذيب، لتُستخدم بعد ذلك دعاية لإثبات “ولاء” الضحية للنظام أو “اعترافه بخطئه”. كذلك فعلت الفاشية الإيطالية عندما كانت تُخضع المثقفين والفنانين لجلسات تحقيق قاسية تُنتزع فيها التصريحات مرغمة لتبرير قمع السلطة.

تشترك هذه الأنظمة – القديمة منها والجديدة – في جوهر واحد:
تجريد الإنسان من كرامته، ومحو صوته، وتحويله إلى أداة في مسرح دعائي يخدم الحاكم.

وما بثّته السلطات الإيرانية من مشاهد “اعتذار” الفنانين الأهوازيين لا يختلف عن تسجيلات النازية وفترة حكم محمد رضا شاه التي كانت تُظهر وجوهاً متعبة، مرتعشة، تُجبر على الإقرار بجرائم لم يرتكبوها. الهدف واحد: سحق روح المجتمع عبر إذلال رموزه. وأخذ الاعتراف القسري هو مفهوم الاستبداد المشترك بين كل الأنظمة الديكتاتورية.

فالأنظمة الشمولية تدرك أن القمع وحده لا يكفي؛ لذلك تلجأ إلى الاعترافات العلنية لأنها تؤدي وظائف عدة: منها كسر إرادة المعتقل أمام نفسه وأمام مجتمعه، وتهديد الآخرين برسالة واضحة: “لا أحد بمنأى عن الإذلال”. وهي صناعة سردية رسمية تُظهِر الضحية وكأنه هو الجاني، والأهم بالنسبة للنظام هو طمس الحقيقة عبر تشويه الذاكرة الجماعية.

وهذا بالضبط ما يحدث في إقليم الأهواز: فبدلاً من حماية الفنانين وتشجيع الإبداع، يتم تحويل الفن إلى مسرح ابتزاز سياسي، ويُجبر الفنانون على التراجع عن كلماتهم ومشاعرهم تحت وطأة التهديد والتعذيب، عبر نشر الفيديوهات التي تُظهرهم كأنهم مخطئون.

ولا يحتاج المشاهد إلى خبرة طبية أو أمنية ليلحظ العلامات الصارخة في تسجيلات الاعتذار: ارتباك واضح، نظرات زائغة، صوت منخفض، وتعبيرات وجه تكشف ضغطاً نفسياً هائلاً. فالصور تتحدث بوضوح وتشكّل شهادة حيّة على ما تعرّض له هؤلاء من إهانات.

وبصفتي ناشطاً مدنياً وعضواً في منظمة تدافع عن حقوق الإنسان، أرفض هذه الانتهاكات التي تعيدنا إلى عصور القمع الأسود. وما حدث للفنانين الأهوازيين هو إنذار جديد يذكّر بأن حرية الإنسان وكرامته لا تزالان مهددتين. والمطلوب اليوم ليس التعاطف فحسب، بل تحرك حقوقي وإعلامي جاد لفضح هذه الممارسات والدفاع عن الضحايا.

إن الشعب لا يُهزم بالإكراه.
ومهما لجأت السلطات إلى الاعتقالات التعسفية، ونشر الاعترافات القسرية، وممارسة سياسات الإذلال، فإن مثل هذه الأساليب لن تُثني الشعب العربي الأهوازي عن مواصلة نضاله المشروع للدفاع عن حقوقه القومية وعن كرامته. فالشعوب التي تعرّضت للاضطهاد عبر عقود طويلة أدركت أن الحرية تُنتزع ولا تُمنح، وأن الكرامة لا تُقايض باعتذار قسري أو تسجيل مصوّر.

إن كل محاولة لإسكات صوت عربي أهوازي إنما تُولّد عشرات الأصوات الجديدة، وكل اعتقال يفتح صفحة جديدة من الوعي والتمسّك بالحق.



#جابر_احمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسباب التي دفعت الشاب الأهوازي أحمد البالدي إلى إشعال النا ...
- لماذا تم اعتقال عالم علم الاجتماع الدكتور سنكسري؟ ولماذا طُر ...
- لن ننسى مجزرة معشور، ولن يفلت الجناة من العقاب
- وفاة الشاب أحمد البالدي… شرارة الغضب التي كشفت مأساة الأهواز
- تدمير البيئة في إقليم الأهواز العربي: قراءة في السياسات الما ...
- وفاة الشاب الأهوازي أحمد البالدي
- تصاعد الغضب الشعبي بعد محاولة شاب أهوازي إحراق نفسه احتجاجًا ...
- ظاهرة الانتحار في إقليم الأهواز: بين القهر القومي والتدهور ا ...
- معاناة السيدة مريم زبيدي في سجن سبيدار بالأهواز
- منظمة حقوق الإنسان الأهوازية تدين التمييز العنصري ضد العمال ...
- منظمة حقوق الإنسان الاهوازية تدين اعتقال عمال شركة الصلب وال ...
- إقليم الأهواز: منبع الثورة النفطية ومعاناة شعبه المتعددة
- التطورات الهامة التي حصلت خارجيًا وداخليًا، هل تدفع نظام ولا ...
- فرحة ممزوجة بالدموع… تحية للأسرى الفلسطينيين الأحرار
- بيان منظمة حقوق الإنسان الأهوازية بمناسبة اليوم العالمي لمنا ...
- منظمة الشعوب غير الممثلة في هيئة الأمم المتحدة (UNPO) تدين إ ...
- عندما تتحرك الشعوب ويصمت الحكام: مرحباً بأسطول السلام العالم ...
- العمال في مواجهة الإفقار والتهميش: الأهواز تنتفض مجددًا
- اجتماع هام لقوى التضامن الشامل من أجل الحرية والمساواة في إي ...
- اعتراف دولي متصاعد بفلسطين: انتصار للعدالة والشرعية الوطنية


المزيد.....




- منسقية مخيمات النازحين.. ثلثا سكان السودان بحاجة لمساعدات عا ...
- بالصور.. صُنّاع محتوى يطلقون مبادرة لجمع التبرعات لذوي الاحت ...
- البرازيل: إيداع الرئيس السابق جايير بولسونارو رهن الاعتقال ا ...
- انتهاكات مخيفة تجاه الأسير أحمد سعدات.. مكتب إعلام الأسرى يو ...
- مصر: على -اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان- حماية الحقوق
- الصين تصعد لهجتها ضد اليابان وتحيل نزاعها معها إلى الأمم الم ...
- الصين تصعد لهجتها ضد اليابان وتحيل نزاعها معها إلى الأمم الم ...
- ترامب ينهي الحماية المؤقتة من الترحيل للمهاجرين الصوماليين
- غزة: البرد والأمطار تزيد معاناة النازحين في الخيام الغارقة
- أطباء بلا حدود: مساعدات غزة غير كافية.. وشتاء قاسٍ يهدد النا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جابر احمد - اعتقال الفنانين الأهوازيين: استحضار لظلال النازية والفاشية في القرن الحادي والعشرين