أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - جابر احمد - ظاهرة الانتحار في إقليم الأهواز: بين القهر القومي والتدهور الاقتصادي














المزيد.....

ظاهرة الانتحار في إقليم الأهواز: بين القهر القومي والتدهور الاقتصادي


جابر احمد

الحوار المتمدن-العدد: 8520 - 2025 / 11 / 8 - 00:52
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


شهدت المناطق العربية في إقليم الأهواز في الآونة الأخيرة تصاعدًا مقلقًا تمثّل في حالات الانتحار أو محاولات الانتحار، وذلك نتيجة تراكمات اجتماعية واقتصادية وسياسية خانقة يعيشها المواطن العربي في ظل سياسات النظام الإيراني.
فخلال أقل من شهرين فقط، أقدم شابّان أهوازيان على إحراق نفسيهما بالبنزين؛ الأول نتيجة إهانة علنية من قبل أحد المسؤولين المحليين، والثاني بعد أن قامت قوات الأمن بهدم “دكّته – أو كُشْكه” الذي هو مصدر رزقه الوحيد، والاعتداء على والدته وزوجته اللتين حاولتا منعهما من تنفيذ القرار الجائر.
هذه الحوادث ليست معزولة، بل تعبّر عن أزمة عميقة تزداد تفاقمًا يومًا بعد يوم في المجتمع العربي الأهوازي.

أما الأسباب الكامنة وراء تصاعد ظاهرة الانتحار فيمكن إيجازها بما يلي:
• القهر القومي والتهميش الممنهج
تعمّق هذا القهر في عهد الجمهورية الإسلامية عبر إقامة السدود وحرف مجرى الأنهار إلى العمق الإيراني، مما أثّر على القطاع الزراعي ودمّر البيئة، ودفع المواطن العربي إلى الهجرة نحو المدن بحثًا عن تدبير قوت يومه.
وقد ساهم ذلك في زيادة حجم البطالة بين صفوف المواطنين العرب في إقليم الأهواز، وهي سياسة تمييز ممنهجة تستهدف هويتهم القومية وحقوقهم الأساسية منذ عقود.
ولعل أبرز تجلياتها حرمانهم من التوظيف في الدوائر الحكومية، وممارسة شتّى أنواع الاضطهاد ضدهم في ظل غياب أي وسيلة إعلامية محلية، مما أطلق يد السلطة المركزية للسيطرة على جميع موارد الشعب العربي الأهوازي الغنية بالنفط والغاز.
الأمر أسهم في تكوين شعور عميق بالظلم والعجز، فأصبح الانتحار فعلًا احتجاجيًا يائسًا أمام نظام ظالم لا يمارس إلا القمع.
• الأوضاع الاقتصادية المتدهورة
تعاني المناطق العربية في إقليم الأهواز من معدلات بطالة وفقر هي الأعلى في البلاد، رغم غناها بالموارد الطبيعية.
الأمر الذي دفع الكثير من الأهالي إلى الاعتماد على الأعمال البسيطة لتدبير قوتهم اليومي، كبيع البضائع على الأرصفة أو إدارة “أكشاك صغيرة أو دكّات”، وهي أعمال تتعرض باستمرار لهجمات السلطات الأمنية بحجة “عدم وجود تراخيص”.
وقد أدى ذلك إلى هدم هذه الأكشاك ومصادرة بضائع الباعة الجوالين، وهو ليس مجرد إجراء إداري، بل ضربة قاسية لمعنى الكرامة والوجود في نظام لا يوفر بديلًا للعيش الكريم.
• غياب العدالة الاجتماعية وتفاقم التفاوت الطبقي
في ظل السياسات الخاطئة والمتزايدة لنظام ولاية الفقيه، اتسعت الهوة بين الطبقات والفئات الاجتماعية، مما أدى إلى تفشي البطالة.
الثروة، نتيجة للسياسات العنصرية، تركزت بيد الجماعات المقربة من النظام ممثلة بالحرس الثوري، فيما تُركت الطبقات الفقيرة لمواجهة الغلاء والبطالة دون دعم فعلي.
وتتجلى هذه الفوارق بشكل صارخ في إقليم الأهواز العربي، حيث يعيش المواطن العربي على هامش التنمية، في حين تُخصّص موارده النفطية والغازية والمائية للمناطق الفارسية أو للمشاريع المرتبطة بالمؤسسات الأمنية، التي تهدف إلى تغيير النسيج السكاني العربي وتفريسه.
• القمع الأمني وإغلاق قنوات التعبير
تتعامل سلطات نظام ولاية الفقيه مع أي شكل من أشكال الاحتجاج، مهما كان سلميًا، بالعنف، باعتباره تهديدًا للأمن القومي.
فلا يستطيع المواطن أن يشكو، أو ينظم تجمعًا، أو يعبر عن رأيه دون خوف من الملاحقة أو الاعتقال.
هذا الإغلاق التام للمنافذ السياسية والإعلامية يدفع البعض إلى خيار مأساوي هو الانتحار، كأداة أخيرة لإسماع الصوت في مجتمع صامت.
• البعد السياسي لظاهرة الانتحار
إن تصاعد حالات الانتحار لدى الشباب العرب في الأهواز لا يمكن عزلها عن التوجهات السياسية العامة لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي تقوم سلطتها على منطق المركزية العنصرية والسيطرة الأمنية.
فالسياسات التمييزية، وإفقار مناطق الأطراف، وإقصاء القوميات من القرارين الاقتصادي والسياسي، ليست نتائج عرضية، بل أدوات متعمدة لإدامة السيطرة.
من هنا، فإن كل انتحار في الأهواز هو في جوهره رسالة سياسية موجعة تكشف فشل نظام ولاية الفقيه في إدارة التنوع والعدالة.

وأخيرًا، فالانتحار هو اللغة الوحيدة التي يعبر بها المواطن عن احتجاجه.
وإن مأساة هذين الشابين اللذين أقدما على إحراق نفسيهما ليست حدثًا فرديًا، بل هي صرخة جيل كامل يعيش بين القهر والحرمان.
ومادام النظام الإيراني يصرّ على إنكار جذور الأزمة المتمثلة في التمييز القومي، وانعدام العدالة الاقتصادية، والتهميش، وتكميم الأفواه، فإن هذه الظاهرة مرشحة للتفاقم.
والمطلوب اليوم هو تسليط الضوء على هذه المأساة، وربطها بالسياسات الرسمية للنظام، الذي هو الصانع الوحيد لأسبابها.



#جابر_احمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معاناة السيدة مريم زبيدي في سجن سبيدار بالأهواز
- منظمة حقوق الإنسان الأهوازية تدين التمييز العنصري ضد العمال ...
- منظمة حقوق الإنسان الاهوازية تدين اعتقال عمال شركة الصلب وال ...
- إقليم الأهواز: منبع الثورة النفطية ومعاناة شعبه المتعددة
- التطورات الهامة التي حصلت خارجيًا وداخليًا، هل تدفع نظام ولا ...
- فرحة ممزوجة بالدموع… تحية للأسرى الفلسطينيين الأحرار
- بيان منظمة حقوق الإنسان الأهوازية بمناسبة اليوم العالمي لمنا ...
- منظمة الشعوب غير الممثلة في هيئة الأمم المتحدة (UNPO) تدين إ ...
- عندما تتحرك الشعوب ويصمت الحكام: مرحباً بأسطول السلام العالم ...
- العمال في مواجهة الإفقار والتهميش: الأهواز تنتفض مجددًا
- اجتماع هام لقوى التضامن الشامل من أجل الحرية والمساواة في إي ...
- اعتراف دولي متصاعد بفلسطين: انتصار للعدالة والشرعية الوطنية
- حضور فعّال لحزب التضامن الديمقراطي الأهوازي في جلسات المنتدى ...
- تقرير صادر عن منظمة حقوق الإنسان الإيرانية حول سجن سبيدار با ...
- شاب أهوازي يحرق نفسه احتجاجًا على انتهاك حقوقه
- من التاريخ الشفهي الأهوازي: قصة مقتل شيوخ بيت سعد من آل كثير
- موتمر شعوب ايران الفدرالية يحذير من عودة الاستبداد
- أبناء الشعب العربي الأهوازي وظاهرة التشاؤم من شهر صفر
- اعتقال اثنان من العمال العرب الاهوازيين بسبب المطالبة بحقوقه ...
- نظام ولاية الفقيه يلجأ إلى الإعدامات لقمع الحراك الشعبي في إ ...


المزيد.....




- -غياب- لافروف عن اجتماع مع بوتين.. لماذا دق ناقوس الخطر في ر ...
- إسرائيل ترفض -بشدة وازدراء- مذكرة توقيف تركية بحق نتنياهو وآ ...
- ترمب: كازاخستان أول دولة تنضم لـ-اتفاقات أبراهام- خلال ولايت ...
- قاذفتان أميركيتان من طراز -بي-52- تحلقان قبالة فنزويلا
- الجيش الإسرائيلي يتسلم رفات رهينة من -حماس- عبر الصليب الأحم ...
- ترمب: إيران تطلب رفع العقوبات الأميركية وأنا منفتح على الأمر ...
- نواب أميركيون يطلبون شهادة الأمير أندرو في شأن علاقته بجيفري ...
- -الإغلاق الأميركي- يلغي مئات الرحلات الجوية وسط حال -عدم الي ...
- بريطانيا ترفع العقوبات عن الشرع وأوروبا في الطريق
- بريطانيا تقبض على سجين جزائري بعد الإفراج عنه بالخطأ


المزيد.....

- اشتراكيون ديموقراطيون ام ماركسيون / سعيد العليمى
- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - جابر احمد - ظاهرة الانتحار في إقليم الأهواز: بين القهر القومي والتدهور الاقتصادي