أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبير خالد يحيي - سوريا… عامٌ على الفجر الذي أزهر أخيرًا














المزيد.....

سوريا… عامٌ على الفجر الذي أزهر أخيرًا


عبير خالد يحيي

الحوار المتمدن-العدد: 8550 - 2025 / 12 / 8 - 12:08
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


في مثل هذا اليوم قبل عام، كانت سوريا تقف على حافةٍ بين الرمق الأخير والولادة. كان الليل ثقيلًا كجسدٍ أُثخنته السجون، والهواء متخمًا برطوبة الخوف. لا شيء يشي بأن الفجر سيأتي… لكنّه أتى.
جاء مشيًا على أطراف أصوات الشهداء، على عزمِ من خرجوا من تحت الركام، على أنفاس المعتقلين الذين لم يراهنوا يومًا إلا على نور الحرية.

عامٌ مرّ على اللحظة التي سقط فيها آخر جدارٍ من جدران الطغيان، وانفتح الباب الواسع للبلاد كي تتنفّس من جديد.
عامٌ على الخطوة الأولى التي خطاها السوريون نحو وطنٍ بلا سجون، بلا أصنام.

عامٌ على سوريا وهي تعيد لملمة صورتها
لم تكن المعارك وحدها هي التي صنعت التحرير، وإنما ذلك الإصرار البدائي الذي لا يُهزم، تلك الإرادة التي يخبّئها السوريون في صدورهم كما تُخبّأ النار في الرماد.
كانت سوريا، طوال سنين القهر، تحفظ ماء وجهها في قلوب أبنائها، وحين جاء الموعد، خرجت من الخراب خروج زهرةٌ من شقّ صخرة.

في العام الأول للتحرير، نشهد سوريا أخرى:
سوريا تُنشئ حروفها من جديد،
وتكتب أسماءها من جديد،
وتعيد ترتيب روحها، مدينةً مدينة، وجرحًا جرحا.

لم تعد الكلمة تهمس خلف الأبواب المغلقة.
لم يعد الخوف يوزّع حصصه اليومية على البيوت.
و صار الهواء نفسه أكثر خفة، كأنّه تحرّر هو الآخر من عبء من لوّثوه بسنوات الصمت.

الرجل الذي فتح الباب
لم يكن صعود أحمد الشرع مجرد صعود سياسي، وإنما كان لحظة انعطاف في الذاكرة السورية.
في زمنٍ ضاعت فيه البوصلة، جاء ليشعل فانوسًا في نفق طويل. ليس بطلًا أسطوريًا، هو ابن هذه الأرض التي أنكرتها السماء طويلًا ثم أعاد لها القدر حقّها المؤجَّل.

معه بدأت الفرقعة الأولى لسلسلة القيود وهي تسقط.
ومعه تمدّدت سوريا نحو مستقبلها بخطوات متردّدة لكنها ثابتة.
لم يعِدِ الناس بالمعجزات، لكنه وعدهم بما يكفي:
أن لا يعودوا إلى الظلام.

ومع ذلك… لا وطن بلا ندوب
التحرير ليس احتفالًا فقط.
إنه أيضاً عملية جراحية مؤلمة.
الشهداء الذين غابوا لن يعودوا،
المفقودون لا تزال صورهم معلّقة على الجدران،
والمدن التي احترقت تحتاج إلى زمنٍ أطول كي تنفض عنها رمادها.

لكن شيئاً ما تغيّر:
صار الألم جزءًا من الذاكرة، لا من المصير.
صار الحداد رفيق الطريق، وليس شكله النهائي.

سوريا اليوم… وطن يتعلم المشي من جديد
تتعثر أحيانًا، تتوقف أحيانًا، لكنها لا تعود إلى الوراء.
تحاول أن تبني مؤسساتها من الصفر،
أن تغسل جسدها من إرث الدم،
أن تعيد تأهيل الفرح في البيوت التي غاب عنها

في الذكرى الأولى… ماذا نقول؟
نقول إن سوريا نجت.
نقول إن الذين ظنّوا أنها ستموت خابت ظنونهم.
نقول إن الدم الذي سُفك لم يذهب سدى، وأن الحرية — ولو جاءت متأخرة — عرفَت طريقها أخيرًا.
نقول إن الطريق طويل، وربما شاق، لكنه الطريق الصحيح، الطريق الذي يليق بوطنٍ عاش أكثر مما ينبغي في الظلام.

في الذكرى الأولى للتحرير، لا نحتفل بانتصارٍ عسكري فقط،
بل نحتفل بالقدرة العجيبة لهذا الشعب على النهوض.
سوريا اليوم ليست كاملة… لكنها حية.
وهذه وحدها معجزة تكفي لأن نكتبها على جبهة الزمن.

عامٌ مضى،
وتفتح الوطن كزهرةٍ نفضت عنها الغبار،
وتركت للريح ما تبقّى من منتصف الليل.
#دعبيرخالديحيي
#العام_الأول_للتحرير
#لنكمل_الحكاية



#عبير_خالد_يحيي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- #اعتصامات ومظاهرات الطائفة العلوية اليوم الطائفة بين خطاب ال ...
- من فطام الذكورة إلى غسل الخوف: قراءة ذرائعية في سرد الطفولة ...
- الحركة التصحيحية في سوريا: من -تصحيح المسار- إلى الهاوية بقل ...
- فيدور ديستوفسكي: النفس البشرية في مرآة الأدب
- من دمشق إلى صنعاء: قراءة ذرائعية في خطاب الانتماء والمقاومة ...
- #طقس_القمر_العملاق (حين يشيخُ الضوء)
- البحر كمعادل موضوعي للحرية: قراءة ذرائعية في قصيدة بحرٌ للحر ...
- إشهار كتاب دم على أوراق الذاكرة
- الرئيس السوري أحمد الشرع في موسكو: تناقض الحضور بين الشرعية ...
- -العامية المكتوبة: موقعها بين السرد الشعبي والأدب الفني- مسا ...
- زمنٌ مارد
- بين الهواجس الفردية وصوت الجماعة: دراسة ذرائعية في رواية /عن ...
- حيال نباح الكلاب
- قراءة ذرائعية في شعرية الاغتراب والذاكرة المنفية في قصيدة -م ...
- العين بوصفها رمزًا كونيًا: دراسة ذرائعية في التجربة الشعرية ...
- بين الكلمة واللوحة : دراسة ذرائعية في القيم التربوية والبصري ...
- من الغياب إلى الذاكرة: قراءة ذرائعية في مجموعة القصصية (المر ...
- الرائي والإنكار الجمعي: دراسة ذرائعية في رمزية الخوف في قصة ...
- دراسة ذرائعية في الغربة والذاكرة بين السرد الملحمي وأدب الرح ...
- مُتَيَّمة بالنور: دراسة ذرائعية في البنية اللسانية والجمالية ...


المزيد.....




- كتاب: عندما كان لسان يسمى فرناندو (حلقة 4)
- حراك جيل زد 212: سياق النشوء والخصائص والأثار الممكنة
- -الأغنياء الفاسدون فروا-..ترامب الابن يهاجم أوكرانيا بعنف وي ...
- الوقفة الاحتجاجية لعائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الا ...
- سلام بلا فلسطينيين، حول خطة ترامب للشرق الأوسط
- فنزويلا: بين الأزمة والاجتياح
- كلمة الرفيق جمال براجع الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي ال ...
- م.م.ن.ص// ندوة -عائلات شهداء ومعتقلي ومصابي القليعة- تواصل ...
- تحليل: كيف توزع مصر مخصصات الدعم؟ وهل يستفيد منها الفقراء حق ...
- ترامب، وعينه على ” نوبل”


المزيد.....

- ليبيا 17 فبراير 2011 تحققت ثورة جذرية وبينت أهمية النظرية وا ... / بن حلمي حاليم
- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبير خالد يحيي - سوريا… عامٌ على الفجر الذي أزهر أخيرًا