كريم عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 8548 - 2025 / 12 / 6 - 19:08
المحور:
الادب والفن
يا للغجريةِ التي تمشي على خيطِ نار، تجرُّ وراءها كونًا ضاع نصفه في الندى، ونصفه الآخر في حكاياتٍ لم تُروَ بعد.
هي لا تكشفُ الجسد، فالجسدُ لديها مجردُ ستارةٍ لعاصفة، مجرّدُ قشرةٍ لكوكبٍ يدور على إيقاع الطبول الأولى، كأنها حين تنفضُ غبار الطريق تُطلِقُ من أكمامها تاريخَ حضارةٍ استيقظت ذات فجرٍ على صهيل الأسلاف، حضارةٍ علّقت صبرها على حبالِ الريح ورفعتْ روحها عالياً حتى صارتْ عنفوانًا لا يُنسى، وشرارةً لا تخمد.
لا تقتربْ كثيرًا من الغجريات، فعيونهنَّ ليست عيونًا، بل بوّاباتٌ واسعةٌ تسفرُ عن أقاليمَ خفية، وعن ذئابٍ معلَّقةٍ في الهواء تترقّبُ الفارسَ الذي يظنُّ أن الحصنَ يحميه.
الفارسُ، وإن امتطى حصانهُ وأحكمَ قبضته على سيف الأيام، يستيقظ في اللحظةِ التي تومضُ فيها نظرتُها: تنهارُ دروعه، وتسقطُ الهيبةُ عن كتفيه، ويعرفُ— دون اعتراف— أن الخوفَ وجهٌ آخر للحب حين يمرُّ عبر قلبٍ لم يتعوّد الارتجاف.
الغجريةُ، كوكبٌ يتنقّل في ليلِ البشر ولا يحتاجُ مدارًا، تحملُ على أصابعها موسيقى لم تُكتشف، وتتركُ في الهواء أثرَ قبيلةٍ علّمتِ العالم كيف يصنعُ ظلّهُ من الشرر.
هي ليست امرأة؛ إنها الذاكرةُ حين تمشي، والماضي حين يرقص، والروح حين تتذكّرُ أنها خُلقت لتشتعل. فإذا مرّت، فاتركْ للدهشةِ بابًا مفتوحًا، وللقلب نافذةً ترتجف، علَّ ضوؤها البريّ يُعيد لك شيئًا من إنسانيتك… أو يأخذُ منك ما تبقّى منها.
#كريم_عبدالله (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟