أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - في اسمِها... يُصلبُ الكوكب














المزيد.....

في اسمِها... يُصلبُ الكوكب


كريم عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 8469 - 2025 / 9 / 18 - 17:02
المحور: الادب والفن
    


(مرثيّة كونية للأنثى التي لم تُترك لتكون إنسانة)

في البدءِ... لم تُخلق من ضلعٍ كما رووا، بل من ومضةِ نجمٍ، وشهقةِ ماء، ومن رغبةِ الحياة أن ترى وجهًا جميلاً كي تُحبّ نفسها. لكنّهم، منذ البدءِ، أقسموا أن يجعلوا منها سؤالًا لا يحقّ له أن يُجيب.
---
يا امرأةً، كلّ أرضٍ سقتها دماؤكِ ثم أنكروكِ. كلّ حضارةٍ صعدتْ على أكتافكِ، ثمّ دفنتكِ تحت أقدامها.
---
في الهند... حين يموت الرجل، يُحرق جسدُكِ معه، كأنّكِ لم تكوني إلّا ظِلّ رماده. وفي إفريقيا، يُنتزع منكِ الفجر، حتى لا تعرفي كيف تبتسمين حين تمطرُ الرغبة. وفي أوروبا، كنتِ تُباعين في أسواقٍ يتبادل فيها اللورداتُ مفاتيحَ الجسد كما يتبادلونَ الخيولَ المدلّلة.
---
وفي مصر، وُضعتِ بجوار المومياء، ليصحبكِ إلى الحياة الأخرى كأنّ موتَهُ أهمّ من بقاءكِ. وفي جزيرة العرب... أنتِ التي خُلقتِ من عارٍ يتوارثه الرجال، كأنّكِ سقطةُ المجد، ولستِ نبوءةَ الأرض. دفنوكِ حيّة، لا لأنكِ أخطأتِ، بل لأنّكِ تنفستِ.
---
آهٍ يا أنثى… كم مرّةٍ كنتِ زهرةً على كتفِ البركان، ثم قالوا: "هي السبب"؟ كم مرّةٍ سالَ دمكِ من شهوةِ سيوفهم، ثم قالوا: "الفتنة فيها"؟
---
وها أنتِ، حتى اليوم، تُجلدين بصمتك، يُصلبُ وجهكِ في شاشات الأخبار، ويُعاد تدويرُ مأساتكِ كأنها محتوىً ترفيهي، لا روحٌ تنزف.
---
لكنكِ، رغم ذلك، رُكنتِ في زاويةِ التاريخ، باسمِ القداسةِ أحيانًا، وباسمِ الرجولةِ أحيانًا أخرى، تارةً قدّيسةٌ يُرجمُ من يلمسك، وتارةً شيطانةٌ يُحرقُ من يحبّك.
---
ومع هذا… قمتِ من بين رمادكِ، في كلّ زمن، في كلّ لُغة، في كلّ طعنة، كنتِ النهوض. كنتِ التي تُرضعُ الحروبَ أطفالها، ثم تُهدهدُ في قلبها نواحَ الضحايا. كنتِ التي تُلملمُ الخراب، وتصنعُ منه بيتًا، وحلمًا، وقصيدة.
---
أيتها الخارجةُ من جحيمِ الإنسان، من فمِ الحضارةِ المشقوق، ما زلتِ تمشينَ بيننا كأنّكِ عارٌ لا يُغتسل، أو نبيّةٌ لم يؤمن بها أحد.
---
لكنّني أؤمن بكِ، كما يؤمنُ الطفلُ بالأم، كما يؤمنُ الجرحُ بالماء، كما يؤمنُ الليلُ بالنجوم التي لم تُطفأ.
---
سلامًا عليكِ، يا صديقةَ الألمِ والدهشة، يا صرخةَ الجبال، وحنانَ الأغصان، سلامًا عليكِ، في كلّ لغةٍ أُخفيتِ فيها، وفي كلّ جسدٍ أُرهِقَ باسمِ الحبّ.
---
سلامٌ على التي لم تُترك لتكون، لكنّها كانت… وستظل.



#كريم_عبدالله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين رحل ساعي البريد
- تحت شجرة التين
- عندما يسيطر العسكر على البلاد
- إذا سرقتني الحرب، فأنتِ وريثتي
- بيوتٌ من غبار الذاكرة
- قراءة نقدية لنصّ الشاعرة : كلثوم البوركي – المغرب . بقلم : ك ...
- يأتون من بعيد... الهاربون من الجحيم
- قراءة صوفية تأويلية في قصيدة : عاهدتُكَ ألّا أُشْرِكَ بملائك ...
- قراءة صوفية في قصيدة : فتافیت من أحضان ديسمبر – للشاعر ...
- على درب الحُب الضائع
- قراءة نقدية لنص -في خلايا عقولكم أوجد- وفق نظرية ماسلو- بقلم ...
- شكوكٌ تزرعها في قلبي
- الحب.. بين الصمت واللغة: تأملات في مستحيل التعريف قراءة نقدي ...
- قراءة تأويلية في قصيدة : قنّاصة النّور – للشاعرة : جميلة مزر ...
- أَيَّتُهَا الضَّوْءُ الَّذِي لَا يَغِيبُ
- أنين الذاكرة: حين يتحول الحب إلى قيود قراءة نقدية في قصيدة : ...
- قراءة نقدية تأويلية في قصيدة : فوق سابع عشق – للشاعرة : يسرا ...
- قراءة نقدية في قصيدة: -في انهاركِ يتلاطمُ الغيم- – للشاعر ال ...
- قراءة نقدية تأويلية في قصيدة : نيسان الرحيل – للشاعرة : آمال ...
- خَمريّةُ العِشقِ أنتِ


المزيد.....




- شاهد رد فعل هيلاري كلينتون على إقالة الكوميدي جيمي كيميل
- موسم أصيلة الثقافي 46 . برنامج حافل بالسياسة والأدب والفنون ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - في اسمِها... يُصلبُ الكوكب