أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - قراءة نقدية لنصّ الشاعرة : كلثوم البوركي – المغرب . بقلم : كريم عبدالله – العراق .














المزيد.....

قراءة نقدية لنصّ الشاعرة : كلثوم البوركي – المغرب . بقلم : كريم عبدالله – العراق .


كريم عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 22:47
المحور: الادب والفن
    


قراءة نقدية لنصّ الشاعرة : كلثوم البوركي – المغرب .
بقلم : كريم عبدالله – العراق .
النصّ :
ويقولون أن الأيام مضت بنا عتيّا ..
وحان وقتُ الخجل من التوغل في ألوان الأمنيات
كثيرة كثيرة هي عليكِ
كلّها ..؟
كيف ..!وكلّما مددت يدي للمس الوقت إشتعل كأنه لحظة سقطت من عوالم الخُرافة ...

مازلتُ أجتر مرارة التفاصيل التي تأبى أن تصير طوع يدي
روضتها حتى تمكن مني التعب
والوحد
والحزنُ

أفواه حولي تصرخ بكل عنجهية
طوقتني بالتّهم
اللّوم و الشكوى
على أحوال أفئدتهم المثقوبة الخاوية على عروشها ...

على من العتاب ..؟
على المسافرة أم على خالق السّفائن و الأمواج ..!
كذلك أنا مركب ضائع في اليم مثلكم ..
الا ان لي منارة تشتعل من داخل روحي الى السماء
تُرشدني دائما الى الطريق ...
وان شاء الله سأصلُ...
القراءة :

كأننا لسنا أمام قصيدة، بل أمام نَفَسٍ حارٍّ صاعدٍ من جوف إنسان تَشظّى بين حلمٍ لم يكتمل، وخطى ما تزال تمشي بثباتٍ فوق رماد الرجاء. نصّ الشاعرة كلثوم البوركي ليس مجرد بوحٍ أنثوي يمرّ عابرًا على سطح الألم، بل هو حجرٌ قُذف في بحيرة النفس حتى ارتجف الماء من عمقه.

لم تختر الشاعرة عنوانًا.
وكأن النص لا يحتاج اسمًا، بل يحتاج قارئًا يُغلق عينيه وينزل فيه، كمن يدخل نفقًا بلا بوابة، لأنه ببساطة نفقٌ داخل الروح.

أولًا: صوت الذات… حين يصير العالم متآمرًا
منذ الجملة الأولى:

"ويقولون أن الأيام مضت بنا عتيّا…"

يظهر "هم" ويظهر "أنا". بينهما مسافة بحجم المعاناة.
"هم" يقولون. و"أنا" أتألم.
هذا الافتتاح الذكي لا يصور فقط عبور الزمن، بل اتهامًا مبطّنًا للمجتمع، لمؤسسات الخوف، للصوت الخارجي الذي يقمع التوق، ويُخجل الحلم.

ثم تأتي العبارة:

"وحان وقت الخجل من التوغل في ألوان الأمنيات…"

ليتجلّى هنا ما يشبه القمع الداخلي الذي نزرعه في أنفسنا كلما حاولنا أن نحيا خارج ما يسمح به الواقع.
كأنّ الحلم صار تهمة، والأمنية صارخة يجب إسكاتها.

ثانيًا: الرماد واللمس واللهيب
تقول:

"كلّما مددت يدي للمس الوقت اشتعل كأنه لحظة سقطت من عوالم الخرافة…"

ما أعمق هذا التصوير.
فـ"الوقت" هنا ليس زمنًا فيزيائيًا، بل هو اللحظة التي كان من المفترض أن تكون للحب، أو التحقق، أو الأمان… لكنها كلما اقتربت تحترق، كأنّها "ليست من هذا العالم".

هذا النص لا يبكي، بل يلمس الحريق وهو ينظر إليه بذهول.
كمن يرى الحلم يُولد ثم يذوب، ولا يملك إلا أن يمدّ يده، حتى لو احترق.

ثالثًا: الأصوات المشوشة والاتهام المقلوب
في مقطع صادم:

"أفواه حولي تصرخ بكل عنجهية / طوقتني بالتّهم…"

نحن أمام لحظة محاكمة، لكن المدهش أن المحاكَمة لا تجري في محكمة، بل في الحياة اليومية، في عيون الآخرين، في صمت المجتمع.
"العنجهية" هنا ليست صفة شكلية، بل توتر داخلي، صوت الفوضى التي تحاول إطفاء صوت الداخل.

ويا للمفارقة، فإن قلوب هؤلاء صارت:

"مثقوبة خاوية على عروشيها…"

في بيت مقلوب البناء، العروش قائمة، لكن القلوب خاوية.
كأنّ الشاعرة تقول: إنهم يحاكمونني من قلاعهم العالية، لكنهم أكثر خرابًا مني.

رابعًا: سؤال العتاب… أم سؤال القدر؟
"على من العتاب..؟ على المسافرة أم على خالق السفائن والأمواج..!"

هنا تبلغ التجربة ذروتها الوجودية.
فالسؤال لم يعد بسيطًا.
من المسؤول؟
أهي الأخرى (المسافرة) التي تركتني؟
أم هو القدر الذي صنع السفائن وجعل اليمّ بلا ضفاف؟

في هذه اللحظة، الشاعرة لا تشك فقط، بل تفكك العلاقة بين الإنسان والله، بين المصير والاختيار، بين الغرق والهداية.

ثم تأتي أجمل جملة، الضوء الذي يُنهي هذا الليل الطويل:

"إلا أن لي منارة تشتعل من داخل روحي إلى السماء…"

يا لروعة اليقين!
كل شيء حولها ينطفئ: البحر، الأمل، الحلم، الناس، السفائن…
لكن ما يشتعل ليس في الخارج، بل من الداخل.
وهنا يكمن السر:
المنارة ليست خارجيّة، بل تنبع من الروح.

وهكذا، رغم كل شيء، تقول بثقة:

"وإن شاء الله سأصل."

ليست النهاية سعيدة، لكنها منتصرة.
الذات ما زالت وحدها، لكن لم تعد تائهة.

وأخيراً فإن نصّ كلثوم البوركي ليس قصيدة، بل تجربة وجدانية مغموسة بالرماد والضوء معًا.
كتابة تنتمي إلى ضفاف الشعر الصوفي، وتشتبك مع قضايا المرأة، والمجتمع، والقدر، دون أن تفقد سلاحها الأساسي: الصدق والوضوح المتوتر.

لقد كتبت الشاعرة نصًّا لا يحتاج أن يعلّق في الذاكرة، لأنه يسكن في القلب.
وقدّمت تجربة تُقرأ كما تُقرأ الحياة: متعثّرة، موجوعة، لكنها مضيئة من الداخل.



#كريم_عبدالله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يأتون من بعيد... الهاربون من الجحيم
- قراءة صوفية تأويلية في قصيدة : عاهدتُكَ ألّا أُشْرِكَ بملائك ...
- قراءة صوفية في قصيدة : فتافیت من أحضان ديسمبر – للشاعر ...
- على درب الحُب الضائع
- قراءة نقدية لنص -في خلايا عقولكم أوجد- وفق نظرية ماسلو- بقلم ...
- شكوكٌ تزرعها في قلبي
- الحب.. بين الصمت واللغة: تأملات في مستحيل التعريف قراءة نقدي ...
- قراءة تأويلية في قصيدة : قنّاصة النّور – للشاعرة : جميلة مزر ...
- أَيَّتُهَا الضَّوْءُ الَّذِي لَا يَغِيبُ
- أنين الذاكرة: حين يتحول الحب إلى قيود قراءة نقدية في قصيدة : ...
- قراءة نقدية تأويلية في قصيدة : فوق سابع عشق – للشاعرة : يسرا ...
- قراءة نقدية في قصيدة: -في انهاركِ يتلاطمُ الغيم- – للشاعر ال ...
- قراءة نقدية تأويلية في قصيدة : نيسان الرحيل – للشاعرة : آمال ...
- خَمريّةُ العِشقِ أنتِ
- الحب الكوني والاتحاد الروحي بين الشاعر والمحبوب قراءة نقدية ...
- قراءة نقدية تحليلية في قصيدة : رِحْلَةُ الْوَجْعِ عَلَى ضَفّ ...
- قراءة نقدية اسلوبية في قصيدة : ريحانُ القلب – للشاعرة : حنان ...
- قراءة نقدية اسلوبية في قصيدة : مذبحة الأبرياء – بقلم الشاعرة ...
- قراءة نقدية تحليلية في نصّ - وأهربُ - بقلم الشاعرة : حنان يو ...
- سيّدةُ اللون الأسود


المزيد.....




- إطلاق خطة شاملة لإحياء السينما المصرية.. ما تفاصيلها؟
- رضوان لفلاحي: -لا شيء ممهَّد لشباب الضواحي في فرنسا كي يدخلو ...
- غاليري 54.. بورتريهات من ضوء، ألوان تتسابق وذاكرة تتمهل الزم ...
- رحيل فنان لبناني كبير والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تنعاه!
- احتجاجًا على الرقابة... فنانة أمريكية تُلغي معرضها في المتحف ...
- نصف قرن من الإبداع - وفاة الفنان اللبناني زياد الرحباني
- البشر يتبنون لغة الذكاء الاصطناعي دون أن يشعروا
- وفاة الفنان اللبناني زياد الرحباني ...ظاهرة فنية فريدة
- المغنّي والمسرحي والمؤلف الموسيقي ونجل فيروز.. رحيل الفنان ا ...
- بانكوك تستضيف مؤتمرا دوليا لتعزيز مكانة اللغة العربية


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - قراءة نقدية لنصّ الشاعرة : كلثوم البوركي – المغرب . بقلم : كريم عبدالله – العراق .