غيفارا معو
باحث وناشط سياسي ,واعلامي
(Ghifara Maao)
الحوار المتمدن-العدد: 8548 - 2025 / 12 / 6 - 16:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحياة السياسية في سوريا اليوم تبدو وكأنها مسرح مكتظ بالشخصيات، لكن بلا نص متماسك ولا رؤية جامعة. كثرة الأحزاب والتنظيمات السياسية، إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني التي تفتقر إلى الاستقلالية والفاعلية، جعلت المشهد أقرب إلى عرض هزلي منه إلى ساحة جادة لإنتاج حلول واقعية. هذا الابتذال ليس مجرد صدفة، بل هو نتاج تاريخ طويل من التشرذم، القمع، والبحث عن الشرعية في الشكل بدل المضمون.
تعددية شكلية بلا مضمون
• الأحزاب الكثيرة لا تعكس تنوعاً فكرياً حقيقياً، بل غالباً ما هي واجهات شكلية أو أدوات لتكريس الانقسام.
• غياب البرامج السياسية الجادة يجعلها مجرد شعارات مكررة، لا مشاريع إصلاحية أو اجتماعية.
• النتيجة: مجتمع سياسي يفتقد الثقة، حيث يختلط الجدي بالهزلي، والفاعل بالهام
. المجتمع المدني المأزوم
• كثير من المؤسسات التي تُسمى "مدنية" تعمل تحت وصاية السلطة أو بتمويل مشروط، ما يحولها إلى أدوات تزيينية.
• بدلاً من أن تكون جسراً بين المجتمع والدولة، تتحول إلى واجهة بيروقراطية أو منابر فارغة.
• هذا يضعف فكرة المشاركة الشعبية ويجعلها مجرد ديكور سياسي.
المسرح بدل القاعة
• السياسة في جوهرها يجب أن تكون قاعة للنقاش، للتفاوض، ولإيجاد حلول واقعية تناسب المجتمع.
• لكن في سوريا، تحولت إلى مسرح تُعرض فيه خطابات وشعارات، بينما الواقع الاجتماعي والاقتصادي يزداد تعقيداً.
• هذا الانفصال بين الخطاب والواقع هو ما يجعل الناس ينظرون إلى السياسة كمهزلة لا كأداة تغيير.
نحو إعادة الاعتبار للسياسة
• المطلوب ليس المزيد من الأحزاب أو المؤسسات الشكلية، بل إعادة بناء الثقة عبر برامج واقعية مرتبطة بحاجات الناس.
• السياسة يجب أن تستعيد وظيفتها كأداة للتغيير الاجتماعي، لا كوسيلة لتوزيع المناصب أو إنتاج الولاءات.
• النقد الجذري للابتذال السياسي هو الخطوة الأولى نحو استعادة المعنى، وتحويل المسرح إلى قاعة حقيقية للحوار.
إن أزمة السياسة في سوريا ليست أزمة أفراد أو وجوه، بل أزمة بنية كاملة تقوم على التعددية الشكلية والمجتمع المدني المأزوم. إعادة الاعتبار للسياسة تتطلب نقداً جذرياً لهذا الابتذال، وإعادة بناء فضاء عام قادر على إنتاج حلول واقعية تتناسب مع حاجات المجتمع.
#غيفارا_معو (هاشتاغ)
Ghifara_Maao#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟