غيفارا معو
باحث وناشط سياسي ,واعلامي
(Ghifara Maao)
الحوار المتمدن-العدد: 8534 - 2025 / 11 / 22 - 03:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في وطنٍ أنهكته الحروب، واستنزفته الانقسامات، لم يعد الخلاف ترفًا فكريًا، بل صار لعنةً تجرّ خلفها أنهارًا من الدماء. في سوريا، لم يكن الاختلاف يومًا المشكلة، بل كانت المشكلة دومًا في الطريقة التي صيغ بها هذا الاختلاف، وفي من وظّفه وقنّنه وسلّحه ليصبح أداةً للفرقة والاقتتال.
لقد عرفت سوريا تنوعًا غنيًا في مكوناتها الدينية والقومية والثقافية، وكان يمكن لهذا التنوع أن يكون مصدر قوة، لو لم تُصرّ الحكومات المتعاقبة على تحويله إلى لعنة. فمنذ عقود، جُرّد الإنسان السوري من إنسانيته، لا لشيء سوى لأنه اختلف، أو طالب، أو حلم. زُرعت الشكوك بين أبناء الوطن الواحد، فصار الجار يخشى جاره، والأخ يرتاب من أخيه، تحت وطأة خطابٍ سلطويٍّ يروّج للخوف والانقسام.
لم تكن السياسات الطائفية والقومية العابثة مجرد أخطاء عابرة، بل كانت أدوات ممنهجة لتفكيك المجتمع، ولتحويل الشعب إلى جماعات متناحرة تتقاتل على فتاتٍ منهوب، بينما تُسرق خيرات البلاد وتُهمّش طاقاتها، ويُقمع صوت العقل والحوار.
لكن، هل كتب علينا أن نظل أسرى لهذا المصير؟
أليس من حقنا أن نختلف دون أن نتقاتل؟ أن نعبّر دون أن نُقمع؟ أن ننتقد دون أن نُخوّن؟
الاختلاف ليس عيبًا، بل هو جوهر الحياة السياسية والفكرية السليمة. المجتمعات الحيّة لا تخشى التعدد، بل تحتضنه. أما المجتمعات المريضة، فهي التي ترى في كل رأيٍ مخالف تهديدًا، وفي كل صوتٍ حرٍّ مؤامرة.
إننا، كشعب، نملك اليوم فرصة نادرة لإعادة تعريف علاقتنا ببعضنا البعض، وبالدولة. لا بد من بناء عقد اجتماعي جديد، يقوم على المواطنة لا الطائفة، على العدالة لا الولاء، على الكفاءة لا المحسوبية.
ولا بد من مساءلة من حوّلوا الوطن إلى ساحة صراع دائم، ومن جعلوا من السلطة غنيمة، ومن الشعب وقودًا.
أيها السوريون والسوريات،
لن نُهزم ما دمنا نؤمن أن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا.
لن نُهزم ما دمنا نرفض أن نكون أدوات في صراعات لا تخدم إلا من ينهبوننا.
لن نُهزم ما دمنا نصرّ على أن نختلف... دون أن نتقاتل.
#غيفارا_معو (هاشتاغ)
Ghifara_Maao#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟