نوبة القتل الإسرائيلي الإقليميّة : كلب أمريكا فالت من عقاله في الشرق الأوسط

شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 8548 - 2025 / 12 / 6 - 00:50
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    

جريدة " الثورة " عدد 934 ، 1 ديسمبر 2025
www.revcom.us

في الأسبوع الفارط لوحده ، قتلت إسرائيل عشرات الفلسطينيّين و الفلسطينيّات في غزّة ، رغم إيقاف إطلاقا النار الذى وافقت عليه – و ذلك بعد سنتين من المذابح الإباديّة الجماعيّة . و قد أعدمت إسرائيل فلسطينيّين في الضفّة الغربية و هم يحاولون الإستسلام . و إغتالت معارضا سياسيّا و قتلت مدنيّين في لبنان و مرّة أخرى رغم إيقاف إطلاق النار مع هذا البلد. و نفّذت مذبحة في حقّ مواطنين في مدينة سوريّة .
و لطالما كانت إسرائيل تخدم كمخفر عسكري متقدّم تابع لإمبرياليّة الولايات المتّحدة و فارض لسياسات هذه الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط الحيويّة . و الآن أضحى كلب الهجوم هذا كلبا مسعورا ، يقتل كما يشاء عبر المنطقة – في الغالب الأعمّ بدعم من الولايات المتّحدة .
غزّة : في أواسط أكتوبر ، كلّ من إسرائيل و حماس ، المنظّمة الأصوليّة الإسلاميّة التي حكمت غزّة ، إتّفقا على إيقاف إطلاق نار برعاية ترامب لإيقاف الهجمات العسكريّة ( التي كانت تنفّذ في أغلبها من طرف إسرائيل ) . و مع ذلك ، تمادت إسرائيل في قتل الفلسطينيّين و الفلسطينيّات في كلّ الأحوال .
و 22 في نوفمبر ، أطلقت إسرائيل موجة مسيّرات و ضربات بالصواريخ عبر شمال غزّة و وسطها قاتلة ما لا يقلّ عن 24 شخصا . و في 28 نوفمبر ، جاء في تقرير أنّ تسعة مقاتلين فلسطينيّين قتلهم الجيش الإسرائيلي في رفح ، جنوب قطاع غزّة . (1)
و هذه ليست حوادث معزولة . في 44 يوما من إيقاف إطلاق النار ، حسب تقرير لمسؤوليّين رسميّين في غزّة ، قتلت إسرائيل 347 فلسطينيّا و فلسطينيّة و جرحت 889 آخرين ، و إستولت عمليّا على 53 بالمائة من أراضي غزّة (2) ، و داست إيقاف إطلاق النار حوالي 500 مرّة ! و دوس إسرائيل لإيقاف إطلاق النار ليس أمرا مجرّدا أو دون ضرر : فقد نزعت إسرائيل حيوات ثمينة من 67 طفلا . و هذا يساوي طفلين في اليوم الواحد ّ و يأتي هذا بعد أكثر من 70.100 إنسان قتلتهم إسرائيل في السنتين الماضيتين ، بما في ذلك ما لا يقلّ عن 20.179 طفلا .
و هذه السنة ، " عدد هجمات المستوطنين الإسرائيليّين ضد الفلسطينيّين و الفلسطينيّات – بمعدّل 8 أحداث يوميّا – هو الأعلى منذ شرعت الأمم المتّحدة في توثيقها سنة 2006"، هذا ما جاء في تقرير لجريدة " واشنطن بوست ". بتسلام B’Selem، جمعيّة حقوق إنسان إسرائيليّة ، قالت إنّ المستوطنين كانوا يهاجمون الفلسطينيّين و الفلسطينيّات " يوميّا " بما في ذلك ، ب " إطلاق الرصاص و الضرب و التهديد للفلسطينيّين و الفلسطينيّات ، و الرمي بالحجارة و إضرام النار في الحقول و تحطيم الأشجار و المحاصيل و سرقة المنتوجات و غلق الطرقات و غزو المساكن و حرق السيّارات ". (3)
لبنان : وافقت إسرائيل على إيقاف إطلاق النار مع لبنان قبل سنة من الآن . إلاّ أنّها لا تزال تهاجم لبنان تقريبا يوميّا . و في 23 نوفمبر ، شنّت إسرائيل غارة جوّية إستهدفت شقّة في ضاحية العاصمة ، بيروت . وقع على إثرها إغتيال مسؤول عسكريّ سامي في حزب الله و قتل 5 مدنيّين . وجُرح 25 شخصا آخرين . و قبل ذلك بأيّام خمسة ، قصفت إسرائيل أكبر مخيّمات اللاجئين الفلسطينيّين ال12 ، قاتلة ما لا يقلّ عن 13 إنسانا و جارحة آخرين .
منذ إمضاء إيقاف إطلاق النار ، قتلت إسرائيل زهاء 330 لبنانيّا و لبنانيّة ، بمن فيهم المدنيّين ، و 945 آخرين تعرّضوا للجراح . و قد دمّرت غاراتها الجوّية ال700 المنازل و المدارس و المعاهد و البنية التحتيّة العامة . و قد فجّرت ضربة بواسطة مسيّرة في سبتمبر مقعد سائق السيّارة فحوّلته و من فيه إلى رماد ، هذا ما جاء في تقرير لجريدة " النيويورك تايمز". شابان حائران لباسهما أسود اللون كانا يلتقطان قطعا صغيرة من اللحم المفحّم ، قطعة قطعة . كانا يجمعانها في حقائب بلاستيكيّة اتُدفن في اليوم التالي . "
و وفق الأمم المتّحدة ، قد داست إسرائيل إيقاف إطلاق النار 10.000 مرّة . جوّا و برّا ، بما في ذلك الإستيلاء على أراضي لبنانيّة و إحتلالها . و كلّ هذا يمثّل " إستهانة تامة لإتّفاق إطلاق النار " حسب ما صرّحت به الأمم المتّحدة . و حوالي 64 ألف لبناني و لبنانيّة يظلّون مهجّرين من ديارهم ، و معظم الجنوب مدمّر ، و تظلّ عمليّة إعادة البناء مجمّدة بفعل العدوان و القتل الإسرائيليّين تقريبا يوميّا .
سوريا : تمّت الإطاحة بطغيان بشأر الأسد في ديسمبر 2024 ، شنّـت إسرائيل فورا هجمات جوّية و أرضيّة عبر سوريا . و مذّاك ، هاجم الجيش الإسرائيلي سوريا أكثر من 220 مرّة و قتل ما يُقدّر ب 296 سوريّا. و كذلك إستولت على ما أطلقت عليه منطقة عازلة منزوعة السلاح في مرتفعات الجولان و أراضي جنوب غرب سوريا حيث أقامت شبكة نامية من الثكنات و التحصينات .
و في الأسبوع الماضي ، في 28 نوفمبر ، أغارت القوّات الإسرائيليّة على بيت – جين ، مدينة سوريّة صغيرة قرب مرتفعات الجولان التي تحتلّها إسرائيل . و كان الهدف من ذلك إيقاف و سجن عديد المواطنين لكن آخرين في المدينة قاوموا عن حقّ هذا التوغّل اللاقانوني. " خرجنا لمشاهدة ما كان يجرى و رأينا الجيش الإسرائيلي في القرية ، جنود و دبّابات "، هذا ما صرّح به مواطن سوري لقناة الجزيرة ." ثمّ إنسحبت هذه القوّات و جاءت القوّات الجوّية – و بدأت القنابل تتساقط فوق رؤوسنا " . و قد قُتل ما لا يقلّ عن 13 شخصا بمن فيهم طفلين و أكثر من 24 آخرين جُرحوا أثناء هذا الدوس الفاضح للسيادة الوطنيّة السوريّة .
كلب أمريكا المسعور يقتل و يُرهب وقائيّا – في أيّ وقت و في أيّ مكان :
طوال السنة الفارطة ، هاجمت إسرائيل أيضا إيران و اليمن و العراق و قطر ! ( و إلتحقت الولايات المتّحدة بإسرائيل في مهاجمة إيران و اليمن ) إنّ الهجوم الإسرائيلي المجرم عبر الشرق الأوسط ، و خرقها السافر و المستمرّ للإتّفاقيّات و القانون الدولي ، و دعم نظام ترامب لكلّ هذا يشيرون إلى مقاربتهما المشتركة ، مهما كانت الإختلافات التكتيكيّة بينهما في وقت معطى .
إسرائيل تشنّ هجمات مسعورة للتحكّم في المنطقة بأسرها و الإستفادة من إيران التي صارت ضعيفة ( بفعل الهجمات العسكريّة اللاقانونيّة من طرف الولايات المتّحدة و إسرائيل ) . روجي كوهين من جريدة " النيويورك تايمز " يقتطف عالم سياسة عربيّ يصف إسرائيل على أنّها " بلد سيقتل أعداءه في أيّ مكان : من لبنان إلى سوريا و من غزّة إلى إيران و من اليمن إلى القطر . الضربات الوقائيّة الإسرائيليّة هي الضوابط الجديدة ." ( 4 )
نظام ترامب و إسرائيل متناغمين غالبا على هذه المقاربة . و إسرائيل الآن ، و كانت لعقود ، الثكنة العسكريّة المتقدّمة الأوّليّة للولايات المتّحدة و كلب هجومها في الشرق الأوسط – فرض الهيمنة الشاملة الإمبرياليّة للولايات المتّحدة . لن تكون إسرائيل قابلة للنهوض بهذا الدور – و الهجوم متى شاءت – دون بليارات الدولارات في الأسلحة ذات التقنية العالية ، و الألكترونيّات و التجسّس الذين توفّرهم الولايات المتّحدة ، إلى جانب دعم سياسي و دبلوماسي .
منذ تأسيس إسرائيل سنة 1948 ، قدّمت الولايات المتّحدة لإسرائيل 174 بليون دولار كمساعدة متنامية . و تدفّق الأسلحة هذا و التمويل و الدعم لم يتراجعوا لأنّ إسرائيل شنّت إبادة جماعيّة في غزّة أو خاضت حروبا عدوانيّة ضد إيران و لبنان – قد تزايد ! و خلال الأشهر الأولى وهو فلى السلطة ، صادق نظام ترامب على أكثر من 12 بليون كمبيعات عسكريّة إضافيّة لإسرائيل .
وفي لبنان ، تدعم الولايات المتّحدة العدوان الإسرائيلي الذى يخرق إيقاف إطلاق النار. كتبت هارتس الجريدة الإسرائيليّة: إنّ واشنطن ، بمساعدة الهجمات الإسرائيليّة ، تأمل أن تدفع الحكومة اللبنانيّة و الجيش اللبناني لنزع سلاح حزب الله . و فضلا عن ذلك ، تفترض الولايات المتّحدة أنّ العدوان الإسرائيلي يمكن أن يُجبر لبنان على الدخول في مفاوضات دبلوماسيّة مع إسرائيل ، و من الممكن الإلتحاق حتّى بإتّفاقيّات أبراهام ...يبدو أنّ الولايات المتّحدة تبنّت موقف نتنياهو : أنّ السلام يمكن أن يُفرض على لبنان بالقوّة " .
متصرّفا كرئيس للمافيا ، قال توم برّاك المبعوث الخاص للولايات المتّحدة إلى لبنان و سوريا إنّه - بإيقاف إطلاق النار أم لا –" لمّا يجد الإسرائيليّون هؤلاء الأشخاص [ مسؤولو حزب الله و أعضائه ] ، ببساطة يقضون عليهم ، و هكذا يضربون إثنين أو ثلاثة في الأسبوع " .
و حتّى حيث للولايات المتّحدة و إسرائيل – أو يبدو أنّ لديها – خلافات تكتيكيّة ، موقف الكلب المسعور الإسرائيلي يمكن أن يخدم مصالح الولايات المتّحدة . و على سبيل المثال ، واصلت إسرائيل هجماتها على سوريا ، حتّى و الولايات المتّحدة تعمل لإنشاء النظام السوري الجديد يدور في فلكها . و القائد السوري الجديد ، الجهادي السابق أحمد الشرع ، إلتقى في البيت الأبيض في 10 نوفمبر 2025 ، و سوريا قد وافقت كذلك على السماح للولايات المتّحدة بأن ترسي قاعدة عسكريّة في عاصمتها ، دمشق . و الغاية ؟ " العمل كمحور مراقبة و لوجستي متّصل بما يُقترح من تفاهم عدم الإعتداء بين سوريا و إسرائيل ".
بإسم الإنسانيّة ، نرفض القبول بأمريكا فاشيّة !
عربدة و مخطّطات الولايات المتّحدة – إسرائيل تهدّد حيوات و مستقبل عشرات و حتّى مئات ملايين عبر الشرق الأوسط. إنّهما تهدفان إلى دفع شعوب المنطقة حتّى أعمق إلى جهنّم الإضطهاد و الخانقة لإمبرياليّة الولايات المتّحدة و الهيمنة و الإرهاب الإسرائيليّين .
أوقفوا الإبادة الجماعيّة التي تقترفها الولايات المتّحدة - إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني و العدوان عبر الشرق الأوسط !
يجب على نظام ترامب الفاشيّ أن يرحل الآن !
هذا النظام برمّته فاسد و غير شرعيّ ! نحتاج و نطالب ب : نمط حياة جديد تماما و نظام مغاير جوهريّا !
هوامش المقال :
1. ثمّة تقارير بأنّ 100 و 200 مقاتل من حماس باقون عالقين في أنفاق تحت الأرض . و إسرائيل إلى الآن رفضت بوحشيّة المطالب العالميّة بأن تطبّق إيقاف إطلاق النار و توفّر لهم ممرّا آمنا إلى خارج المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل. و يمكن لهذا أن يمثّل خطوة أخرى نحو مجزرة جديدة ترتكبها إسرائيل.
2. معهد ماكس بلانك للبحث الديمغرافي في ألمانيا يقدّر أن عدد القتلى في غزّة يرجّح أن يكون أكثر من 100 ألف إنسان – و هذا له دلالة أكثر من العدد الرسميّ ب 69.733 قتيلا . " أمل الحياة في غزّة نزل بنسبة 44 بالمائة في 2023 و ب47 بالمائة سنة 2024 مقارنة بما كان سيكون دون حرب – ما يساوى خسائر ب 34.4 و 36.4 سنة ، على التوالي " وفق تقرير المعهد .
"U.N.: Israel’s War on Gaza Will Cost More Than -$-70 Billion in Reconstruction Over Several Decades," Democracy Now!, November 26, 2025.
3. هذا مجال يقع في ظلّ القانون الدوليّ ضمن ما يفترض أنّه أرض فلسطينيّة . و بدلا من ذلك ، تحتلّ إسرائيل بلا توقّف المزيد و المزيد من الأراضي و صعّدت من إرهابها ضد الشعب الفلسطيني . و منذ 7 أكتوبر 2023 ، قتلت إسرائيل ما لا يقلّ عن 905 فلسطينيّ في الضفّة الغربيّة ، بما في ذلك ما لا يقلّ عن 181 طفلا ، و جرحت أكثر من 7.370 إنسان. أنظروا أيضا ،
"Israelis Threaten West Bank Olive Harvest— Jewish Terrorism in the West Bank Has a Clear Plan ” November 17, 2025 and "Israel’s West Bank Violence Escalates to Highest Level in 20 Years—44 Children Killed This Year Alone," revcom.us, November 10, 2025.
4. حزب الله حزب سياسي إسلامي شيعي و ميليشيا في لبنان منحاز إلى إيران .
5. كتب كوهين ، " الرؤية العظيمة لترامب هي المزيج رأس مال الخليج و الإبداع اللبناني و التقنية الإسرائيليّة و قوّة عمل عربيّة كبيرة العدد لإنتاج معجزات إقتصاديّة تخلق توافقا في الشرق الأوسط . و يبقى أن نرى ما إذا كان ذلك أكثر من وهم " حديث عن " إطلاق العنان النهب الرأسمالي غير المنظّم و غير المقيّد ... كما يضع ذلك بوب أفاكيان .

#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل