فاتن نور
الحوار المتمدن-العدد: 8547 - 2025 / 12 / 5 - 02:47
المحور:
الادب والفن
ماتوا جميعا،
خصفوا من نحاس الوقت ما يكفي لأكفانهم،
وماتوا جميعا،
لكنهم ضلوا الطريق المختصرة
إلى قبورهم.
عاشوا جباة لما أخشوشنوا به،
يتساقطون من أفواههم
نقاطا هائجة، تستميل ثقوبهم الرخوة.
ما كنت بصدد التنقيب عن حروف ملائمة،
فمن يتسلق ليله بلثغة الفكرة السادية
يضل طريقه إلى نهار.
في خدر اللاشيء
وجدتهم يعبرون بياضا بلا ضوء.
الخيوط اللزجة التي تدلت آمنة
من مواقيت غسل الجباه
كانت شواهد لجنايات قادمة،
لم يضلوا طريقها المختصرة.
ظلوا يرددون في مفترقات العهود الشاحبة:
“الضوء ينام مثلنا”،
فقط كيلا يكون موتهم مرئيا.
هل أغرتهم الحية الملعونة، فأكلوا ثمارك؟
تسألني خطوطي المائلة.
يا إلهي… رأيتهم يأكلون الحية بجلدها،
وراحوا يسعون على بطونهم لقنص التراب،
حتى ماتوا جميعا
ممتلئين بأمتعة القبور.
ستنتهي الوليمة، قالوا، قطعا ستنتهي،
وسنحبك أكثر،
وأنت تنزفين لمجرى الدم عينك المستودعة،
وذكريات لعبك بالماء والطين.
كانت قد نزفت حمرتها في عروقي،
ونزفت أحلامي لغرس بذورها:
شجرة الكرز التي تقاتلوا على شمها،
لكنهم ضلوا الطريق
حتى إلى أنوفهم.
الأميون لا يقرأون حفيف الشجر،
ولا ينصتون لما يقوله الجذع المكسور،
لكنهم يتدافعون بشراهة
لقراءة الغبرة المتخثرة في مسامهم،
ويضلون الطريق عادة
إلى ذلك المعبر الحاسر الذي يغتسلون فيه
لغيابهم الأبدي.
لم يدركوا أبدا أن في الموت ثمة فناً باهظاً
لا يعرفه المتسكعون برمال الليالي الرطبة،
المجتهدون في نبش الضرورات الميتة،
كما ينبش الجياع مزابل أسيادهم.
ظلت فاغرة، يعبق بها الفراغ وحشراته المضيئة،
قبورهم التي ضلوا طريقها المختصرة،
لأنهم لم يصدحوا يوما بغناء عظيم
ينجب مجداً وذاكرة.
December 05, 2025
#فاتن_نور (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟