أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاتن نور - المحتوى الهابط بين الفرد والسلطة














المزيد.....

المحتوى الهابط بين الفرد والسلطة


فاتن نور

الحوار المتمدن-العدد: 8504 - 2025 / 10 / 23 - 09:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما مدى تواطؤ الخطاب الديني مع السلطة من أجل إفراغ الإنسان من قيمته كجوهر وغاية، وتسقيطه عن وعيه وكرامته؟
يبدو أن التحولات الكبرى التي شهدها العراق في بنى وعيه المعرفي وقيمه الاجتماعية أصبحت ظاهرة للعيان، وتنذر بوكود أزمة أخلاقية تجتاح الوعي الجمعي فتزيده تهالكًا في ظل تزاوج سلطة الدين مع سلطة السوق.إذ لم يعد الدين منظومة أخلاقية ذات جوهر توعوي–تحرّري يحترم كينونة الإنسان ويصونها، بل تحول إلى أداة سلطوية توظَّف لترويض الأفراد وضبطهم على هوى السلطتين السياسية والدينية.
السلطة التي تقدّس الإنسان حين يكون صاغرًا لخطابها، هي ذاتها التي تسعى إلى تجريمه حين يحاول التحرر منه. فعندما يمارس الفرد رغبته بصفته الشخصية، تزجره السلطة بذريعة “المحتوى الهابط” الذي يخدش الحياء الاجتماعي من منظورها، حتى وإن جاء ضمن حدود حرية التعبير المكفولة دستورياً. أما حين تمارس السلطة رغبتها بصفة سياسية–دينية–نفعية، يصبح المحتوى الهابط مقدسًا بالفقه والتأويل التسييسي، وإن كان خادشًا ليس للحياء فحسب، بل للجوهر القيمي للأخلاق ذاتها.
ولعل السؤال الأهم هنا: هل المحتوى الهابط هو ما ينتجه الأفراد عبر المنصات الإلكترونية، أم ما تنتجه الدولة حين تترك الأبواب مشرعة للانحطاط المعرفي والأخلاقي باسم الدين والعرف؟ حين تتزاوج سلطة الدين مع سلطة السوق في سياقات تسليع الأخلاق والاتجار بها كمنتجات “حلال”، لابتزاز المجتمع حتى في أعراضه؟ لقد تحولت المنظومة الأخلاقية إلى أداة سلطوية للربح والسيطرة، لا إلى منظومة قيمية لحماية النسيج الاجتماعي من التمزق.
هكذا نشأت أسواق الدعارة “الحلال”، وهي أسواق نفعية تمثل شكلًا من الرأسمالية الأخلاقية التي يُستهلك فيها الإيمان كصورة، وتُباع الفضيلة كمنتج، ويتحوّل الدين إلى ماركات تسويقية تتنافس في ترويج الابتذال وصناعة إنسان ساقط أخلاقيًا يرتدي جلباب الدين والعفة.
وفي قلب هذا المشهد، تبرز العقائدية الذكورية كقوة صارخة لإعادة إنتاج الهيمنة والقهر في واقع هشٍّ يرزح تحت مطرقتي الحداثة الصورية والوصاية الدينية، حيث يتكامل القمع الرمزي مع الاقتصادي ليشكلا بنية أخلاقية زائفة تحفظ مصالح السلطة لا قيم الإنسان.
في هذا السياق، يبرز “زواج المتعة” كمثال فاضح: أليس شكلًا من أشكال المحتوى الهابط المشرعن؟ أليست المتعة الجنسية البحتة حين تتخذ صيغة الزواج نوعًا من تسفيه مؤسسة الزواج نفسها؟
فالزواج رباط إنساني–وجداني مقدس، لا يقوم على المتعة العابرة، بل على العدالة والرحمة والمسؤولية والاستدامة. أما “زواج المتعة”، فهو عقد إيجار مؤقت لأفراد تم اختزالهم إلى رغبات مؤقتة، في نظامٍ ديني–سوقي لا يرى في الإنسان سوى وسيلة للمتعة أو الربح.
ومع أن الدولة العراقية لم تنجح في إنتاج تعريف واضح لمفهوم “المحتوى الهابط” في قانون مستقل، ولجأت إلى ربطه بمصطلحات فضفاضة متروكة لاجتهاد الأجهزة الرقابية، مثل “الحياء الاجتماعي” و“الذوق العام” و“التحريض على الكراهية” و“السلم الأهلي”، نجدها قد اعتمدت فعليًا على بعض مواد قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 / المواد 401–404 لمعالجة قضايا المحتوى الهابط قضائيًا.
وهذا يفتح باب التساؤل حول مدى تقاعس السلطة التشريعية عن أداء مهامها في سدّ الفراغات التشريعية، وما إذا كان هذا الغموض يمثل أحد أشكال السيطرة القانونية المرنة التي تتيح للسلطة توظيف الأخلاق كأداة ضبط لا كمنظومة قيم.
أختم بقوله تعالى: والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون (المعارج: 29-31)
العادون" في القرآن تعني المتجاوزون والمعتدون على حدود الله أو ما شرّعه لهم، انهم من يخرجون عن طريق الحلال إلى الحرام، ويتعدون ما أحل الله لهم من أمور الحياة. وتتضمن هذه الحدود: الأوامر والنواهي، والفرائض، والمعاملات، وحدود الزواج والطلاق.



October 23, 2025



#فاتن_نور (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الكينونة والرغبة
- مساحات 5
- قصاصات الليلة الساخنة
- ثكلتكم أمهاتكم
- الخوار الوطني وركلات الجزاء
- دفاع شيطاني
- مساحات 4
- جهود
- المرجان الأزرق
- مساحات 3
- صور متخيلة لا تتحقق
- من يلوم الشمس
- لا أخلاقيات المعرفة التقليدية 2
- لا أخلاقيات المعرفة التقليدية
- مساحات 2
- محاولة الرائي
- الشيطان النبيل
- رهط من الرجال
- مساحات
- رقصة داليا


المزيد.....




- مجلس الإفتاء يدعو إلى مساندة مزارعي الزيتون
- موجة تنديد عربية وإسلامية واسعة بعد إقرار الكنيست المبدئي لض ...
- أزمة الوقود في مالي: جماعة نصرة الإسلام والمسلمين تفتح جبهة ...
- محافظة القدس تحذر من انهيار أجزاء من المسجد الأقصى
- طريقة تثبيت تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي
- إحباط إسرائيلي من تزايد انفصال يهود العالم عن الاحتلال وتبني ...
- أكثر من 450 شخصية يهودية بارزة حول العالم يطالبون بفرض عقوبا ...
- محافظة القدس تحذر من حفريات إسرائيلية حول المسجد الأقصى
- بين الانهيار والاستثمار.. قصة بيوت اليهود في دمشق
- البروفيسور ساري حنفي: الليبرالية الرمزية تقوض العدالة والعلم ...


المزيد.....

- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاتن نور - المحتوى الهابط بين الفرد والسلطة