أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - فاتن نور - لا أخلاقيات المعرفة التقليدية 2















المزيد.....

لا أخلاقيات المعرفة التقليدية 2


فاتن نور

الحوار المتمدن-العدد: 7000 - 2021 / 8 / 26 - 02:11
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


في القرن العشرين، وخلال أربعين سنة فقط (1959-1999) تضاعف سكان الأرض من 3 مليار إلى 6 مليار نسمة. والمتوقع أن يصل تعدادهم إلى 8 مليار نسمة في عام 2023.
وكان تعداد أهل الارض، عند فجر الزراعة قبل 10000 سنة، خمسة ملايين نسمة تقريباً، أي ما يعادل نصف تعداد مدينة القاهرة اليوم، أو سبع تعداد مدينة طوكيو.
في هذه الألفية الثالثة التي نعيش بداية عقدها الثالث؛ نصف مليون طفل يولد تقريباً كل يوم.
ومع هذا الغزو البشري للأرض بالإنجاب العشوائي أو العرضي، تبقى الكتلة البشرية ضيئلة للغاية حتى مقارنة بحجم الكتلة البكتيريّة التي تشكّل نسبة 13% من الحجم الإجمالي للكتل الحيوية الموجودة على كوكب الأرض، والتي تقدرّ بـ 555 مليار طن تقريباً. حيث تشكل البشرية بكامل تعدّاد نفوسها العالمي البالغ 7.6 مليار نسمة 0.01% فقط من الكتلة الحيوية الإجمالية للكوكب، أي 10000/1

ومع هذه الضآلة اللافتة، استطاع الإنسان ما لم يستطعه غيره من الأحياء التي عاشت على وجه الأرض، إذ تمكن بـ "فارق العقل والذكاء" تدمير عشه الأرضي بهذه السرعة الفائقة، فقد ساهمت التكنولوجيا الحديثة والعلوم الديناميكية بتوظيفاتها الاستثمارية-الاستهلاكية في التخريب البيئي بعد إحلال المكننة محل العمل اليدوي في القرن التاسع عشر، أو ما يطلق عليه بالثورة الصناعية التي بدأت بوادرها مع الغزل الآلي واختراع الآلة البخارية في انكلتر في القرن الثامن عشر.
ومع جوانبها الإيجابية، كانت ثورة لاستنزاف العالم الطبيعي بلا هوادة، وخلخلة توازنه البيئي، وخلق أزمات بيئية عالمية من الصعوبة التغلب عليها ما لم تتغير أنماط العيش والاستهلاك، وقبلها طرائق التفكير.
فقد غيّر البشر البناء الكيميائي للغلاف الجوي، بحرق كميات هائلة من الوقود الأحفوري، مما أثر في التنوع البيولوجي وأدى إلى انقراض آلاف من الأنواع. وغاص في أعماق البرّ والبحر لتخريب الشعاب المرجانية وخلخلة العالم المائي لاهثاً وراء ضاله لا قرار لها.
أكثر من ثمانية مليارات طن من البلاستك منذ خمسينيات القرن المنصرم، تحمل الأنهار منها ما يزيد على 70% كنفايات إلى شواطيء العالم، وتقتل أكثر من مليون طائر وحيوان في العام. علماً أن النفايات البلاستيكية لا تتحلل بسرعة، فأكياس البلاستيك -وهي الأسرع في التحلل الطبيعي- تستغرق عقدين من الزمن تقريباً، بينما تستغرق قناني الماء وحفاضات الأطفال وفرش الأسنان أربعة إلى خمسة قرون. وهذه كارثة بيئية حقيقية مع حجم الاستهلاك اليومي المهوول للسلع البلاستيكية رغم حظر بعضها في عدد قليل من دول العالم لمضار البلاستك الصحية والبيئية.

من المخجل للذكاء، أن تفقد بعض الطيور القدرة على الغناء بسبب إزالة الغابات وانقراض الموائل والتلوث الضوضائي. ويباد نصف الطيور في العالم جراء الأنشطة البشرية ومخلفاتها، فيما 70% من النصف المتبقي معتقل ويعاني حياة مزرية في حظائر بائسة. وأن يفقد النحل قدراته الحركية والإدراكية فـ يضل السبيل إلى خلاياه محملاً بالرحيق، مع أنه من أهم الملقحات الطبيعية والضرورية لتأمين نظامنا الغذائي.
آباد الإنسان أكثر من 80% من الثدييات البريّة. أكثر من نصف الثدييات في عالم اليوم عبارة عن ماشية محتجزة ومعدّة للذبح والسلخ والاستهلاك البشري بعد تسمينها بالهرومونات.
يمكن سرد الكثير عما فعله البشر باسم الحضارة والذكاء، وربما اقترب شوبنهار -الملحد المتشائم- من الحقيقة المؤلمة عندما قال أن البشر شياطين الأرض والحيوانات أرواحها المعذبة.

ومع الهوة السحيقة بين العلم والميتافيزيقيا، ساهم الإثنان في التخريب، إلاّ أن العلماء يدركون جيداً حجم الأضرار الناجمة عن سوء استخدام وتوظيف العلوم دون مراعاة التداعيات البيئية المحتملة.
فيما لا يرى الميتافيزيقيون / الخليقيون، من جهة أخرى، أبعد مما تقوله نظريات الخلق، فالآخلاق هي ما تأمر به آلهة السماء. الصح والخطأ ثنوية مشروطة بقبول الآلهة أو رفضها. مع أن أفلاطون قبل 2500 سنة كان قد طعن بفكرة الأخلاق الآلهية، عندما صاغ سؤاله الفلسفي هذا:

هل الشيء صحيح فقط لأن الآلهة تأمر به، أم الآلهة تأمر به لأنه صحيح؟

لا يبدو الشق الأول متسقاً مع البداهة والمنطق البسيط، فالعقل السليم يرفض أن تكون الأشياء صحيحة فقط لأن إرادة فوقية تعسفية أمرت بها بغض النظر عن فائدتها أو ضررها. أما الشق الثاني فيعني استقلالية الصواب والخطأ عن إرادة الآلهة أو أي ارادات تعسفية آخرى. والجميل حقاً أن يعترض على نظرية الأخلاق الآلهية فيلسوف يعد من أوائل فلاسفة الميتافيزيقيا.
في كتابه السياسة، يشير أرسطو إلى "أن الطبيعة صنعت كل الأشياء على وجه التحديد من أجل الإنسان، وأن قيمة الأشياء غير البشرية في الطبيعة بصفتها مجرد وسيلة"
وبهذا هو لا يبتعد، في هذه الحيثية، عن الديانات الإبراهيمية التي سخرت الطبيعة للإنسان المخلوق على صورة الخالق، وأطلقت يده لاخضاع مخلوقات الأرض واستنزافها لحاجاته المبتدعة بغالبها. وبهذا أسست علاقة غائية غير سوية بين الإنسان والبيئة، علاقة شوهاء ربطت نهاية العالم بنهاية الإنسان. وهذا من ترف تعظيم الإنسان لنفسه بمخيال أسطوري ولّد صنوفاً من الغطرسة الفارغة والتسلط والجشع.

وهنا تكمن معضلة الإنسان مع الطبيعة، ومعضلته مع نفسه. فمن الصعوبة بمكان، مع هذه المركزية التقليدية التي منحها الإنسان لنفسه عبر أدبياته الأسطورية وعلاقته الغائية بالكون؛ فهم الأخطاء الأخلاقية في معاملته القاسية والمجحفة مع غيره من الأحياء. ومراجعة علاقته التسخيريّة الضارة مع الطبيعة، والتي أسفرت عن إرتكاب حماقات كثيرة بحقها، ومجازر غير محدودة بحق كائناتها، تتخطى بشراهة منقطعة النظير حدود الاكتفاء والرحمة.

من الذكاء أن نعي ضآلة حجمنا الطبيعي كـ كتلة حيوية مصنفة علمياً ضمن الكتل الهامشية التي تشكل 5% من عموم الكتلة الحيوية للأرض. ونتخلى إلى الأبد، عن فكرة أن الإنسان سيد الكائنات، ونلتفت لخطورة علاقتنا الآلية - الأداتية مع أبناء جنسنا ومع الطبيعة، فهي علاقة عمياء تضيف إلى ضآلة حجمنا ضآلة قيميّة متاخمة.

الحضارة الذكية لا يمكن أن تكون مذبحاً للبيئة. ومن الذكاء أن لا نحاول عبثاً عيش حياة خاطئة بشكل صحيح. الذكاء إقامة حضارة يسودها علم العلاقات الإنسانية التكافلية مع الأرض بكافة كتلها الحيوية. حضارة ترتكز على قاعدة عريضة من الأخلاق البيئية الوضعية التي تحتضن الطبيعة كما يحتضن الأبن البار أمه. وتتعامل معها گـ جوهر وجودي بحد ذاتها وقيمة. وتوظف طاقاتها العلمية والتكنولوجية لحماية البيئة ورعايتها من هذا المنطلق المتفوق على الغائية والنفعية والوسائلية مع مردوداته الإيجابية العظيمة. حتى نخلص بهذا أو نعود إلى سنة الصراع الطبيعي والمتوازن من أجل البقاء. بقاء لا يبشر بالفناء والانقراض بعد فقر وجوع وتشرّد وسفك دماء. بقاء أخضر تستطيع الكتل الحيوية الأكثر ثقلاً وأهمية، التصالح معه فتزيدنّه قيمة وذكاءً.
…لقد قيل إن الإنسان حيوان عاقل، طوال حياتي كنت أبحث عن أدلة يمكن أن تدعم هذا القول…
كم كان محقاً برتراند راسل بمقولته هذه؟








لتجديد معلومات موقعكم الفرعي (الصورة، النبذة والتصميم ) بشكل أوتوماتيكي
نرجو استخدام الرابط التالي، يعتذر الحوار المتمدن على تلبية طلبات التجديد المرسلة بالبريد الالكتروني
https://www.ahewar.org/guest/SendMsg.asp?id=



#فاتن_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا أخلاقيات المعرفة التقليدية
- مساحات 2
- محاولة الرائي
- الشيطان النبيل
- رهط من الرجال
- مساحات
- رقصة داليا
- سفر الأنثى
- ذلك الشيء
- التجميل في سوق العدم 2
- التجميل في سوق العدم
- مرايا
- كيف تكون وطنياً بلا حدود
- لا يأتي فجأة
- لا وقت عندي
- رسائل الصمت 2
- رسائل الصمت
- لتمسّك يدي
- قنديل
- بصمة المدينة


المزيد.....




- هل قررت قطر إغلاق مكتب حماس في الدوحة؟ المتحدث باسم الخارجية ...
- لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في ...
- القضاء الفرنسي يستدعي مجموعة من النواب الداعمين لفلسطين بتهم ...
- رئيسي من باكستان: إذا هاجمت إسرائيل أراضينا فلن يتبقى منها ش ...
- -تهجرت عام 1948، ولن أتهجر مرة أخرى-
- بعد سلسلة من الزلازل.. استمرار عمليات إزالة الأنقاض في تايوا ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي ادعاءات بدفن جثث فلسطينيين في غزة
- علييف: باكو ويريفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق السلام
- -تجارة باسم الدين-.. حقوقيات مغربيات ينتقدن تطبيق -الزواج ال ...
- لأول مرة.. الجيش الروسي يدمر نظام صواريخ مضادة للطائرات MIM- ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - فاتن نور - لا أخلاقيات المعرفة التقليدية 2