أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فاتن نور - صور متخيلة لا تتحقق














المزيد.....

صور متخيلة لا تتحقق


فاتن نور

الحوار المتمدن-العدد: 7216 - 2022 / 4 / 12 - 03:08
المحور: كتابات ساخرة
    


لأن الحوزات العلمية إسم على مسمى، لصيقة بالعلوم؛ تعرف تمام المعرفة أن الامتناع عن شرب الماء لا يمكن أن يمثل حالة ‏صحيّة. ولا جدال في هذه الحقيقة، مهما حاولت البروباغاندا الرمضانية إظهار الأمر بشكل مختلف. وقد أخذت على عاتقها ‏بالإجماع، تصحيح اللبس الحاصل، بإطلاق فتوى علمية تتيح شرب الماء، لكونه عنصر أساسي وضروري لأداء الوظائف الحيوية ‏بشكل صحيح. ولا ينبغي في أي حال الامتناع عنه وقت الصيام‎.‎

وأوضحت بأن مفهوم الامتناع عن "الشرب" يخص السوائل التي تزوّد الجسم بسعرات حرارية، لكونها تحتوي على كربوهيدرات/ ‏دهون/ بروتينات/ سكريات. أما الماء فيخلو من السعرات الحرارية تماماً لخلوّه من هذه المواد بشكله الطبيعي. لذا تشجّع أنظمة ‏الحميّات الغذائية في العالم على شرب الماء. وليس الماء فحسب، بل مختلف أنواع السوائل الخالية من السعرات الحرارية والمفيدة ‏للصحة. لأنها حميّات مدروسة ومبنية على أسس علمية. كهذه الفتوى، المتخيّلة، التي تنطوي على رد ضمني على شبهة تعارض ‏العلم مع الدين، فيما يخص الصيام‎.‎

يبقى رمضان مدرسة كبيرة بالنسبة للمسلمين وإن المسلم خلال شهره الفضيل يكون على أهبّة الاستعداد النفسي والإيماني، للتعامل ‏مع محيطه الاجتماعي بأفضل ما اكتسبه من أخلاقيات إنسانية رفيعة، ووعي ديني يشحذ ويوجه سلوكياته وتعاملاته مع الآخر‎.‎
‎ ‎فالمسلم سبّاق دوماً لمراعاة مشاعر الآخرين، سواء كانوا مسلمين تاركين للفرائض أو غير مسلمين، وبعقل مستنير يرفض التماهي ‏والتظاهر ولا يعتبرهما فرض عين‎.‎
هذا لأن المسلم لا ينطلق من الخاص إلى العام أو من الجزئي إلى الكلي، في أموره الدينية وأمور دنياه. فلا يوظف هذا المنطق ‏الاستقرائي بفوقانية عقائدية. فهو لا يرى معتقده أفضل معتقد ظهر للوجود، ولا يرى شريعته أفضل شرائع الأرض والسماء ‏قاطبة. لأنه يدرك طبيعة انتقال المعتقدات في العالم من جيل إلى جيل بتلقائية وراثية، واختلافها باختلاف المواقع الجغرافية. ‏ومثلما ورث هو الإيمان بمعتقده واعتزّ به، ورث الآخرون بالمقابل إيمانهم بمعتقداتهم واعتزوا بها‎.‎
لذلك يحرص المسلم على عدم إرباك الساعة البيولوجية عند الآخرين بتغيير إيقاع الحياة العامة وممارساتها اليومية، فقط لأن ‏فريضته تحتم عليه تغيير إيقاع حياته وممارساته، وتزحيف أنشطته الغذائية إلى الغسق وحتى ظهور الخيط الأبيض من الأسود‎. ‎

يتبع المسلم حمية غذائية متوازنة تجعل صيامه منجزاً صحيّاً عظيماً، فليس من عاداته إنهاك جسمه بتناول الكربوهيدرات ‏والسكريات والدهون المشبّعة. ولا من أخلاقياته الإسراف في التنوع على مائدة الإفطار لسد اشتهاءاته النهارية. فالمسلم لا يعرف ‏التقتير ولا التبذير لأن الأثنين تطرف أخلاقي. والتطرف ليس من سمات المسلم‎.‎

ويحبّذ المسلم التنافس الحميد مع أخيه المسلم في المسائل الإيمانية والأعمال الصالحة. ويغيظه أن تكون طاقته الإيمانية في بلده ‏الإسلامي أقل من طاقة المسلم المغترب في بلدان الغرب الكافر، فهذا الأخير يصوم شهره بنفس الطاقة الإنتاجية في مجال عمله ‏فلا تسكّع ولا إهمال. وبقدرة إيمانية عالية تمكنه من مجابهة النهار بزخمه الطبيعي الحافل بالأطعمة والمشروبات والحركة والعمل ‏والترفيه والكفر‎.‎
لذلك يحرص المسلم في بلده على اكتساب طاقة إيمانية وقدرة مماثلة. فلا يلجأ إلى هدر نهاره الرمضاني بسلسلة من التثاؤبات ‏والقيلولات المتتالية. هكذا ترتفع معدلات الإنتاج العام في البلدان الإسلامية ارتفاعاً ملحوظاً خلال الشهر. المبارك بالتفاني ‏والإخلاص، والقدرة الاستثنائية في مجال العمل‎.‎

بعد أربعة عشر قرناً من الصيام جيلاّ بعد جيل، رسخ في ضمير المسلم واجب مساعدة الفقراء والمحتاجين، حتى صار هذا الخلق ‏النبيل روتيناً يومياً في حياة المسلم وعلى مدار العام. فمن يكفّ يده عن المساعدة أحد عشر شهراً ويبسطها في شهر، يزهق روح ‏الفريضة وعمقها الإنساني، بتقدير المسلم‎.‎
هكذا حطمّت الأمة الإسلامية، بمدادها الزمني الطويل، الرقم القياسي في مسح خط الفقر مسحاً مباركاً عن خرائط وجودها. حتى ‏نكاد لا نرى اليوم فقيراً أو محتاجاً أو متسوّلاً، ولا أطفال شوارع يكابدون التشرّد والضياع‎.‎

يبقى مبدأ المواطنة فوق كل اعتبار في العقلية الإسلامية، لأنه من أساسيات الدين الرافض للطائفية والمناطقية والشعوبية ‏والعنصرية، وغيرها من المفاهيم العقيمة المدمرّة لأي حضارة، أو معجلّة لفرج انحطاطها وسقوطها. والأمة المؤمنة كما نعلم، ‏تستخلص عادة من دروس التاريخ وعبره، كل ما ينير طريقها، فهي أمة حصيفة لا تُلدَغ من جحرٍ مرتين‎.‎
ولأن المسلم، من منطلق حرصه على هذا المبدأ العظيم، لا يهدر حق الأخرين في عيش نهارات طبيعية حافلة بالأرزاق؛ وتراه ‏يطالب أولياء الأمر بفرض قوانين رمضانية صارمة تحفظ حقوق غير المسلمين وغير الصائمين من المسلمين. وتحترم حرياتهم ‏وأساليب عيشهم. وتعاقب من تسوّل له نفسه المساس بها، بما يكفل مرور الشهر عليهم كبقية أشهر العام، بلا منغصّات إضافية أو ‏عراقيل مبتدعة‎.‎

هذا هو المسلم، منشرح الأسارير رغم مشاق الفرائض، لا يطاله حبق ولا عبس، هائم في عوالم الإيثار المبهرة، متوهج بالتراويح ‏الرمضانية والتسابيح والاستغفار، وغيرها من الفعاليات الإيمانية المنشطة للعقل والقلب والضمير‎. ‎
وهذه هي الروح الإسلامية المثابرة البنّاءة. تعيش اليوم عصرها الذهبي تحت ظلال حكوماتها الرشيدة، عصر الازدهار الحضاري ‏والارتقاء الفكري، وعلى أعتاب عصرها الماسي إن شاء الله، ستشهد الكثير من علامات النبوغ بين العصرين‎.‎



#فاتن_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يلوم الشمس
- لا أخلاقيات المعرفة التقليدية 2
- لا أخلاقيات المعرفة التقليدية
- مساحات 2
- محاولة الرائي
- الشيطان النبيل
- رهط من الرجال
- مساحات
- رقصة داليا
- سفر الأنثى
- ذلك الشيء
- التجميل في سوق العدم 2
- التجميل في سوق العدم
- مرايا
- كيف تكون وطنياً بلا حدود
- لا يأتي فجأة
- لا وقت عندي
- رسائل الصمت 2
- رسائل الصمت
- لتمسّك يدي


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فاتن نور - صور متخيلة لا تتحقق