أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - فاتن نور - مستشفى أم ملهىً ليليّ؟














المزيد.....

مستشفى أم ملهىً ليليّ؟


فاتن نور

الحوار المتمدن-العدد: 8533 - 2025 / 11 / 21 - 00:09
المحور: قضايا ثقافية
    


(عن أزمة التخطيط العمراني في العراق)

كثيرة هي المفاهيم الملتبسة في الواقع العراقي؛ من الديمقراطية والوطنية إلى الأغلبية السياسية التي تحولت بفعل الجهل إلى أغلبية طائفية، ومن الأعياد الوطنية التي مُسخت إلى أعياد طائفية، إلى مفهوم الدين وطبيعة علاقته بالمجتمع. لقد عُبث بهذه المفاهيم حتى تراجعت عن مكانتها الحضارية وانحدرت إلى أطر رجعية تجاوزها الزمن.
وفي هذا السياق، يتصدر التخطيط العمراني وتحديث المدن قائمة المفاهيم التي خلّفت تلوثاً حضارياً وبصرياً واضحاً، إذ أُهدرت أموال طائلة بعشوائية لم تعبأ بالبنى التحتية ولا بمبادئ التخطيط التي تُعنى أساساّ براحة الإنسان ورفاهيته.
من بعيد، بدا المبنى أشبه بملهى ليلي بواجهته المضيئة وشاشاته الإعلانية البراقة، ناهيك عن موقعه الملاصق لشارع رئيسي مكتظ. لكن المفاجأة أنه مستشفى شُيّد في موقع لا ينسجم مع وظيفته، ففاقم الزحامات بدل أن يخدم الناس، كغيره من منشآت احتلت التقاطعات والشوارع الرئيسية خارج أي رؤية حضرية.
وهنا يبرز السؤال: هل تحول التخطيط العمراني إلى فوضى بصرية تتأرجح بين الاستعراض الضوئي والتهميش البشري؟ وكيف أصبحت المباني مرايا تكشف تدهور الذائقة الجمالية وهشاشة الهوية المعمارية؟
ومن المسؤول عن غياب رؤية وطنية واستراتيجية عمرانية شاملة تحدد هوية المدن وتوجه نموها؟
لقد أصبح البناء فعلاً تجارياً وسياسياً لا عمرانياً، وانعكس غياب الوعي الجمالي والوظيفي على المشهد الحضري برمته. والعراق اليوم بحاجة إلى مرجعيات حضرية ومعمارية تعيد للأمكنة هيبتها وتمنح الإنسان انسيابية وراحة في حياته اليومية.
تكمن الأزمة في القرارات المرتجلة والمشاريع العشوائية الناتجة عن تضارب صلاحيات البلديات وهيئات الاستثمار والدوائر الهندسية، ضمن دولة مثقلة بالمحاصصة التي مكّنت غير المختصين من توجيه القرار. كما أن مفهوم “المدينة” يبدو غائباً عن وعي الكثير من الساسة الذين يرونها مجرد كتل إسمنتية محاصرة بالشاشات الإعلانية واليافطات التي تقتل ملامحها الأصلية.
فقدان البوصلة التخطيطية يعود لغياب التنسيق وتقديم المصالح التجارية على المبادئ العمرانية والصحية، فنتجت مدن مزدحمة وملوثة بصرياً وصوتياً، يختلط فيها الارتجال الاستعراضي بالوظيفة الإنسانية المفقودة. ولهذا صرنا نرى مستشفيات ومدارس أقرب إلى مراكز تجارية رخيصة، تعكس ذائقة المستثمرين لا حاجات المجتمع.
وتفاقمت الفوضى بسبب عجز الدولة عن تطبيق المسافات المعيارية بين المرافق الحضرية والشوارع والتقاطعات، وغياب أساسيات الخدمة كالمداخل والمواقف.
إن حلّ الأزمة ليس في مشاريع جديدة براقة دون دراسة مستفيضة، بل في رؤية حضارية متكاملة تنطلق من الإنسان وتعود إليه. فالتخطيط فعل أخلاقي ومعرفي يعكس وعي المجتمع بذاته، ولا يمكننا خلاف ذلك الحديث عن حضارة عمرانية وسط هذا التخبط والاستهتار العمراني الذي يهدد راحة الإنسان وحقه في مدن سليمة حضارياّ، خالية من التلوث العمراني، تيسّر له الحياة ولا تعسرّها.

November 20, 2025



#فاتن_نور (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هي ذاتك الجريحة
- اليسار وهشاشة التحالفات السياسية
- سيناريو الدوال
- الانتخابات والوهم الديمقراطي
- المحتوى الهابط بين الفرد والسلطة
- بين الكينونة والرغبة
- مساحات 5
- قصاصات الليلة الساخنة
- ثكلتكم أمهاتكم
- الخوار الوطني وركلات الجزاء
- دفاع شيطاني
- مساحات 4
- جهود
- المرجان الأزرق
- مساحات 3
- صور متخيلة لا تتحقق
- من يلوم الشمس
- لا أخلاقيات المعرفة التقليدية 2
- لا أخلاقيات المعرفة التقليدية
- مساحات 2


المزيد.....




- نتنياهو يشترط للانتقال إلى المرحلة الثانية ويتحدث عن القوة ا ...
- فيديو – فلسطينيون يشيّعون قتلى الغارات الإسرائيلية في غزة
- كييف تتسلم من واشنطن مشروع خطة لإنهاء الحرب.. وزيلينسكي يستع ...
- عقوبات أوروبية على المسؤول الثاني في قوات الدعم السريع بالسو ...
- فرنسا: تهديد عصابات المخدرات يوازي الإرهاب
- ماكرون - تبون: هل يتم اللقاء في قمة العشرين؟
- أوكرانيا: روسيا تؤكد سيطرتها على كوبيانسك وزيلينسكي يتسلم خط ...
- في سابقة من نوعها: روسيا تسلم الجزائر أول مقاتلتيْن شبح من ط ...
- هل يملك زيلينسكي جواز سفر روسيا؟
- فرنسا - الجزائر: وفد دبلوماسي فرنسي يصل إلى الجزائر في زيارة ...


المزيد.....

- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - فاتن نور - مستشفى أم ملهىً ليليّ؟