أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاتن نور - الانتخابات والوهم الديمقراطي














المزيد.....

الانتخابات والوهم الديمقراطي


فاتن نور

الحوار المتمدن-العدد: 8508 - 2025 / 10 / 27 - 00:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ويتجدّد السؤال ذاته في كل دورة انتخابية: هل ما نعيشه في العراق هو ممارسة ديمقراطية حقيقية أم مجرّد طقس سياسي يتكرر لتجميل وجه السلطة؟
هل غدت الديمقراطية شكلاً بلا مضمون,وصندوق الاقتراع مجرد ممارسة صورية وواجبا شكلياً لا قيمة له على مستوى الفرد والمحتمع؟
لنكن صادقين في قضايانا المصيرية، ولنقل بثقة عالية إن الديمقراطية في العراق أكذوبة كبرى من أكاذيب الزمن الباهت، حيث تم اختزالها إلى حدث انتخابي لإعادة إنتاج التبعية للزعامات: زعامات سياسية ودينية واقتصادية وميليشياوية.
وكلّنا يدري أن الأحزاب المهيمنة لا تخوض الانتخابات كمنافسين حقيقيين ببرامج مدروسة وبروح وطنية خلاقة، بل كـ”مُلّاك للسلطة” يتكاتفون من أجل توزيعها فيما بينهم ضمن إطارٍ مغلق من المحاصصة المقيتة، تحيل الانتخابات إلى آلية دورية لترويج الفساد وتسويقه، باستثمار صوت الناخب الذي يقف متأرجحًا بين طريق المشاركة في الانتخابات وطريق المقاطعة، حيث لا ضوء يرجّح أحدهما على الآخر، فكلاهما لا يؤمّن بقعة ضوء في نهاية النفق نحو تغيير حقيقي.
سألني بعض الأصدقاء، وكنا نناقش موضوع الانتخابات:
..هل أنتِ مع المشاركة أم المقاطعة، لاسيّما وأنتِ تعرفين جيدًا أن السلطة لا تستمد شرعيتها من صوت الناخب فحسب؟..
أجدني مع المقاطعة بصراحة، بشرط ان تكون مقاطعة حيّة ترتبط بخطاب نقدي صارم أو حركة توعوية بمقدورها إخراج العراق من حفرة الديمقراطية الإجرائية التي فرضها الاحتلال إلى ديمقراطية جذرية تبدأ من القاعدة الجماهيرية، لا من رأس السلطة؛ ديمقراطية لا تستمد شرعيتها الشكلية من الصندوق، بل من الإنسان الرافض للهيمنة، الذي يجرؤ أن يقول “لا” بفم ممتلئ، ويدرك تمامًا لماذا قالها وما وراء قولها من أهداف.
ولكن هل المشاركة تعني التواطؤ مع تدوير الفساد، والتعاون مع الوهم الديمقراطي الذي يمثل العمود الفقري للعملية السياسية التي أنتجها الاحتلال ؟
أم أنها ضرورة رغم قسوتها، لاسيّما أن الناخب يعيش حالة من الاحباط اليومي، حيث لا شواهد ملموسة تلوح في الأفق نحو تغيير حقيقي على مستوى الفرد والمجتمع والدولة؟
وهل المقاطعة، بدورها، تعني بالضرورة الانسحاب تحت ضراوة اليأس واللاجدوى؟
أم هي تعبير صارخ عن رفض هذا الوهم الديمقراطي والتمثيل الزائف الذي يمثل صلب الأزمة في العراق؟
الديمقراطية الحقة هي وعي جمعيّ بمفهوم الأغلبية في سياقاتها السياسية الصرفة، وفعل مقاوم ضد تسقيطها في قمقم الأغلبية ضمن سياقات طائفية أو عقائدية منغلقة.
الديمقراطية ليست نظام حكم فحسب، بل نمط تفكير جماعي ومسؤولية عامة.
كل حوار سياسيّ يصبح ممارسة ديمقراطية إذا تحرر العقل من الوصاية، وإذا تحرر الدين من الكهنوت وعاد إلى مجاله الروحي، وإذا فُصلت الطائفة والمعتقد عن الامتياز السياسي.
هل يمتلك الشعب العراقي اليوم مثل هذا الوعي، وقد داسته، على مدى عقدين من الزمن، عجلات التخريب الثقافي والأخلاقي في إطار عملية سياسية فاشلة منذ بدايتها، تراكم فشلها قيحًا في صدور العراقيين حتى يأسوا من جدوى هذه اللعبة التي يسمونها “انتخابات”، وهي في الحقيقة مهرجان للولاءات ليس إلاّ، حيث الصوت الانتخابي لا يُوزن ببرامجه التنموية وأجنداته الاقتصادية، بل بالانتماء الطائفي أو العشائري أو بالمنافع الانتهازية المباشرة.
العلاقة بين السلطة والفرد لم تعد علاقة مواطنة، بل علاقة ولاء وطاعة فقهية، بعد أن ذابت الحدود بين الفقه والدين، فصار الفقه دينًا، وهذا خلل معرفيّ خطير، إذ إن الفقه مجرّد اجتهاد في الدين، ولا يمكن فرضه كدين.
أخطاء أي عملية سياسية ممكن أن تصحح، ويمكن تجاوز اخفاقتها بالإرادة والمعرفة؛ الاصلاح ضروري للخلاص من حالة الفوضى والتخبط والإرتجال، وردم مستنقعات الفساد من رأس الهرم إلى قاعدته، وسدّ الفراغات التشريعية.
ولكن ماذا إذا كان الخلل بنيويًا كما في الحالة العراقية؟
هنا يبدو الحديث عن التصحيح والاصلاح محض ثرثرة فارغة ناجمة عن رثاثة فكرية، فيما تبرز الحاجة الملحّة إلى التغيير الجذري لإعادة بناء العملية السياسية من الأساس.
لقد أحسن من قال:
إذا ساسَك رمل، شيفيد تبني قصور
شيفيد القصر لو ساسه بيه خله

October 27,2025



#فاتن_نور (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحتوى الهابط بين الفرد والسلطة
- بين الكينونة والرغبة
- مساحات 5
- قصاصات الليلة الساخنة
- ثكلتكم أمهاتكم
- الخوار الوطني وركلات الجزاء
- دفاع شيطاني
- مساحات 4
- جهود
- المرجان الأزرق
- مساحات 3
- صور متخيلة لا تتحقق
- من يلوم الشمس
- لا أخلاقيات المعرفة التقليدية 2
- لا أخلاقيات المعرفة التقليدية
- مساحات 2
- محاولة الرائي
- الشيطان النبيل
- رهط من الرجال
- مساحات


المزيد.....




- السودان.. مستشار ترامب يوجه رسالة إلى -الدعم السريع- بشأن ال ...
- ليبرمان: نتنياهو كاد أن يفقد أعصابه ويُغمى عليه بعد تصريحات ...
- بتهم تجسس.. استدعاء خصم أردوغان المعتقل إمام أوغلو للتحقيق
- مدينة ميونخ الألمانية تصوت لصالح استضافة الألعاب الأولمبية ا ...
- الفاشر تصارع الحصار والجوع تحت القصف
- مقتل جنديين سوريين بهجوم قرب مدينة الباب شرق حلب
- طبيب لبناني ينقذ طفلا من الموت.. ويعيد وصل رأسه بجسده
- سفينة حربية أميركية ترسو على بعد 10 كيلومترات من فنزويلا
- وفاة الملكة الأم سيريكيت في تايلاند عن 93 سنة
- أميركا والصين تستبقان قمة ترمب- شي بمحادثات تجارية بناءة


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاتن نور - الانتخابات والوهم الديمقراطي