أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاتن نور - التهافت ضد الموسيقى














المزيد.....

التهافت ضد الموسيقى


فاتن نور

الحوار المتمدن-العدد: 8537 - 2025 / 11 / 25 - 23:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يتشدّق مسلمو اليوم بالحضارة الإسلامية متناسين أنّ مجدها لم يكن ممكنًا من دون حضور الموسيقى بوصفها جزءًا عضويًا من نشوء أي حضارة تحترم الإنسان. فالعصر الإسلامي الذي يفاخرون به، من بغداد إلى قرطبة، قام على علوم العقل والجمال وتعدديّة الفنون، وكانت الموسيقى في مركزه علمًا وفنًا وسلوكًا روحيًا يرتقي بالمجتمع.
التحامل على الموسيقى اليوم ينسف نصف ما يعدّونه “مجدًا إسلاميًا”، ويكشف جهلًا بالأساس الجمالي والمعرفي لذلك التراث. فقد قدّم أسلافهم للموسيقى ما يعادل علوم الصوت الحديثة: تحليل البُنى الصوتيّة، وتنظيم الإيقاعات، وتصنيف المقامات على أساس عددي، ولهذا عُدّت الموسيقى فرعًا من الرياضيات إلى جانب الحساب والهندسة والفلك، واحتضنها بيت الحكمة بوصفها علمًا لا لهوًا.
أمّا التحريم الأعمى الذي نشهده اليوم فهو مفارقة تاريخية وقطيعة مع ذلك التراث، ويقع خارج أي إطار حضاري أو ثقافي سليم، ويعكس في ذات الوقت سايكولوجيا دينية غير سويّة يُراد ترسيخها لتجفيف الوجدان الجمعي. فاختلاف الفقهاء قديمًا لم يجعل الموسيقى معيارًا للإيمان أو الكفر، ولم تتحوّل إلى سلاح سياسي للهيمنة كما هي الآن. والعراق مثال صارخ: ابتذال فني في العاصمة يقابله رفض للموسيقى في مدن صنعت تراثًا غنائيًا ثريًا. والمؤسف أنّ أغلب رجال الدين لا يفرّقون بين السياقات الفاسدة التي تُستهلك فيها الموسيقى وبين الموسيقى نفسها كجوهر فني عظيم بقيمته الجمالية والحضارية.
علماء العصر الذهبي… الفارابي والكندي وابن سينا وزرياب… كانوا موسيقيين أو منظّرين لها، وكتبهم تُدرَّس اليوم في الغرب بينما تُهاجَم في بلادهم بسرديات اجتهادية لا تستند إلى علم ولا دين. قصور بغداد ودمشق وقرطبة كانت مراكز موسيقية، والصوفية جعلت الموسيقى طريقًا للصفاء الروحي كما عند الرومي وابن عربي.
والسؤال: هل هذا العداء للموسيقى خروج عن نهج السلطة الدينية أم جزء منه؟ الإسلام لا يملك نصًا قاطعًا في التحريم، والتحريم محض اجتهاد لا يجب فرضه على المجتمع.
الخوف من الموسيقى سببه سلطتها الروحية العميقة؛ فهي تفتح القلب والخيال والعقل على عوالم أرحب، وهذا ما تخشاه النظم الدوغمائية التي تعيش على تجميد العاطفة وتجفيف الوجدان. ومن يجهل دور الموسيقى في بناء الحضارات، من سومر إلى أثينا إلى بغداد، لا يرى فيها سوى تهديد بدل أن يدرك أنّها ثروة إنسانية أصيلة لها ثقلها الحضاري الممتد في عمق التاريخ الإنساني.


November 25, 2025



#فاتن_نور (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مستشفى أم ملهىً ليليّ؟
- هي ذاتك الجريحة
- اليسار وهشاشة التحالفات السياسية
- سيناريو الدوال
- الانتخابات والوهم الديمقراطي
- المحتوى الهابط بين الفرد والسلطة
- بين الكينونة والرغبة
- مساحات 5
- قصاصات الليلة الساخنة
- ثكلتكم أمهاتكم
- الخوار الوطني وركلات الجزاء
- دفاع شيطاني
- مساحات 4
- جهود
- المرجان الأزرق
- مساحات 3
- صور متخيلة لا تتحقق
- من يلوم الشمس
- لا أخلاقيات المعرفة التقليدية 2
- لا أخلاقيات المعرفة التقليدية


المزيد.....




- الأردن: مقتل شقيقين من -حملة الفكر التكفيري- في -مداهمة- بال ...
- فخري كريم: أزمة الشرعية الطائفية.. مستقبل الإقليم.. و«ما يكس ...
- الداخلية السورية: جريمة زيدل جنائية وفشل محاولات إشعال الفتن ...
- مستشار الرئيس الإماراتي: تحرك ترامب لتصنيف الإخوان كمنظمة إر ...
- رأي.. بشار جرار يكتب عن قرار ترامب بحظر -أفرع- لجماعة -الإخو ...
- قرقاش يعلق لـCNN على قرار ترامب تصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إ ...
- ماذا بعد بدء واشنطن خطوات تصنيف الإخوان المسلمين منظمة -إرها ...
- -ضربة مالية-.. كيف يؤثر قرار ترامب على اقتصاد الإخوان؟
- خطة ترامب للسودان.. بولس يرفض “الشروط المسبقة” وقرقاش يهاجم ...
- تحويل سيارة استخدمها بابا الفاتيكان الراحل إلى عيادة متنقلة ...


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاتن نور - التهافت ضد الموسيقى